الخميس 18/أبريل/2024

الأسرى بـ2021.. نزيف مستمر وضوء بنفق الحرية وأمل بصفقة جديدة

الأسرى بـ2021.. نزيف مستمر وضوء بنفق الحرية وأمل بصفقة جديدة

يسدل عام 2021 أثوابه على معاناة متواصلة للأسرى بين استشهاد خلف القضبان لمرضى يصارعون الموت لعزل انفرادي لا ينتهي، إلى اقتحاماتٍ وقمع، وإضرابات فردية تبقى قضية الاعتقال الإداري مفتوحة، فيما لا يزال أحد الملفات الحساسة في الصراع مع الاحتلال ينتظر حلا.

تميز عام 2021 بحادثة نفق الحرية في سجن جلبوع، وبإرهاصات جادَّة حول احتمالية اقتراب صفقة تبادل للأسرى، وكذلك بالعدد الأكبر من الإضرابات الفردية مقارنة بالأعوام السابقة.

يقول قدري أبو بكر، رئيس هيئة شئون الأسرى لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إن النصف الثاني من العام الجاري كان قاسيا على الأسرى في سجون الاحتلال من حيث ظروف الاعتقال التي شهدت تصاعدا في وتيرة اقتحام الأقسام، وقمع الأسرى سيما بعد حادثة نفق الحرية في سجن جلبوع.

وأضاف أنه يوجد في سجون الاحتلال حوالي 4650 فلسطينيًّا، بينهم 200 طفل وقاصر، ونحو (540) معتقلا إداريًّا، و(32) أسيرة، في حين دخل الأسير كريم يونس عامه الأربعين في سجون الاحتلال، ونائل البرغوثي شارف على (44) عاما؛ لتسجل فلسطين وجود أقدم أسرى في العالم.

وأكد أن ملف الأسرى المرضى يبقى ملفا ساخنا، كان آخرهم الأسير سامي العمور الذي ارتقى شهيدًا بتاريخ 18/11/2021 ليلتحق بقافلة شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.

وحول تهديدات الاحتلال حول رواتب الأسرى، وما ترتب عليه من اقتطاعات من أموال الضرائب الفلسطينية، أشار أبو بكر إلى أن إنجاز فرز ملفات الأسرى على الدوائر الحكومية المختلفة شارف على الانتهاء، حيث إن غالبية الأسرى قد أنجزت ملفات تحويلهم من البريد إلى المالية.

نفق الحرية.. علامة فارقة

تعدُّ حادثة نفق الحرية والتي تمكن خلالها ستة أسرى من محافظة جنين من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع شديد التحصين من خلال نفق أرضي استمر حفره قرابة العام، الحدث الأهم في مسيرة الحركة الأسيرة لعام 2021، وأحد أبرز محطات الحركة الأسيرة منذ الاحتلال عام 1967.



وقد تمكن الأسرى الستة: محمود العارضة، ويعقوب قادري، وزكريا الزبيدي، ومحمد العارضة، وأيهم كممجي، ومناضل نفيعات، من الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة في السادس من سبتمبر/أيلول الجاري عبر نفق حفروه من زنزانتهم، بما بات يعرف بعملية “نفق الحرية” التي سببت حرجا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

وحشد الكيان فرقا أمنية وإمكانات هائلة لمطاردة الستة، وأعاد اعتقالهم في مواقع مختلفة خلال أسبوعين.

وبرز في حادثة النفق ظهور الملثم، وتعهده باسم كتائب القسام بأن يكون الأسرى الستة على رأس قائمة محرري صفقة التبادل القادمة.

يؤكد القيادي في حركة الجهاد الشيخ خضر عدنان لمراسلنا أنه ورغم أن جميع الأسرى الستة قد أعيد اعتقالهم؛ إلا أن رمزية العملية أكدت على أن الحرية هي عنوان نضال الفلسطيني، وسيبحث عنها بكل الوسائل، وأن هذه العملية ستدرس وستوثق في سجل حركات التحرر على مستوى العالم.

وشدد أن الاحتلال يعيش صدمة ستلازمه لفترة طويلة نتيجة ما حدث، بينما وجهت العملية رسالة للأسرى وللعالم أن الحرية استحقاق سيتم الوصول إليه في نهاية المطاف.

الأسيرات.. ألم يتعاظم

بحسب بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن 32 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منهن 9 أمهات، حيث شهد عام 2021 عديد حوادث مرتبطة بالأسيرات، منها حالة الأسيرة أنهار الديك التي شهدت تضامنا محليًّا ودوليًّا من أجل الضغط على الاحتلال للإفراج عنها لتضع مولودها خارج السجن، حيث تكللت الحملة بالنجاح، وأفرج عنها في (2/9/2021 ) قبل أيام من ولادتها، علما أنه، وعلى مر تاريخ القضية الفلسطينية، فإن 12 أسيرة تقريبا أنجبن خلال فترة اعتقالهن داخل سجون الاحتلال، في ظروف قاهرة، وغير إنسانية، ولا صحية..

وتقضي مجموعة من الأمهات الأسيرات، أحكاما بالسجن لسنوات، ومنهن: الأسيرة إسراء جعابيص المحكومة بالسجن 11 عاما، وفدوى حمادة وأماني الحشيم اللتان تقضيان حكما بالسّجن عشر سنوات، ونسرين حسن لست سنوات، والأسيرة إيناس عصافرة لـ30 شهرا، وإيمان الأعور لـ22 شهرا.

وتُشير الأرقام الموثَّقة لدى هيئة شؤون الأسرى إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ عام 1967 أكثر من 17 ألف فلسطينية، منهن فتيات قاصرات، وطالبات، وأمّهات، ومريضات، وجريحات، وحوامل.

تصاعد مقلق لاعتقال الأطفال

تشير بيانات نادي الأسير إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت 1149 طفلاً فلسطينيًّا منذ بداية عام 2021، وحتّى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فيما لا يزال نحو 160 طفلاً منهم يقبعون في سجون الاحتلال، وهم موزّعون على سجون عوفر والدامون ومجدو.

وبحسب البيانات، فإن سلطات الاحتلال اعتقلت نحو 19 ألف طفل فلسطيني منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول 2000، وتشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة، إلى أنّ ثلثي الأطفال تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب.

بدوره؛ قال محامي مؤسسة الضمير محمود حسان لمراسلنا إنهم رصدوا عديد حالات لاستخدام العنف ضد الأطفال المعتقلين، حيث تعرضوا للضرب، والإهانة، والصعق بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديد بإيذاء عائلاتهم، والتفتيش العاري، واستغلال الأوضاع الصحية لبعضهم ممن يعانون من أمراض مزمنة للضغط عليهم، وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها.

الاعتقال الإداري والإضرابات الفردية

بلغ عدد الأسرى المعتقلين إداريًّا في الفترة الحالية نحو 520 معتقلا، من بين نحو 4600 أسير خلال عام 2021، وارتبط الاعتقال الإداري بالإضرابات الفردية التي تصاعدت خلال عام 2021، ففي شهر أغسطس وأيلول الماضيين وصل عدد المضربين عن الطعام إلى 18، دفعة واحدة، 17 منهم رفضا لاعتقالهم الإداري، وغالبيتهم حققوا مطالبهم بوقف نزيف الاعتقال الإداري بحقهم.

ومن أبرز حالات الإضراب عن الطعام خلال العام 2021: هشام أبو هواش  الذي يواصل إضرابه المستمر منذ 105 أيام،  كايد الفسفوس والذي أضرب 131 يوما، مقداد القواسمي، 113 يوما، علاء الأعرج، 103 أيام، عماد الهريمي 61 يوما، وقافلة كبيرة سبقتهم، ومنهم علاء الريماوي، عماد سواركه، سائد أبو عبيد، مصعب الهور، ومهند العزة، وآخرون..

وفي (15/9/2021) ألغى (1380) أسيرا من ثمانية سجون إضرابا جماعيا كان مقررا بعد موافقة مصلحة السجون على مطالبهم، فيما تأججت السجون بالغضب على خلفية التنكيل الذي وقع على أسرى حركة الجهاد على خلفية عملية نفق الحرية.

يُعدُّ القيادي في حركة حماس الشيخ خالد الحاج، والذي قضى سنوات طويلة في الاعتقال الإداري لمراسلنا أن الاعتقال الإداري أحد أسوأ أشكال الاعتقال التي تجعل الأسير في دوامة لا متناهية من القلق والغموض.

رحيل نصير الأسرى وصفي قبها

لا يُذكر عام 2021 حول أحوال الأسرى دون الإشارة إلى رحيل القيادي وصفي قبها متأثرا بإصابته بكورونا في (11/11/2021) وهو الرجل الذي التصق اسمه بمناصرة الأسرى، إذ لا يذكر أنه تغيب وحتى خلال فترات مرضه عن فعاليات مناصرة الأسرى، وكان مأتمنا على قضيتهم، عدا عن أنه كان وزيرا لشئون الأسرى في الحكومة العاشرة.

وسمي عام (2021) عام الحزن لرحيل عدد من قادة الأسرى المحررين وأبرزهم القيادي أبو عاصف البرغوثي والذي رحل متأثرا بإصابته بكرونا في (25/3/2021) علما أنه قضى 30 عاما بسجون الاحتلال، والدكتور عدنان أبو تبانة، والذي رحل في ذات اليوم.

حراك غير ناضج لملف التبادل

على الرغم من تصريح القيادي في حركة حماس محمود الزهار، بأن الاحتلال غير جادٍّ في إنجاز صفقة التبادل، وبأن الفجوة ما زالت عميقة باتجاه إنجاز الصفقة، إلا أن عام 2021 كان الأكثر زخما منذ عام 2014 في الحراك نحو صفقة التبادل، حيث عزز ذلك نتائج معركة سيف القدس.

لكن حركة حماس أكدت في بيان لها في (18/10/2021) في ذكرى صفقة وفاء الأحرار،  أنها “على موعد قريب مع صفقة تبادل أسرى جديدة” مع الكيان، “بعد إجبار الاحتلال على الرضوخ لمطالب المقاومة”. وأضافت: “لا مناص أمام الاحتلال إلا تلبية مطالبنا والتعاطي معها لإنجاز الصفقة”.

وأوضحت: أن “قضية الأسرى تقف على سلم أولويات المقاومة، ولن يهدأ لها بال حتى ينال الأسرى حريتهم”. كما عدت الحركة “قضية تحرير الأسرى والعمل من أجلها، مسارا استراتيجيا لديها لا يمكن التراجع عنه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات