الجمعة 19/أبريل/2024

آفاق التصعيد مع غزة

ناصر ناصر

يرى معظم المراقبين في إسرائيل ومنهم المحلل الاستراتيجي عاموس هارئيل في هآرتس 24-12-2021 بأن الفجوات الكبيرة بين مواقف المقاومة والاحتلال في موضوع صفقة تبادل أسرى إضافة لانعدام وجود ضغط شعبي أو رأي عام إسرائيلي لصالح إنجاز الصفقة تمنع التقدم نحو هدفين استراتيجيين آخرين لأطراف المعادلة في غزة، وهما : المشاريع الكبيرة لإعمار غزة، والتهدئة طويلة المدى، بينما اعتبر أان آفاق تجاوز هذه الفجوات هي محدودة فيما يبدو، حيث يرى كغيره من المراقبين “بأن هامش المناورة في هذا المجال لحكومة بينت-لبيد هو ضيق ومحدود”، أضف إلى ذلك صواعق تفجير أخرى في جبهة غزة والموصوفة دوما بالهشة أو الهشاشة والقابلة للاشتعال في أي لحظة كممارسات الاحتلال والمستوطنين ضد الفلسطينيين في القدس والضفة والأسرى داخل السجون، وبالتأكيد فالاحتلال يتحمل مسؤولية أزمات المنطقة.

يتضح شيئاً فشيئاً أن أسباب التصعيد ضد غزة ما زالت قائمة وأهمها الحصار، ولا يعني هذا بأننا على أبواب جولة قتالية بالتأكيد ،إنّما تتزايد احتمالات ذلك رغم محاولات “الإطفاء” و”العلاج الموضعي” المحدود والهادفة لإدامة الوضع المأزوم في المنطقة ولكن تحت السيطرة الإسرائيلية ، فإيجاد حلول وعلى أي حال هو في الأغلب ضد سياسات الاحتلال الغاشمة ولصالح الشعب الفلسطيني المستضعف الذي يقع تحت نير الاحتلال وعدوان مستوطنيه.

قد يكون أحد أهم أسباب “إدارة الأزمة” هو الذهنية الإسرائيلية القائمة على العسكرية والمفاهيم الأمنية وضرورة وجود أو خلق تهديدات أمنية مستمرة وبعضها مبالغ به ،فالأمر يحقق فوائد جوهرية ومنها إنعاش “اللواصق” أو الروابط التي تتحكم بتماسك “مجتمع المستوطنة” المتعدد والمختلف ثقافيا وأيدولوجياً بصورة واضحة ،فالتهديد يوحّد ،”هدوء” يطلقون النار ، والتهديد يعزز القيادة “ضمن ظاهرة الالتفاف حول القائد في الأزمات” خاصة في ظل حكومة بينت-لبيد الهشة والمتناقضة جوهرياً من الناحيتين السياسية والأيدولوجية بين مكوناتها ، وعلى الطريق يمكن لمقاولي الأمن تحقيق المزيد من الميزانيات والأرباح المادية الضيقة وقد تكون استراتيجية “حروب مبم “المعركة ما بين الحروب” هي الأمثل في هذا السياق.

يدرك قادة الاحتلال أنّ مشكلة “إدارة الوضع المأزوم تحت السيطرة ” هي تزايد قدرات العدو الذي يواجهونه، أي المقاومة الفلسطينية ، وذلك من كافة النواحي الاستراتيجية والعسكرية والسياسية وقد ذاقوا شيئا من ذلك في جبهة “المعركة على الوعي” ، و”صراع الأدمغة” ، وإفشال المخططات والمبادرات الاحتلالية على العديد من الصُعد ، وهم يخشون ان تنتقل هذه الإنجازات لمجالات عسكرية وسياسية تقليدية قد لا تقل أهمية عن جبهة الوعي وميدان إفشال المخططات ، بمعنى آخر تمكن المقاومة من الإمساك والتحكم بزمام المبادرة العسكرية والسياسية وهو ما بدأت معالمه تلوح في الأفق منذ مبادرة المقاومة للدفاع عن الأقصى والشيخ جراح في مايو 2021 ، حيث تخشى إسرائيل هذه المرة مبادرة فلسطينية عسكرية لتعزيز احتمالات عقد صفقة تبادل أسرى.

هكذا إذًا تتزايد احتمالات تصعيد ومعها ضرورات الاستعداد والجاهزية الفلسطينية وما مناورات “درع القدس” في غزة عن هذا الأمر ببعيد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات