الجمعة 19/أبريل/2024

رباط الحمائل .. المقدسيون يتنافسون على نصرة الأقصى

رباط الحمائل .. المقدسيون يتنافسون على نصرة الأقصى

منذ أشهر قليلة جددت بعض الحمائل والعشائر المقدسية مبادرات الرباط الجماعي في باحات المسجد الأقصى لنصرته وحمايته من قطعان المستوطنين.

وبهذا الرباط تعيد العشائر الحياة إلى المبادرة التي أطلقها قبل سنوات رئيس الحركة الإسلامية في أراضي 48 الشيخ رائد صلاح للرباط الجماعي، ولاقت تفاعلاً واسعاً من العائلات والحمائل المقدسية في القدس والداخل المحتل.

وبالتزامن مع سلسلة الاقتحامات والاعتداءات الصهيونية والاستيطانية على المسجد الأقصى خلال الأشهر الماضية التي تخللها معركة “سيف القدس” التي ردت فيها المقاومة الفلسطينية بغزة على الاعتداء على الأقصى بضرب قلب الكيان الصهيوني، أعادت بعض الحمائل الفلسطينية إحياء مبادرة الرباط الجماعي لمواجهة تلك الاعتداءات الصهيونية، ومسيرات المستوطنين التي لا تتوقف ضد المسجد الأقصى.

وتتنافس تلك الحمائل فيما بينها للرباط الجماعي بحشد أكبر عدد من أبنائها للرباط في المسجد الدائم في ساحات المسجد الأقصى.

وتضم مدينة القدس المحتلة أكثر من 150 حمولة فلسطينية تتشارك وتتنافس للرباط في الأقصى.

أصل الفكرة

يقول المؤرخ والمحلل السياسي الفلسطيني جمال عمرو لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ هذه بالأساس مبادرة تاريخية منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مروراً بعهد صلاح الدين، وصولا إلى عصرنا الحالي، حيث عملت تلك العشائر على إحياء هذه السنة الحسنة بعد أن تربوا وتعلموا في مصاطب العلم في المسجد الأقصى عن فضل الرباط الجماعي والفردي للدفاع عن المسجد الأقصى.

وأوضح عمرو، أنّ هذه المبادرة باتت جزءًا عزيزًا من التاريخ الفلسطيني المقدس لم ينسها الفلسطينيون الذين يسعون إليها بكل قوة، داعياً إلى تعزيز هذه الثقافة لدى كل العوائل والعشائر والحمولات الفلسطينية في شتى أنحاء تواجدها.

ودعا المؤرخ الفلسطيني، إلى ضرورة أن تنهي العشائر الفلسطينية في مدن الضفة والداخل أي خلافات فيما بينها، وتتعاضد وتتوحد لمواجهة العدو الذي يغذي هذه الفتن الداخلية، ويريد تفرقة الفلسطينيين وتحييدهم عن قضيتهم الأم.

وأطلق الشيخ الأسير رائد صلاح عام 2007 مبادرة بعنوان “رباط الحمائل” بالتزامن مع ذكرى مرور 40 عامًا على الاحتلال الصهيوني للشطر الشرقي لمدينة القدس والمسجد الأقصى، وردًّا على محاولات الاحتلال هدم جزء من المسجد الأقصى، وهو المعروف باسم طريق المغاربة عام 2007، ومحاولات تحويل مسجد البراق إلى كنيس يهودي.

وتقوم فكرة المبادرة على توزيع أيام الأسبوع على كل منطقة في القدس كي يرابط أهلها في الأقصى، وذلك كله إلى جانب مسيرة البيارق التي كانت توفر الحافلات اليومية مجانًا لأهل النقب والجليل والمثلث والمدن الساحلية ليرابطوا يوميًّا في المسجد الأقصى، التي أطلقت عام 2000 على يد الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني التي حظرتها السلطات الإسرائيلية في تشرين الثاني من العام 2015.

وأطلق يومها على المشروع اسم: “برنامج رباط حمائل القدس الشريف في المسجد الأقصى”، على أساس أنه يوجد في القدس الشريف أكثر من مائة وخمسين حمولة توزع إلى مجموعات، كل مجموعة تضم عشر حمائل فقط، وترابط كل مجموعة يوما واحدا في كل شهر سوى أيام الجمعة والسبت.

وتعمل كل حمولة في كل مجموعة على استنفار رجالها ونسائها وكبارها وصغارها إلى المسجد الأقصى في يوم رباطها لرفد المسجد الأقصى يوميًّا بالمصلين صباح مساء لنصرة المسجد الأقصى.

رسائل سياسية

ويعتقد المحلل جمال عمرو، أنّ ما يجري هو تقدم في مسيرة التحدي لهذا الاحتلال ومستوطنيه، وخاصة أنّ هذا الرباط يتم باسم حمولة بأكملها تنافسها حمولات أخرى حتى لا يستفرد الاحتلال بحمولة دون أخرى.

ويضيف: “هذا الرباط العشائري هو ردّ عملي على الاحتلال وأذنابه الذي يريد أن يزرع الفتنة بين أبناء العشائر الفلسطينية، ويظهر هذا الرباط نقاء المجتمع الفلسطيني وصدق توجهه وحبه لقضيته”.

وتابع: “لا عذر لأي حمولة أو عشيرة الاستعراض بالسلاح على مجتمعها وأبناء شعبها، بل مطلوب منها تلبية نداء الرباط في الأقصى بشتى الطرق والوسائل، فالقدس ليست لمن سكنها بل لمن سكنت فيه”.

تفاعل مقدسي

ويقول مقدسيون لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إنّهم يستشعرون بمتعة الرباط وهم يتنافسون بين عشائرهم وحمولاتهم على الدفاع وحماية المسجد الأقصى بكل وقتٍ وحين.

وباتت صلاة الفجر في المسجد الأقصى موعدًا مثاليًّا في مكان أمثل لالتقاء أبناء العائلة الممتدة المقدسية، الذين يشدون الرحال إلى المسجد بالعشرات لتعظيم سواد عائلتهم، وجعلها المثل الأعلى بين عوائل القدس، وإكسابها شرف عمارة الأقصى.

وبعد تأديتهم لصلاة الفجر، يمكث أبناء الحمولة أو العائلة الواحدة للرباط حتى شروق الشمس، ثم يتناوبون لإعداد موائد الإفطار لجمهور المصلين والمرابطين من أبناء العائلة وغيرهم، ثم يتنقلون بين أروقة المسجد الأقصى للمشاركة في عمارة المسجد من نظافة وتطهير وتعطير المسجد بحثاً عن الأجر والثواب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات