الجمعة 29/مارس/2024

الانتخابات الفلسطينية.. مباحة وسقفها مصالح شعبنا

د. عصام شاور

مع كل موسم انتخابات فلسطينية _وهي قليلة جدًا _ يخرج إخواننا في حزب التحرير بفتوى تحرِّم الانتخابات، وهذا يستهدف أنصار التيار الإسلامي لأنهم يلتزمون الأحكام الشرعية، ولكن غيرهم أقل التزامًا والدليل أن اتفاقية أوسلو تخالف شرع الله ومع ذلك يتمسكون بها. لذلك أحببت أن أسلط الضوء على هذه المسألة لتخفيف البلبلة التي تحدثها الفتاوى الحزبية التي تجانب الصواب.

في 14 ديسمبر 2005 أصدر حزب التحرير كتابًا بعنوان “الانتخابات التشريعية الفلسطينية واقعها والحكم الشرعي فيها”، وأنا علقت على الكتاب ذاكرًا الكثير من التناقضات التي احتوى عليها، وهنا سأكتفي فقط بردٍّ مختصر دون إطالة.

في صفحة 78 يقولون : إن الذين يبيحون الانتخابات بحجة القاعدة الشرعية “الأصل في الأشياء الإباحة” يلتبس عليهم أن الانتخابات هي فعل وليست شيئًا، فالشيء كالتفاح مثلًا لم يرد نص بتحريمه وأما القاعدة المتعلقة بالأفعال فهي ” الأصل بالأفعال التقيد بالحكم الشرعي ..انتهى الاقتباس من الكتاب”

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: “ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله”، ويقول عز وجل في آية أخرى: “قالوا يا مريم لقد جئت شيئًا فريًّا”، وقال عز وجل في آية ثالثة: “قال اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئًا نكرًا” صدق الله العظيم، وهذا يعني أن التفاح شيء وكذلك الفعل بحد ذاته شيء وما فعلته مريم شيء، وقتل النفس شيء، وهذا يؤكد أن عدم اعتبار الفعل من الأشياء يخالف اللغة العربية والقرآن الكريم ويثبت أن الحزب اجتهد في أمر لا يحتاج إلى اجتهاد وأخطأ فيه خطأً فظيعًا، وبذلك تكون القاعدة “الأصل في الأشياء الإباحة” صحيحة ولا تحتاج إلى إضافات حزبية.

علمًا بأن الحزب شارك في انتخابات كثير من البلاد العربية ومن أراد التفاصيل يمكنه مراجعة مقالي بعنوان “تناقضات حزب التحرير”.

هناك من يقول لماذا حرَّمت حماس الانتخابات في 1995 وأباحتها في 2006 وما بعدها؟ أنا أقول: إن حماس لم تقاطع الانتخابات التشريعية الأولى لأن الانتخابات محرمة شرعًا، ولكن عرفنا أن المطلوب من المجلس الأول التصديق على اتفاقية أوسلو ولذلك كانت المقاطعة نتيجة قرار سياسي وليس فتوى، وربما خرج بعض المحسوبين على حماس وقالوا إن الانتخابات محرمة ولكن تلك اجتهادات شخصية وعلى نطاق ضيق، ولذلك قررت حماس عدم المشاركة في الأولى وشاركت في الثانية وستقرر المشاركة من عدمها حسب ظروف كل انتخابات وليس لحزب أن يتدخل في القرارات السياسية لحزب آخر ولا يحق له أن يفسرها تفسيرًا خاطئًا، والقرارات السياسية ليست فتوى إلا إذا تضمنتها صراحة.

هناك من يدَّعي أن الانتخابات التشريعية سقفها اتفاقية أوسلو، وأنا أقول إن سقفها هي المصالح العليا للشعب الفلسطيني ومرجعيتها الدستور الفلسطيني وقانون الانتخابات، وقد حاولت الرئاسة ربط الانتخابات باتفاقية أوسلو ربطًا غير مباشر إضافة إلى مواد قانون الانتخابات لسنة 2007 ولكن أُلغيت في المرسوم الأخير لعام 2021 بعد ضغط من حركة حماس وبعض الفصائل كشرط للمشاركة في الانتخابات، وهناك إجماع فلسطيني أن اتفاقية أوسلو انتهت وماتت فلماذا يعتبرها الجميع ميتة إلى أن تأتي الانتخابات ويشارك التيار الإسلامي فيها؟ …وللحديث بقية إن شاء الله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات