الأربعاء 24/أبريل/2024

مخطط هدم منازل وترحيل أهالي الشيخ جراح.. الأسباب والأهداف

مخطط هدم منازل وترحيل أهالي الشيخ جراح.. الأسباب والأهداف

يُعدُّ حي الشيخ جراح من أهم الأحياء السُكانية الفلسطينية في شرقي القدس المحتلة. أُنشئ الحيّ الحديث من الشيخ جراح، والذي يقطنه نحو 3000 فلسطيني، سنة 1865.

وبموجب اتفاقية وقعت بين وكالة أونروا والحكومة الأردنية، سنة 1956، تمّ استيعاب 28 عائلة فلسطينية هجرت من أراضيها الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

وبنت الحكومة الأردنيّة بيوتاً لتلك العائلات على أراض كانت مُؤجرة في السّابق لعائلات يهودية خرجت من الحي بعد النكبة، ومع مرّ السنين باتت هذه المنازل تضمّ 80 أسرة مؤلفة من أكثر من 550 فرداً.

ولحي الشيخ جراح مكانة دينية ورمزية وطنية، ويضمّ مقار العديد من البعثات الدبلوماسية، ومعالم معروفة مثل بيت الشرق وفندق الأمريكان كولوني والمسرح الوطني الفلسطيني.

ونظراً للموقع الإستراتيجي للحي بذلت جماعات المستوطنين جهوداً حثيثة في السنوات الأخيرة من أجل السيطرة على الأراضي والممتلكات لإقامة مستعمرات جديدة في الحي.

ويعاني الحي من انتشار البؤر الاستيطانية وأدوات المراقبة، ما يضع السكان فيما يشبه السجن، وخاصةً في المناسبات والأعياد اليهودية.

ويعيش الفلسطينيون فيه تحت خطر الترحيل الوشيك، وتحت ظروف اقتصادية صعبة، ويتعرضون لاعتداءات متكررة من المستوطنين.

وبدأت هذه المعاناة مع احتلال 1967؛ إذ أخذ المستوطنون يستولون تدريجيًّا على منازل الحي، ويقيمون بؤراً استيطانية.

وتركزت سياسات الاحتلال في شرقي القدس على إستراتيجيتين مركزيتين؛ تتمثل الأولى في تعزيز وجود أغلبية يهودية في القدس عن طريق إنشاء مستعمرات، في حين سعت الثانية إلى تحقيق الهدف نفسه عن طريق الحدّ من النمو السكاني الفلسطيني وتقليص أعدادهم.

ولم يتوقف الاحتلال عن استهداف حي الشيخ جراح، فمنذ بداية سبعينيات القرن الماضي، تحاول الجمعيات الاستيطانيّة ما تسميه “استعادة ملكية” العقارات التي كانت تسكنها عائلات يهودية قبل النكبة. وبالمقابل، لا يسمح للفلسطينيين اللاجئين في الشّيخ جرّاح بالمطالبة بأملاكهم التي أجبروا على إخلائها سنة 1948.

وفي التسعينيّات، طرحت بلديّة الاحتلال في القدس مشروع تهويد المنطقة التي يُسمّيها الاحتلال “الحوض المقدّس”، وهي تشمل البلدة القديمة بكاملها وأجزاءً واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها، ومنها حيّ الشيخ جراح. ومنذ سنة 2001، هناك تدفق واضح للمستوطنين إلى الحيّ، وقد نجحوا في الاستيلاء على عدد من البيوت وإخلاء سكانها.

وخلال المدّة القريبة الماضية، زاد حجم المضايقات والجهد المبذول من الجمعيات الاستيطانية الصهيونية، بدعم من الحكومة الصهيونية، بشكل كبير. ونتيجة لذلك فقد أكثر من 60 فلسطينيًّا بيوتهم، وما يزال هناك نحو 500 آخرون مهددين بالطرد بالقوة، ونزع الملكية والتهجير.

وخاضت العائلات المقدسية المهدّدة بالطرد من منازلها، صراعاً مريراً في المحاكم الصهيونية التي رفضت الأوراق الثبوتية التي قدمها السكان لدحض مزاعم الجمعيات الاستيطانية عن ملكيتها للأرض.

وتؤكد العائلات المقدسية أن المحاكم الإسرائيلية استندت في قراراتها المنحازة لمصلحة المستوطنين الإسرائيليين إلى وثائق مزورة غير صحيحة، وأنها تحكم دائمًا لمصلحة المستوطنين.

ومنذ 2009 أخلت سلطات الاحتلال ثلاث عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح، لمصلحة المستوطنين اليهود. وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2020 أصدرت محكمة صلح الاحتلال غربي القدس قرارين بإخلاء 7 عائلات فلسطينية من الحي، لمصلحة جمعيات استيطانية، وتنوي الآن إخلاء بقية العائلات.

ورفضت المحكمة استئناف تلك العائلات، وأصدرت في شباط/ فبراير 2021 قراراً ضدّ أربع عائلات، وفرضت عليهم تنفيذ الإخلاء في مهلة أقصاها مطلع أيار/ مايو 2021، في حين أمهلت ثلاث عائلات أخرى حتى آب/ أغسطس 2021 لإخلاء منازلها.

وفي الوقت الذي تصر فيه السلطات الصهيونية على قرارات الإخلاء ضدّ منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، صدقت بلدية الاحتلال على إنشاء موقع يتضمن نصباً تذكاريًّا في حي الشيخ جراح لجنود كتيبة في لواء المظليين في الجيش الصهيوني الذين قُتلوا خلال احتلال القدس في سنة 1967. وهذا يعني أن عشرات العائلات الفلسطينية في المنطقة ستواجه دعوى قضائية تطالب بإخلاء منازلهم، كجزء من مخطط استيطاني شامل في الحي.

مخطط هدم منازل وترحيل أهالي حي الشيخ جراح مرتبط بالإستراتيجية الصهيونية لتهويد المدينة وتغيير طابعها الإسلامي والعربي وفرض وقائع سياسية ضد القدس والقضية الفلسطينية. 

وأمام هذه التحديات، تبقى معركة الفلسطينيين مع الاحتلال تتركز في مواجهة أطماع الاحتلال الصهيوني على حي الشيخ جراح، ولفت الأنظار لما يتعرض له الحي من هجمة استيطانية شرسة، تهدد مئات الفلسطينيين، منهم عشرات النساء والأطفال.

وبالمقابل، يبقى السؤال الأبرز عن دور المنظمات والهيئات الأممية والدولية والمؤسسات الحقوقية ذات الشأن، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لإيقاف هذه المجزرة، والتدخل الفوري والعاجل للضغط على حكومة الاحتلال لمنع تهجير سكان الحي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات