الخميس 28/مارس/2024

الحاج جلال والحفيدة اليتيمة.. الفقد والدمار.. والحسرة أيضًا!

الحاج جلال والحفيدة اليتيمة.. الفقد والدمار.. والحسرة أيضًا!

لم تفِق عائلة الثلاثيني التي تقطن حي الزيتون شرق مدينة غزة من صدمتها على وفاة ابنها البكر صبحي (25 عاماً) قبل نحو عامٍ ونيف، برصاصة طائشة وهو يجلس على سطح منزله برفقة أهله أدت إلى ارتقائه ترك فيها المجاهد الثلاثيني خلفه طفلةً يتيمة وحيدة، تحمّل جدها أبو صبحي رعايتها والاهتمام بها، حتى ابتليت العائلة بما هو أدهى وأمرّ.

المواطن جلال الثلاثيني (60 عاماً)، وهو والد صبحي قرر بعد رحيل نجله البكر أنّ يبني شقةً خاصة بالطفلة اليتيمة ووالدتها في منزلهم الذي يقطنونه في حي الزيتون شرق مدينة غزة، فكانت الطفلة ورغم سنها يعاملها جدها كأنّها فتاة كبيرة، تتولد مشاعر والحسرة والألم كلما أصبحت تعي أكثر وتنادي بكلمة “بابا” ولا يجيبها إلا جدها.

تدمير البيت
منذ بدء العدوان الصهيوني الحالي على قطاع غزة كان المواطن جلال يضع يده على قلبه مع كل استهداف للمقاتلات الحربية الإسرائيلية للبيوت السكنية الآمنة أو حتى الأراضي الزراعية، سيما أنّهم يقطنون شرق حي الزيتون المنطقة التي تكثر فيها اعتداءات قوات الاحتلال الصهيونية؛ فهي المنطقة الأقرب إلى الحدود الشرقية.

ومع فجر الثلاثاء 19 مايو الجاري وقع ما كان يحذره المواطن الثلاثيني، حيث وردت إليه اتصالات بضرورة إخلاء البيت تمهيداً لتدميره بالكامل، وما هي إلا دقائق حتى أطلقت طائرات الاستطلاع الصهيونية الحربية صاروخاً خلّف دماراً متوسطاً في أعلى البيت المكون من طابقين، فسارعت عائلة الثلاثيني وجيرانهم إلى تدارك ما يمكن استدراكه من احتياجات البيت قبل تدميره بالكامل.

لم يمضِ على الاستهداف الأول إلا أقل من نصف ساعة حتى عادت المقاتلات الحربية الصهيونية لتضرب البيت بعدد من الصواريخ الثقيلة لتحيله أثرًا بعد عين، وإلى ركام بعد عمارٍ وبناء.

موت الحسرة
عاد المواطن الثلاثيني أدرجه إلى بيته بعد أن تحول إلى كومة من الحجار دُفنت تحتها ذكرياته مع ابنه الشهيد وطفلته، وأولاده وزوجته، فاتخذ من ركام البيت مكاناً يجلس فيه بعد أن شعر بغصة كبيرةً في قلبه وهو يتابع ويشاهد أبناءه وهم ينتشلون ما يصلح من أغراض البيت الذي أفنى عمره وشبابه من أجل إعماره وتشييده.

مرّت الدقائق والساعات التي لحقت تدمير المنزل ثقيلة على قلب صاحبه جلال الثلاثيني وكأنّه بات يستشعر أنّه لم يبق له شيء في هذه الدنيا، وكأنّ استشعاره بذلك كان أمراً حقيقيًّا واقعاً.

توفي الحاج جلال، وهو يرقب بحسرة مشهد بيته المدمر، تاركاً من خلفه أسرته تعاني الأمرّين، مرارة دمار البيت من جهة، ومرارة فقده من جهة أخرى، لتعود حفيدته إلى اليتم من جديد بعد أن فقدت الوالد والجد والظهر والسند.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات