الخميس 28/مارس/2024

في 2021.. تحوّلات جمة في مشهد الصراع مع المحتل

في 2021.. تحوّلات جمة في مشهد الصراع مع المحتل

عندما نرى علم فلسطين في راحات المنتخبات الرياضية العربية، وصور الأطفال الضحايا بنيران الاحتلال تظلل رؤوس الأشهاد في مدن وتظاهرات عالمية ندرك أن عام 2021م ليس كسابقه.

نبخسه القول عام 2021م إن قلنا إنه يشبه غيره من الأعوام في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فقد قفزت معادلة الميدان خارج نطاق التوقع وفضاء الممكن.

الدولة الأقوى في الشرق الأوسط والمؤثرة عالمياً في عدة مجالات مهددة بتعطيل حياتها الاقتصادية والاجتماعية في أي لحظة تحت ضربات مقاومة أدواتها متواضعة أمام عملاق القوة التدميرية “إسرائيل”.

النظر لنصف الكأس الممتلئ يثبت أن عام 2021م عام خاصّ بكل معاني الكلمة؛ فرغم التطبيع العربي ومكانة إسرائيل السياسية والاقتصادية المزهرة إلا أن هشاشة  جبهتها الداخلية وصفةُ عطّار لا تصلح ما فعله الدهر.

القدس أولًا وأخيرًا

تتجمد عقارب الزمن عند الحديث عن القدس المحتلة وهي تأسر مخيلة الأحرار من مسلمين ومسيحيين في كل العالم لمن فهم طبيعة المشروع الصهيوني القائم على التهويد والاستيطان والتفرقة العنصرية.

تنوع أدوات المقاومة الشعبية في التصدي للاحتلال أكسب الشعب الفلسطيني وقضيته زخماً جديداً بعد سنوات من غياب ملف فلسطين عن اهتمام ساحات شعبية وسياسية دولية خاصّة بعد مشاكل دول الربيع العربي وما خلّفته من كوارث وحروب.

ويؤكد مشير عامر -المحلل السياسي والمهتم بالإعلام الدولي- أن الطبيعي في صراع الفلسطيني مع محتله أن يقاومه، ومن غير الطبيعي الاستكانة لواقع الاحتلال، وهذا ما تعزز عام 2021م.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “القهر والتطهير العرقي وتدمير البيوت والاستيطان كان مكثفاً عام 2021م، وطبيعي أن يثور الفلسطيني ويقاوم في سياق توحّش المستوطنين ومحاولة اقتلاع الفلسطيني من أرضه”.

ما جرى عام 2021م يحمل قسطاً من بداية الانتفاضة الشعبية عام 1987م يومها حازت المقاومة الشعبية بالحجارة على مخيلة الشعوب وأنصار الحرية والإنسان وهم يشاهدون إسرائيل تهشّم عظام شبان وأطفال لمجرد إلقائهم الحجارة.

ويقول حسام الدجني -المحلل السياسي- لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إن المحطة الأهم في عام 2021م، كانت معركة سيف القدس؛ لأنها شهدت تحولاً في الصراع ووحدة موقف فلسطيني في غزة والضفة المحتلة وعرب 48”.

وحده الغضب وعودة القدس لتصدّر المشهد وهشاشة جبهة إسرائيل الداخلية وتظاهرات عرب 48 والاشتباكات في المدن المختلطة وزيادة الانتقاد لعدوان الاحتلال في الرأي الدولي لا تمر هكذا على كل صاحب لبّ.

الحكماء في السياسة الإسرائيلية يفهمون أن عام 2021م أشعل الشارة البرتقالية في المحظور الإسرائيلي فالكيان لم يتعرض لمجرد قذائف صاروخية موفقة الدقة، وإنما شهد غلياناً في المشهد أعاد للذاكرة السنوات الأولى من الصراع.

ذكاء وعجز

الذكاء الإسرائيلي منذ سبعة عقود في تشريع الاحتلال وفرض الهيمنة الإسرائيلية على الإقليم من خلال تفوق عسكري وأمني واقتصادي بدعم سياسي أمريكي مطلق لا يعد اليوم وصفة ناجعة.

كل ما فعلته “إسرائيل” منذ النكبة أنها كسبت الوقت لتأجيل الصدام، لكن مشهد عام 2021م والقذائف تسقط على أرض فلسطين جميعها والتظاهرات العنيفة والعامة والشاملة يشي أن لحظة الصدام الكبرى أكيدة ووشيكة.

ويشير المحلل عامر أن ملفات حصار وعدوان غزة وعدوان القدس والاستيطان والتهويد والتمييز العنصري مع عرب 48 تراكمت ليكون صاعق التفجير من القدس المحتلة.

ويبيّن المحلل عامر أن تطورات الصراع عام 2021م تدفع لمناقشة خطر وجودي حقيقي على مستقبل “إسرائيل”، وأن الظنون باستكانة جبهة غزة والضفة المحتلة بعد تقدم ملفات التطبيع أثبتت أن الفلسطيني يرفض الاحتلال، ويطالب بحقه.

انشغلت مخيلة العالم لقسط من الوقت بتطورات المشهد في فلسطين المحتلة بدرجات متفاوتة وعمّت مسيرات متضامنة مع الفلسطيني في عواصم ومدن مثل لندن ونيويورك وشيكاغو، وهذا مهم وغير متكرر.

ويرى المحلل الدجني أنّ حالة التفاعل والانزعاج من عدوان الاحتلال أثبتت قدرة المقاومة الشعبية وموقف الفلسطينيين كشعب في التأثير على الرأي العام الدولي.

ويتابع: “المقاومة منسجمة مع القانون ومشروعة بغض النظر عن موازين القوى، وقد فشل الاحتلال في ردع المقاومة، وهو قلق من انعكاس ذلك على أمنه”.

وقد ألهمت تجربة غزة المقاومة عام 2021م الشبان الغاضبين في الضفة المحتلة فكرروا مشاهد الإرباك الليلي، وتزامنت مسيرات حدودية بين غزة والضفة تعكس وحدة الشعور والمصير.

تقييم عام 2021م يعد فصلاً مهماً في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي نجحت فيه “إسرائيل” بالقفز عن محطات كثيرة في الصراع، لكنها وحّدت عن سوء تقدير الفلسطينيَّ داخل وخارج فلسطين في رفض احتلالها وعدوانها.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات