الخميس 25/أبريل/2024

بالتهجير وهدم المنازل..الاحتلال يشوّه ديموغرافيا القدس

بالتهجير وهدم المنازل..الاحتلال يشوّه ديموغرافيا القدس

وحدها سماء المدينة المحتلة نجت من مخططات التهويد والاستيطان مؤقتاً، أما الأرض فتشهد حملة تشويه منظمة؛ لتبديل جغرافيا وديمغرافيا القدس المحتلة، على مرأى العالم بأسره.

“هدم منازل- سحب هويات- تهجير سكان- مشاريع استيطان”، وفي جعبة الاحتلال جديد ومتجدد؛ لإخفاء معالم عربية وإسلامية رافقت القدس المحتلة مئات السنين وتغتصب “إسرائيل” حرمتها الآن في رابعة النهار.

لا شيء يعيق القرارات “الإسرائيلية” بإخلاء المنازل الفلسطينية، وعدم تجميد أوامر شرقي القدس، وفق خطط “إسرائيلية” لعملية تدمير وتهجير واسعة ترتقى لجريمة التطهير العرقي، وفق التقديرات الحقوقية.

صحيحٌ أن حي سلوان والشيخ جراح الآن في عين العاصفة، لكن منطقة وادي الجوز دورها قريب على الطريق لاستكمال إفراغ المدينة من الوجود العربي والإسلامي وتحويلها خالصة نقيّة للمستوطنين.

قبل أيام رفضت المحكمة المركزية “الإسرائيلية” استئنافًا قدمته ثلاث عائلات فلسطينية من “الشيخ جراح” ضد قرار محكمة الصلح “الإسرائيلية” الصادر في 4 سبتمبر/أيلول 2020، بإخلاء منازلهم حيث سيدخل القرار حيز التنفيذ في أغسطس/آب 2021م.

وبالمثل ردت المحكمة المركزية الإسرائيلية يوم 10 شباط 2021، استئناف أربع عائلات من حي الشيخ، ضد قرار محكمة الصلح الصادر بحقهم في تشرين الأول 2020م.

تطهير وتهجير
لن تضحي العائلات المهجرة بقرارات قضائية إسرائيلية بصندوق ذكرياتها في القدس فقط؛ عائلات “الجاعوني- القاسم- الكرد- الصباغ” والقافلة تطول ستستقل قسراً قطار التهجير من جديد لخارج المدينة المقدسة.

ويؤكد سهيل خليلية -مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية “أريج”- أن التوقيت الحالي لما يمارسه الاحتلال مرتبط أساساً بالسكون الدولي تجاه ما يجرى في القدس، ويترافق مع جائحة كورونا والانتخابات الإسرائيلية والفلسطينية.

مطلع مارس الجاري أعلنت بلدية القدس عن إنشاء موقع يتضمن نصبًا تذكاريًّا في الشيخ جراح لجنود كتيبة لواء المظليين في الجيش الإسرائيلي الذين قُتلوا خلال عام 1967،  سيشمل بناء نقاط مراقبة ومدرج صغير.

ويمول المشروع “الصندوق الدائم لإسرائيل”، بتكلفة مليون شيكل، وهو يقع في قلب حي الشيخ؛ ما يعني أن عشرات العائلات الفلسطينية في الحي ستواجه دعاوى قضائية تطالبها بإخلاء منازلها، في إطار مخطط استيطاني واسع في الحي.

ويضيف الخبير خليلية لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “المشاريع الحالية مرتبطة بتهويد البلدة القديمة، وتركز على الشيخ جراح وسلوان بالتوازي مع فتح الطريق الأمريكي، وقريباً ستطال المخططات وادي الجوز لإزالة 200 محل تجاري وإقامة منطقة تكنولوجية جديدة”.


سهيل خليلية

وكان “فخري أبو دياب” -الناطق باسم لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات سلوان- أكد أن البلدية الإسرائيلية رفضت المخططات الهندسية التي طالبت سابقًا بتقديمها على مدار السنوات الماضية لوقف هدم الحي.

وأشار إلى أن البلدية تنصلت، وألغت الاتفاقيات السابقة مع المهندسين والمحامين ولجنة الحي بعدم هدم الحي، رغم التزام الأهالي بتقديم المخططات وتطويرها، وفتح الشوارع، وتخصيص بعض المواقع للبنية التحتية والمرافق العامة مثل المدارس والملاعب.

وبموجب هذا التطور، فإن 100 منزل يسكنه 1550 نسمة معظمهم من الأطفال والنساء في حي البستان يهددهم خطر التهجير القسري من القدس المحتلة.

واقع جديد
ولا يعد تهويد ومشاريع الاستيطان وتهجير السكان في القدس المحتلة مادةً جديدة لوسائل الإعلام، لكن تراكمية العدوان الإسرائيلي على المدينة المقدسة مكثّف في الأشهر القليلة الماضية بشكل لافت ومرتبط بواقع سياسي وقانوني في فلسطين المحتلة عامةً.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أشار في بيان صحفي أن عمليات الهدم الإخلاء تكرس سياسة ممنهجة، للتهجير قسرًا؛ ضمن محاولات تغيير الطابع الديمغرافي في المدينة المحتلة.

وشدد الأورومتوسطي على أن عمليات التدمير والترحيل غير القانوني للمدنيين تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة، وتشكل جريمة حرب بموجب البند الرابع من المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الصادر بروما في 17 يوليو/تموز 1998م.

ونبه المرصد إلى أن عمليات التدمير تتسم بالتمييز العنصري الذي تقترفه قوات الجيش الإسرائيلي؛ ففي الوقت الذي تضع قيودًا وعراقيل تحول دون حصول الفلسطينيين على تراخيص بناء؛ فإنها تستخدم عدم الترخيص ذريعة لتنفيذ الهدم مقابل السماح بإقامة مئات الوحدات الاستيطانية.

ويشير الخبير خليلية إلى أن مخططات العمل لم تتوقف يوماً، لكن الحراك للحديث عنها لا يظهر إلا عندما تدخل حيز التنفيذ الفعلي، وإن الاحتلال ينفرد بعامل المبادأة والفعل والمجتمع الدولي ساكن.

ويتابع: “لم يجر حراك دبلوماسي في ملف الشيخ جراح لوقف المخطط. هدف الاحتلال طرد الفلسطينيين لخارج القدس وتجميعهم في مناطق أخرى لتغليب وجود المستوطنين. الهدم وإخلاء المنازل ونقض العقود السكنية يزيل تاريخ وجود عائلات عريقة في القدس ثبتت لأجيال في حرب ديمغرافية متصاعدة”.

ومن المرجح أن يشرع الاحتلال في تبديل معالم منطقة وادي الجوز التجارية والسكانية بعد مخطط الشيخ جراح وسلوان بإخلاء 200 محل تجاري واستبدالها بمنطقة استيطان كاملة، وسيجد أصحاب المحلات التجارية وعائلاتهم أنفسهم خارج القدس.

تهويد ممنهج
ويشير د. محمود العجرمي، المحلل السياسي، أن مدينة القدس بشطريها عرضة للاستيطان منذ وقعت تحت الاحتلال عام 1967م، وأن أعمال تهويدها توجت بقرار من الكنيست عام 1980م عندما أعلن الاحتلال أن المدينة بكاملها عاصمة موحدة وأبدية لـ”إسرائيل”.


د. محمود العجرمي

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بعد احتلال القدس بدأ تغيير أسماء الشوارع وتكثيف هدم المنازل وسحب الهويات وسياسة ترانسفير للتهجير متواصلة لتغيير واقع القدس الجغرافي والديمغرافي. عدد المقدسيين يقل عن 30% مقابل 70% مستوطنين من سكانها”.

ولم يتبق من شرق القدس المحتلة سوى أقل من 10% يحاول الاحتلال تهويد أرضها وتهجير سكانها، وهي أعمال تكثفت مؤخراً بعد صدور قانون يهودية الدولة الذي استباح الضفة والقدس كاملة لخدمة الاستيطان.

ويتجاوز الاحتلال بمخالفات قانونية صريحة قرارات الشرعية الدولية التي نصت على وجود وضع خاص للقدس، ورغم أن القرار 181 الرامي لتقسيم فلسطين والقدس “شرقية وغربية” إلا أن الاحتلال احتل ما تبقى منها عام 67.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات