الخميس 28/مارس/2024

تصريحات الرجوب.. الدوافع ودلالات التوقيت!

تصريحات الرجوب.. الدوافع ودلالات التوقيت!

عبر تصريحات وصفت بـ”التوتيرية” حاول أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، إلهاء الساحة الفلسطينية عن حالة الانغلاق السياسي وفشل مشروع التسوية الذي تقوده حركته، وبوادر الانتفاضة التي تتأهب للانفجار في الضفة المحتلة.

الفجور في الخصومة الذي تبدّى في تصريحات الرجوب عبر فضائية من بيروت رأى فيه خبراء محاولة إلهاء وحرف الأنظار عن الحراك والتطورات الحاصلة في الضفة الغربية، حيث يتصاعد الغضب على عجز السلطة وإجرام الاحتلال.

وبحسب مراقبين؛ فإن الرجوب يحاول ترميم الأوضاع عقب حالة الاستياء الشديد لدى الفصائل والجماهير الفلسطينية من اللقاء الذي جمع رئيس السلطة محمود عباس مع وزير حرب الاحتلال “بني غانتس”، والتصريحات والمواقف التي صدرت بعد اللقاء والتي عدتها غالبية القوى الفلسطينية طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، ونكوصًا غير مبرر عن كل التوافقات والجهود لتوحيد الموقف الفلسطيني، خاصة مع تغول الاحتلال وقطعان المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، والهجمة الشرسة ضد الأسرى.

خداع الرأي العام
الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، عضو دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس، يرى أن تصريحات الرجوب أرادت فقط خداع الرأي العام، وجاءت من أجل التملق لبعض الجهات للضغط على فصائل فلسطينية لاستمالتها للمشاركة في المجلس المركزي.

ورأى المدهون، في تصريحٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الرجوب تجاوز كثيرا حينما هاجم حركة حماس على فضائية الميادين، مشيرا إلى أن حديثه كان فيه استغلال سيئ وتجاوز كبير لأدبيات الخطاب الوطني الفلسطيني الداخلي.

وقال: “الرجوب تعدى تعديًا ممجوجًا على رموز الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الأخ خالد مشعل (رئيس إقليم الخارج في حماس) عندما كذب عليه بأنه لم يدعُ إلى الوحدة”.

وذكّر بأن “خالد مشعل من أكثر الأصوات الداعية إلى الوحدة هو وقيادة حركة حماس، ودائما ساروا بخطوات واضحة وقدم رؤية وطنية وهو الذي شارك بالكثير من الحوارات وعلى رأسها اتفاقية 2011 في القاهرة”.

وتابع: “يبدو أن جبريل الرجوب له نية وسوء طوية في طرح اسم السيد خالد مشعل في هذا المضمار من أجل مغازلة بعض الجهات على حساب رموز الشعب الفلسطيني”.

وطالب المدهون، الرجوب أن يعتذر لحركة حماس وللسيد مشعل، وإلّا فإن اصطياده في الماء العكر لن ينجح، خصوصا أن حركة حماس تنظر إلى هذا التعدي منه أنه انتهاك لكل الأدبيات الوطنية وأدبيات خطاب الإعلام الوطني.

وقال: “إذا أراد الرجوب لعب دور مستقبلي في الحوارات الوطنية الأوْلى به أن يحسّن من سلوكه ومن خطابه خصوصا حينما يتحدث عن حركة حماس وحركات المقاومة”.
 
وأضاف: “الرجوب يعرف من هو المعطل الحقيقي للمصالحة، ويعرف من هو المتعاون والمنسق أمنيا مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن هو الذي ألغى الانتخابات التوافقية”.

وتابع: “كان الأولى بالرجوب أن يوجه خطابه لأبي مازن الذي ألغى الانتخابات، وإلى الأجهزة الأمنية التي تنسق مع الاحتلال الإسرائيلي لا إلى فصائل المقاومة الفلسطينية المتمسكة بثوابت شعبنا والقادرة على حماية قراره الوطني المستقل”.

خطاب مرتبك
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري: إن استغلال الرجوب المقابلة عبر الميادين للإساءة لحركة حماس وبعض قياداتها “لا يعكس أي وعيا أو حرصا وطنيا على ترميم العلاقة وبقاء التواصل”، مشيرا إلى أن التصريحات أساءت لشخصه وليس لحركة حماس؛ لأنها جاءت بعد لقاءات قريبة مع أعضاء من المكتب السياسي للحركة، وفق قوله.

ورأى أبو زهري، في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن “الرجوب قدم خطابًا مرتبكًا وغير متوازن، والإجابات لم تكن موفقة؛ فبدلا من أن تؤسس تصريحاته لمسار جديد من العلاقة، تسببت بأزمة جديدة، وهذا يعني أنه غير قادر على معالجة ملفات كبرى مثل ملف الوحدة الوطنية وملفات أخرى”.

وأضاف: “من يتابع من كثب تفاصيل المقابلة يجد أنه لم يقدم جديدًا، ولم يبادر لطرح أي مبادرة وطنية، ولم يستعد لتنفيذ الاستحقاقات الوطنية المتفق عليها، وإنما استغل الوقت لاستعراض بلا قيمة حاول خلاله تقديم حركة فتح على أنها قوة مؤثرة وفاعلة في المنطقة على الرغم من تراجع تأثيرها والثقة فيها في الشارع الفلسطيني، بدليل ما يحصل في الضفة من تطورات”.

وتابع: “الرجوب يحاول تقديم نفسه على أنه قائد وزعيم فتحاوي ملهم، لكنه في الوقت ذاته عاجز عن الاستفادة من كل الفرص التي قدمتها له حركة حماس وباقي القوى، وفشل في إقناع قيادة فتح وجمهورها بأي خطوة يمكن أن تؤدي لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، وهذا لأنه لا يملك قرار الحركة، ولا يتمتع بنفوذ قوي فيها، ويفتقد لجمهور كافٍ يؤهله لإحداث اختراقات جديدة”.

وقاد الرجوب المحادثات مع حركة حماس بداية عام 2021، والتي توصلت لاتفاق بإجراء الانتخابات وترتيباتها وكان المشهد إيجابيا قبل أن تنقلب حركة فتح بقرار رئيسها محمود عباس على كل التفاهمات وتلغي الانتخابات بعد استطلاعات رأي أكدت خسارتها المدوية فيها.

وأشار أبو زهري إلى أن هذه التصريحات تأتي عقب تنامي الغضب الشعبي ضد السلطة وجرائمها في الضفة الغربية، والتوجهات لإطلاق انتفاضة بوجه الاحتلال.

وزعم الرجوب في مقابلة تلفزيونية، أمس الثلاثاء: أن “الإخوان في حماس لا يوجد لديهم موقف واضح لجهة المضي نحو الشراكة الوطنية”.

وادعى أن “عقد المجلس المركزي، هو مدخل لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية كأرقى أشكال المقاومة والمواجهة للاحتلال، وأتمنى على حماس تقديم رؤية تؤهلنا وإياهم لقيادة الشعب الفلسطيني”.

وقال الرجوب: “قدمنا دعوة للفصائل الفلسطينية للمشاركة في اجتماعات المجلس المركزي، بهدف تأسيس حوار وطني”، حسب وصفه.

يذكر أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أعلن -الأحد الماضي- تأجيل اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني، الذي كان مقررًا انعقاده في 20 من الشهر الجاري، حتى إشعار آخر، بسبب “سفر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى خارج البلاد”!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات