الجمعة 29/مارس/2024

العفو الدولية: إسرائيل تمارس انتهاكات قمعية تمييزية ضد الفلسطينيين

العفو الدولية: إسرائيل تمارس انتهاكات قمعية تمييزية ضد الفلسطينيين

قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير موّسع: إن شرطة الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت مجموعةً من الانتهاكات ضد الفلسطينيين بعد حملة “قمعية تمييزية” شنتها ضدهم شملت اعتقالاتٍ جماعيةً، واستعمال القوة غير القانونية ضد متظاهرين سلميين، وإخضاع المحتجزين للتعذيب والمعاملة السيئة.

وأضافت المنظمة، في تقرير نشر على موقع الالكتروني، أن شرطة الاحتلال تقاعست عن حماية الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية، من الهجمات المتعمَّدة التي يشنها المستوطنون ضدهم، فرغم إعلانهم عن هجماتهم المحتلمة إلا أن شرطة الاحتلال لم تتدخل لوقفها.

ونقل التقرير عن نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية صالح حجازي قوله: “إن الأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية تقدّم صورةً دامغةً للتمييز والقوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة الإسرائيلية بلا رحمة ضد الفلسطينيين في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة”.

وأضاف: “يقع على عاتق الشرطة واجب حماية كل الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرة إسرائيل؛ سواء كانوا من اليهود أو الفلسطينيين. لكنْ عوضًا عن ذلك، فقد كان الفلسطينيون هم الغالبية الساحقة ممن اعتقلوا في حملة الشرطة القمعية بعد اندلاع العنف في الأحياء المختلطة للسكان”.

ويتابع بالقول: “أمّا القلّة من مواطني إسرائيل اليهود الذين ألقت الشرطة القبض عليهم فقد لقَوا معاملةً متساهلةً على نحو أكبر. كما يتابع اليهود المتعصبون تنظيم المظاهرات، في حين يواجه الفلسطينيون القمع”.

وأشارت المنظمة الحقوقية الأممية إلى أن باحثيها تواصلوا مع 11 شاهدًا، كما تحقّق مختبر أدلة الأزمات التابع لها من 45 مقطعَ فيديو وأشكالٍ أخرى من وسائط الإعلام الرقمية لتوثيق أكثر من 20 حالةً من انتهاكات الشرطة الإسرائيلية بين 9 أيار/مايو و12 حزيران/يونيو عام 2021. وقد أصيب المئات من الفلسطينيين في تلك الحملة، وقـُتِل صبيٌّ كان عمره 17 عامًا بالرصاص.

حملة قمع تمييزية
وأشارت المنظمة في تقرير إلى أنه “ومنذ 10 أيار/مايو، ومع امتداد المظاهرات إلى المدن التي يعيش فيها سكانٌ فلسطينيون داخل إسرائيل، اندلعت أعمالُ عنف في الأحياء المختلطة السكان. وقد أصيب العشرات بجروح، وقُتِل اثنان من مواطني إسرائيل اليهود ومواطنٌ فلسطيني. وقد تعرضت المقابرُ الإسلامية للتخريب”. 

وأضافت أنه “في 13 مايو/أيار، دُمّرت 90 سيارةً يملكها فلسطينيون في مدينة حيفا، وألقيت الحجارة على الفلسطينيين داخل بيوتهم. وفي القدس الشرقية، استمرّ المستوطنون الإسرائيليون في مضايقة السكان الفلسطينيين بعنف”.

وردًّا على ذلك، شنت السلطاتُ الإسرائيلية في 24 مايو/أيار “عملية القانون والنظام” التي استهدفت بالدرجة الأولى المتظاهرين الفلسطينيين. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية: إن الهدف من العملية “تصفية الحسابات” مع المتورطين، و”ردع” المزيد من الاحتجاجات.

وتنقل المنظمة عن مركز “مساواة”، وهو مؤسسة فلسطينية للدفاع عن حقوق الإنسان، فقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية بحلول 10 يونيو/حزيران أكثر من 2150 شخصًا، أكثر من 90 في المائة منهم فلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية في “إسرائيل” أو من سكان “القدس الشرقية”، كما ذكرت المنظمة أنه تم توجيه 184 لائحةَ اتهامٍ بحق 285 متهمًا.

وحسب مركز “عدالة”، وهو مجموعة أخرى تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، فقد قال أحد ممثلي مكتب الادعاء العام في 27 ايار/مايو: إن 30 مواطناً إسرائيليا يهودياً لا غير كانوا من الذين وُجِّهَتْ لهم اتهامات.

يُذكر أن غالبية الفلسطينيين المعتقلين احتجزوا لارتكابهم مخالفات من قبيل “إهانة شرطي أو الاعتداء عليه”، أو “المشاركة في تجمّع غير قانوني”، وليس بسبب الاعتداء العنيف على أشخاص أو ممتلكات، حسبما أفادت “لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل”.

وأردف صالح حجازي: “لقد تم تدبير حملة القمع التمييزية هذه كعملٍ انتقاميٍّ وترهيبي؛ بغية سحق المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، ولإسكات مَنْ يَجهرون بإدانة التمييز المؤسّسي والقمع الممنهج الذين تمارسهما إسرائيل بحق الفلسطينيين”.

استخدام غير قانوني للقوة ضد المتظاهرين
ووثّقت منظمة العفو الدولية استخدام شرطة الاحتلال القوةَ المفرطةَ و”غيرَ الضرورية” لتفريق الاحتجاجات الفلسطينية ضد عمليات الإخلاء القسري في “القدس الشرقية”، وكذلك في “الهجوم” (العدوان) على غزة. 

وتشير إلى أنه وعلى النقيض يستمر اليهود المتعصبون في تنظيم المظاهرات كما يحلو لهم. ففي 15 حزيران/يونيو، سار ألوف من المستوطنين والأشخاص المتعصبين اليهود على نحوٍ مستفزّ في الأحياء الفلسطينية في شرقيّ القدس.

وتؤكد روايات الشهود ومقاطع فيديو تمّ التحققُ منها أنه في مظاهرة خرجت في 9 أيار/مايو في المستعمرة الألمانية في حيفا، (شمال فلسطين المحتلة عام 1948) كانت مجموعة من نحو 50 متظاهرًا يحتجون سلميًّا عندما اعتدت الشرطة المسلحة عليهم، دون استفزازِهم إيّاها، وضربت عددًا منهم. 

وتضيف في 12 أيار/مايو، أصيب محمد محمود كيوان -وهو صبيٌّ كان يبلغ من العمر 17 عامًا- برصاصة في رأسه قرب مدينة أم الفحم (شمال فلسطين المحتلة عام 1948)، وتوفي بعدها بأسبوع.

وفي اليوم نفسه، فرّقت شرطة الاحتلال بعنف مظاهرةً سلميةً كانت تضمّ نحو 40 شخصًا في ساحة بئر سانت ماري في مدينة الناصرة، (شمال فلسطين المحتلة عام 1948)، دون أيّ سابق إنذار، واعتدوا جسدياً على الممحتجين، بحسب العفو الدولية.
 
كما استعملت الشرطة الإسرائيلية القوة غير القانونية في شرقيّ القدس المحتلة. ففي 18 مايو/أيار، أطلقت الشرطة الرصاص على جنى كِسواني وعمرها 15 عامًا في ظهرها عند دخولها بيتَها في حيّ الشيخ جراح، وكان قد حصل احتجاج قبل ذلك بساعات قليلة أمام منزل عائلتها.

وقال والدها محمد لمنظمة العفو الدولية: إن فقرات عمودها الفقري قد تهشّمت، وإن الأطباء لا يعلمون أن كانت ستمشي مجددًا.

ويُظهر مقطع فيديو تم التحققُ منه سقوطَ جنى كِسواني على الأرض لدى إطلاق الرصاص عليها من الخلف.

ويظهر مقطع فيديو آخر تم التحققُ منه شرطيًّا إسرائيليًّا يطلق مقذوفًا من بندقية خاصة بإطلاق قنابل يدوية منفردة من طراز “آي. دبليو. جي. إلـ. 40” نحو شخصٍ خارج كادر شاشة مقطع الفيديو، يتبع ذلك صوتُ صراخ.

عنف وتعذيب
وتتابع “العفو الدولية” تقريرها، أنه في 12 مايو/أيار، أطلقت الشرطة الإسرائيلية الرصاص على إبراهيم الصوري في وجهه أثناء استخدامه هاتفَه المحمولَ لتصوير الشرطة التي كانت في دورية في الشارع من شرفة بيته في مدينة يافا (وسط فلسطين المحتلة عام 1948).

وفي مقطع فيديو تم التحققُ منه، يُسمَع أحد عناصر الشرطة وهو يقول: “ما الذي يحمله؟” ويصيح إبراهيم الصوري ردًّا على ذلك قائلاً: “أنا أصوّر، أليس ذلك مسموحًا؟ أطلقوا الرصاص! كل شيء مسجّل!”. وفي وقتٍ لاحقٍ قال لمنظمة العفو الدولية: “لم أتصور أنهم سيطلقون الرصاص حقًّا! ظننتُ أنّ لديَّ حقوقًا، وأنني في مأمَن، في بلدٍ ديمقراطي”.

وتدل الصورُ التي استعرضها الطبيب الشرعي في منظمة العفو الدولية، والتقاريرُ الطبية على أنه تعرّض على الأغلب لإصابة برصاصة من فئة “مقذوفات التأثير الحركي” من عيار 40 ملم، وهو ما أدى إلى كسر عظام وجهه.

وقد وثّقت منظمة العفو الدولية كذلك التعذيبَ في مركز شرطة المجمع الروسي (المسكوبية) في مدينة الناصرة في 12 أيار/مايو. إذ قال شاهد عيان إنه شاهد قواتٍ خاصةً تنهال بالضرب على مجموعةٍ تضمّ ما لا يقلّ عن ثمانية معتقلين مقيّدين ألقيَ القبضُ عليهم خلال مظاهرة.

وقال الشاهد العيان: “كان الأمر أشبهَ بمعسكر أسرى حربٍ وحشيّ. كان رجال الشرطة يضربون الشبان بعِصِي مكانس، ويركلونهم بأحذية عسكرية حوّافها وأسفلها مغطاة بالفولاذ. وقد وجب نقلُ أربعةٍ منهم بسيارة إسعاف للعلاج، وقد كُسِرت ذراع أحدهم”.

قال محامي زياد طه، وهو متظاهرٌ آخر احتجز في مركز احتجاز كيشون قرب مدينة حيفا في 14 مايو/أيار: إن موكّله قد تم تقييده من معصمَيْه وكاحلَيْه إلى كرسي وحرِمانه النوم، لتسعة أيام.

التقاعس عن حماية الفلسطينيين 
ويؤكد تقرير “العفو الدولية” تقاعس شرطة الاحتلال عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي شنتها جماعاتٌ مسلحةٌ من اليهود المتعصبين، الذين غالبًا ما تُعلَنُ خُططُها مسبقًا. 

وتأكّدت منظمة “العفو الدولية” من 29 رسالةً نصيةً وصوتيةً من قنوات “تليغرام” مفتوحة و”واتساب”، حيث كشفت كيفيةَ استخدام هذين التطبيقين بين 10 و21 أيار/مايو لتجنيد رجال مسلحين، وتنظيم هجماتٍ على الفلسطينيين في المدن التي يقطنها خليطٌ من السكان اليهود والعرب، كحيفا، وعكا، والناصرة، واللّد.

وقد تضمّنت تلك الرسائلُ تعليماتٍ تتعلق بمكان وموعد التجمّع، وأنواع الأسلحة التي ينبغي استعمالها، بل وحتى الملابس التي يجب ارتداؤُها لَئِلاَّ يُخلَطَ بين اليهود المنحدرين من الشرق الأوسط والفلسطينيين العرب. وقد تشارَكَ أعضاءُ المجموعة صورًا التقطوها لأنفسهم وهم يحملون أسلحة ورسائل من قبيل: “الليلة لسنا يهودًا، بل نحن نازيُّون”.

وفي 12 أيار/مايو، تجمّع المئات من اليهود المتعصبين في متنزّه مدينة بات يام، (وسط فلسطين المحتلة عام 1948)؛ استجابةً لرسائل أرسلها حزب “القوة اليهودية” السياسي، وجماعاتٌ أخرى.

ويظهر في مقاطع فيديو تمّ التحققُ منها عشراتٌ من هؤلاء الناشطين وهم يهاجمون المصالح التجارية التي يملكها العرب ويشجّعون المهاجمين. وكان مِنْ مَنْ تعرّضوا للضرب سعيد موسى الذي دهسه أيضًا مهاجمون يهود بدراجةٍ نارية. ويواجه ستة إسرائيليين فقط الملاحقة القضائية بسبب ذلك الاعتداء.

كذلك حرّض السّاسةُ والمسؤولون الحكوميون على العنف. ففي 11 مايو/أيار، اندلعت “أعمالُ شغب” بعدما حشد عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب “القوة اليهودية” إيتمار بن غفير مؤيديها للقدوم إلى مدينة اللد ومدن أخرى، ودعت إلى إطلاق الرصاص على مَنْ يرمون الحجارة.

وقبْلها بيومٍ واحد، قُتِل موسى حسّونة برصاص مستوطن إسرائيليٍّ يهودي في مدينة اللّد أثناء أعمال عنفٍ بين سكان الأحياء المختلطة السكان. ويُظهر مقطعُ فيديو إطلاقَ الرصاص عليه عندما كان قرب مجموعةٍ من الفلسطينيين يقذفون الحجارة.

وألقى أبوه باللوم على رئيس بلدية المدينة، يائير ريفيفو؛ لقيامه بـ”استدعاء المتطرفين لشن هذه البلطجة”، في إشارة إلى بيانٍ وَصَفَ فيه رئيسُ البلدية ما يجرى في اللد بأنها مذبحةٌ ضد اليهود.

وقد أُلقِيَ القبضُ على أربعة مشتبهٍ فيهم على خلفية عملية القتل، لكنْ أُطلِق سراحُهم بكفالة بعدها بثلاثة أيام. وقد أدان وزيرُ الأمن العام الإسرائيلي، أمير أوهانا، الاعتقالاتِ على الملأ، واصفًا إيّاها بأنها “رهيبة”.

وفي مثال توضيحي على التمييز، ألقِيَ القبضُ على كمال الخطيب، وهو نائب قائد “الحركة الإسلامية الشمالية”، في 14 أيار/مايو، واتّهِم بالتحريض على العنف، وبدعم منظمة إرهابية بسبب تعليقاتٍ أدلى بها علنًا؛ أعرب فيها عن افتخاره بالتضامن مع الناس في غزة وشرقيّ القدس.

وقال: إن التغييرات في وضع الأماكن المقدسة في مدينة القدس أفْضَت إلى نشوب “العنف” بين الفلسطينيين واليهود.

وقالت مولي ماليكار، مديرة الفرع الإسرائيلي لمنظمة العفو الدولية: “إن تقاعس الشرطة الإسرائيلية باستمرار عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي تشنها جماعات اليهود المتعصبين، والافتقار لوجود المساءلة عن مثل هذه الهجمات لَهو أمرٌ مخزٍ ويدلّ على استخفاف السلطات بحياة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات