الخميس 25/أبريل/2024

الجرائم داخل الأراضي المحتلة.. إجرام عصابات أم مخطط صهيوني منظم؟

الجرائم داخل الأراضي المحتلة.. إجرام عصابات أم مخطط صهيوني منظم؟

تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية جرائم القتل داخل المجتمع الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، تزايدًا مقلقًا، مع تكثيف الكيان الصهيوني للتصفية الجسدية لقيادات ورجال ذلك المجتمع، من قيادات حزبية وطنية وإسلامية، ورؤساء سلطات محلية؛ في مشهد تطهير لجميع القيادات المؤثرة فيه؛ بهدف إزالة التماسك المجتمعي والسياسي، وتشكيل حالة فراغ مصطنعة لملئها بشخصيات أخرى متواطئة معه.

وآخر هذه الجرائم ما حدث خلال كانون الآخِر/ يناير 2021، والتي استهدفت قياديين من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، أسفرت عن إصابة القيادي في الحركة، ومسؤول ملف القدس والأقصى داخل الحركة، ورئيس بلدية أم الفحم الأسبق سليمان اغبارية بجروح خطيرة بعد تعرضه لإطلاق نار، في 7/1/2021، واغتيال مسؤول الحركة الإسلامية في مدينة يافا الشيخ محمد أبو نجم في 24/1/2021.

 فلا يكاد يخلو شهر إلا ويطفو على السطح خبر مقتل العديد من فلسطينيي 1948، في جرائم  أسبابها متعددة، تقف وراءها عصابات ومافيات قتل مُنظمة ومأجورة، بالإضافة إلى فوضى السلاح التي تجتاح وسط فلسطينيي 1948.

يترافق ذلك مع غياب كامل للشرطة الصهيونية في ملاحقة مرتكبي الجرائم، وغضّ النظر عنها داخل مجتمع فلسطينيي 1948، ما يتسبب باستفحالها.

وهذا يدفع للشك في الدور الذي يمكن أن يكون لشرطة الاحتلال في تلك الجرائم، مع وجود الكثير من القرائن التي تؤكد وجود علاقة مباشرة بين عصابات الجريمة وقيادة الشرطة، وتوفيرها الغطاء الكامل لها.

وفي حين نجحت شرطة الاحتلال في تفكيك معظم العصابات والمافيات في الوسط اليهودي، وقضت على معظمها، بما في ذلك عصابات المخدرات، يسود انطباع بين فلسطينيي 1948 أن تصاعد الجرائم هو جزء من حلقة استهداف تتورط فيها دوائر استخباراتية صهيونية، وهو جزء من حالة مقصودة من أجل إغراق فلسطينيي 1948 في أتون الجريمة التي تجعله يفقد أمانه الشخصي.

وبيّنت معطيات صهيونية عن السنوات 2014 حتى منتصف 2017، أن نسبة ضحايا جرائم القتل في “الوسط غير اليهودي” تعادل خمسة أضعافها في الوسط اليهودي.

وفي واحدة من أكبر المؤامرات التي يتعرض لها فلسطينيو 1948، في محاولة لتفتيتهم وتقسيمهم طائفياً، والعبث بتناقضاتهم، وخاصةً بعد هبّة القدس والأقصى والانتفاضة الثانية؛ تستفحل الجريمة من عام إلى آخر.

وأظهرت المعطيات أن عدد ضحايا جرائم القتل في أوساط فلسطينيي 1948، في ارتفاع مستمر وكبير، في موازاة تصاعد تقاعس الشرطة الصهيونية.

فمنذ سنة 2000، قُتل أكثر من 1 700 شخص من فلسطينيي 1948، نتيجة تلك الجرائم. ومنذ مطلع العام الجديد 2021، وفي غضون أقل من شهر، قتل ستة من فلسطينيي 1948، بالإضافة إلى مقتل أربعة مقدسيين، في جرائم مختلفة.

وفي حين حددت الأمم المتحدة مقتل 10 أشخاص في كل مليون شخص كحدّ طبيعي، فإن الأرقام تشير إلى سقوط 46 قتيلاً في كل مليون داخل مجتمع فلسطينيي 1948.

وأظهرت المعطيات أن عدد الضحايا ارتفع ارتفاعًا كبيرًا خلال سنة 2020 مقارنةً مع السنوات الماضية، وبلغ 111 شخصاً (100 من فلسطينيي 1948، والباقي من شرقي القدس والجولان)، وقدمت الشرطة الصهيونية نحو 30 لائحة اتهام فقط في تلك الجرائم.

وقُتل 94 فلسطينياً في سنة 2019، وقدمت الشرطة لوائح اتهام ضدّ 39 مشتبهاً به فقط. وفي سنة 2018 قُتل 76، وفي سنة 2017 قُتل 72، في سنة 2016 قتل 64، وفي سنة 2015 قتل 58 شخصاً من فلسطينيي 1948.

وفي دليل واضح على تقاعس الشرطة الصهيونية الكبير في مواجهة استفحال الجريمة في مجتمع فلسطينيي 1948؛ قدمت الشرطة الصهيونية 1548 لائحة اتهام فقط، بعد اعتقالها 5713 مشتبهاً به في جرائم إطلاق نار وحيازة أسلحة، خلال سنة 2020.

وخلال سنة 2019، اعتقلت الشرطة أكثر من 4200، نحو 90% منهم من فلسطينيي 1948، وقُدِّمت 1120 لائحة اتهام بحقّ ضالعين في هذه المخالفات، وما تزال مئات الملفات الأخرى قيد التحقيق أو على وشك تقديم لوائح اتهام.

وأشار النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي أن 90% من السلاح داخل مجتمع فلسطينيي 1948 مصدره الجيش الإسرائيلي، مشدداً على أنه “حين يكون الضحية عربياً، فإن الشرطة الإسرائيلية تتعامل بعدم اكتراث، ولكن حين يكون ضحية الجريمة يهودياً يكون الوضع مختلفاً تماماً، وهنا تمكن العنصرية”.

ولكنه أكد أن مجتمع فلسطينيي 1948 يتحمل مسؤولية في مواجهة ذلك، وألا يسمح لأقلية إجرامية أن تغرق المجتمع بهذه الجرائم المتكررة.

وفي حين تتحدث الحكومات الصهيونية المتعاقبة عن “الحل السحري” للتعامل مع تزايد هذه الظاهرة، عبر إقامة محطات للشرطة في البلدات العربية، بيّن تقرير أن عدد جرائم القتل في غالبية البلدات العربية التي افتُتحت فيها مراكز للشرطة خلال السنوات الأخيرة قد ارتفع، بدل أن ينخفض.

ومن الواضح أن هدف هذه الجرائم المنظمة التأثير في الهوية الوطنية الفلسطينية وتفتيت المجتمع وإغراقه بالمشاكل وإشعار المواطنين بعدم الاستقرار والخوف… والتأثير السياسي من خلال إنهاك المجتمع وإثبات فشل قياداته.

وفي مختلف الأحوال كانت القوى والروابط المحلية تتحرك لمعالجة الأحداث ومكافحة الجريمة… وتحتاج هذه الجهود إلى تفعيل دائم ودعم متعدد بهدف الحدّ من مخاطر هذا المخطط.

(الأرض ميديا)

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات