السبت 20/أبريل/2024

في الانطلاقة 33.. حماس بين أولويات العمل ومستقبل الصراع

في الانطلاقة 33.. حماس بين أولويات العمل ومستقبل الصراع

ترفع حماس أعلاماً حمراء في صراعها المستمر مع الاحتلال، وهي تحتفل بذكرى انطلاقتها الثالثة والثلاثين؛ فالثوابت والحقوق الفلسطينية لا تسقط بالتقادم وتغير معادلات الإقليم يدفعها للمرونة، ولا يجبرها على تبديل برنامجها الوطني.                          

وتعدّ حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التي انطلقت عام 1987م من أهم حركات التحرر في الإقليم وفصائل العمل الوطني الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة وخارجها التي تتبنى نهج المقاومة الشعبية خاصّةً الكفاح المسلح في مقارعة الاحتلال.

وتعمل حماس -التي تقود المشهد السياسي والميداني في قطاع غزة- وفق أولويات وطنية ومقاومة تشدد على أهمية الوحدة الفلسطينية وإصلاح المرجعيات الوطنية والتمسك بالعمق العربي والإسلامي معلنةً اعتماد الكفاح المسلح في معركة التحرير.

ويجدد قادة حماس في ذكرى انطلاقتها هذا العام رسائلهم للمجتمع الفلسطيني والدولي بأنها حركة تحرر وطني مشروعة تسعى لتحرير الأرض والإنسان من عدوان الاحتلال وتتمسك بثوابت معلنة لا تمل الحديث عن عدالتها القانونية والإنسانية.

أولويات العمل

هناك جديد يقال وقديم يعاد عند الحديث عن أولويات حركة حماس في عملها الوطني والسياسي في ذكرى انطلاقتها 33؛ إذ ثمة ملفات فلسطينية تتعلق بالعمل الوطني الفلسطيني المشتت وأخرى حول موقفها من محيطها الإقليمي وسط تنكّر الاحتلال للحقوق والثوابت الفلسطينية.

ويؤكد محمود الزهار، القيادي البارز في حركة حماس، أن ترتيب البيت الفلسطيني لا يزال في المرحلة الحالية أولوية لحماس تتقدم على الأولويات كافة وسط حالة العدوان الإسرائيلي المستمرة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “نسعى لحماية المجتمع والوطن الآن ومستقبلاً ولا يمكن إنجاز وحدة مع تواصل تنسيق أمني مع الاحتلال الذي يتناقض مع مشروع المصالحة الوطنية”.

انطلاقة حماس قبل 33 عاماً من قطاع غزة كفصيل وطني رافقه القيادي الزهار من لحظته الأولى امتد للضفة الغربية والداخل المحتل وتطوّر عمله في عدة مستويات إدارية وسياسية وتنظيمية.

ويتابع: “شغلت منصب وزير خارجية لفترة في الحكومة، وزرت أقطاراً عدة، وناقشنا فتح آفاق في مشروع إدارة دولة بعد فوز كبير لحماس في انتخابات محلية وتشريعية”.

ونجحت حماس طوال 33 عاماً في الجمع بين عملها على عدة مستويات سياسية وعسكرية وإدارية كفصيل وطني فتي يشكل رأس الحربة في معركة التحرير الممتدة مع الاحتلال.

ويقول إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس: إن ملف الشراكة الفلسطينية في العمل الوطني والمقاومة يشغل الآن رأس أولويات حماس، مذكراً بتجربة مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار في العامين الماضيين.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لدينا أولوية عمل موحد تجسّدت في غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة انسجاماً مع معركة التحرير الكبرى وتطويراً لأدوات المقاومة بتنسيق مع كل الفصائل التي ردت بإجماع عقب كل عدوان”.

كما تواصل حماس -حسب رؤية القيادي رضوان- تجسيد أولوياتها في العمل السياسي من خلال لجنة المتابعة الداخلية والعمل المشترك مع جميع فصائل المقاومة والمجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية بواسطة الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار. 

وشهدت ساحة غزة لقاءات متكررة مع وفود دولية وعربية أهمها الوسطاء من قطر ومصر والأمم المتحدة شاركت فيها حماس موحدةً مع بقية الفصائل لتصدير مواقف في ملف غزة المحاصرة.

ولا تزال المصالحة الوطنية تعيش مخاضاً وخلافات موضوعية بين عدة فصائل، لكن حماس -وفق حديث القيادي- رضوان قدمت مرونة كبيرة ثابتةً على موقفها الرافض للتطبيع مع الاحتلال والتنسيق الأمني، واعتماد مبدأ إصلاح المرجعيات الوطنية التي جرى الاتفاق والحديث عنها مراراً ولم تطبق أي من اتفاقاتها.

وتطرح حماس وبقية الفصائل شعار الوحدة الوطنية أولويةً في سياق صفقة القرن وخطة ضم (سلب) الضفة المستمرة، والتي ترى فيها حماس مخرجاً وحيداً للتصدي لعدوان الاحتلال في زمن التطبيع لإقامة إستراتيجية وطنية فلسطينية شاملة.

وتشغل قضية الأسرى أهم أولويات حماس إلى جوار إنهاء الانقسام، وقد أعادت طرح وثيقة معدلة عن رؤيتها السياسية للصراع مخاطبةً الرأي العام السياسي دولياً وإقليمياً لشرح إستراتيجيتها في العمل الوطني.

ويلخّص حسام بدران القيادي في حركة حماس أولويات الحركة بعد 33 عاماً مضت على انطلاقتها في 3 محاور؛ أولها الحفاظ على الثوابت الوطنية للقضية الفلسطينية، وعلى رأسها تحرير جميع أرض فلسطين دون الاعتراف بكيان الاحتلال المعتدي.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “دعم الاحتلال إقليمياً ودولياً لن يغير من الحق الفلسطيني في أرضه والثبات على مواقفه السياسية والفكرية التي انطلقت من أجلها حماس، وهي محل إجماع فلسطيني إضافة للتأكيد على وحدة المواقف في الداخل والخارج”.

استمرار العمل لتوحيد الصف الفلسطيني تحت راية المقاومة وتواصل الحوار الفلسطيني أينما وجد الفلسطيني على مستوى الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني والمستقلين والنخب، أولوية ثانية يراها فيها القيادي بدران لاعتماد آليات مقاومة الاحتلال.

ويتابع: “نسعى لشراكة في القرار السياسي دون انفراد أحد وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتضم الكل الفلسطيني أينما وجد وصولاً لإستراتيجيه وطنية في هذه المرحلة والحفاظ على العمق العربي والإسلامي وسط هرولة أنظمة نحو التطبيع”.

ويرى قادة حماس أن تطبيع أنظمة عربية مع الاحتلال بات مهدداً للأمن القومي العربي، وأن الحفاظ على التواصل مع نخب العرب والمسلمين السياسية والفكرية هدفه تعديل بوصلة الصراع.

الحاضر والمستقبل

ورغم تجربة حماس الفتيّة في العمل الوطني وبلوغها الثالثة والثلاثين من عمرها إلا أن ظروف عملها المحلية والإقليمية تمضي في مشهد سياسي معقد، وهي تعمل كحركة تحرر تتمسك بالثوابت الفلسطينية وسط تراجع وتغير معظمه سلبيًّا في محيطها تجاه قضية فلسطين. 

وحافظت حماس على مسافة واحدة في خطابها السياسي وفكرها المقاوم وهي تخاطب المجتمع الدولي وأطراف الإقليم دون تدخّل في شؤون أي دولة، مشددةً على حقها في تحرير أرض وإنسان يسعى لنيل حقوقه وتقرير مصيره، داعمةً رؤيتها بقرارات ومواقف دولية كشفت عدوان الاحتلال المستمر. 

النضج الذي وصلت له حماس كفصيل وطني فلسطيني يعد حالة فريدة -حسب رؤية د.محمود الزهار القيادي البارز في حماس- وهي تتنقل بين عمل خيري واجتماعي وإسلامي وصولاً للمؤسسات والجمعيات ثم دخول الانتخابات والنشاط السياسي والمقاومة.

ويقول الزهار: “تطور حماس كفصيل مقاوم جعلها رقماً صعباً لا يمكن تخطيه محلياً وإقليمياً، ورسالتي هي ضرورة تقويم منظمة التحرير الفلسطينية ومرجعيات الفلسطينيين لمواصلة معركة التحرير واستعادة الحقوق”. 

أما رضوان -القيادي في حماس- فيشير إلى أن ذكرى انطلاقة حماس مناسبة مهمة لإعادة رسالة حماس بضرورة إنجاز المصالحة وتطبيق جميع الاتفاقيات الوطنية التي شهدت مؤخراً لقاءات مهمة في بيروت ورام الله واسطنبول في اجتماعات الأمناء العامّين وملف المصالحة.

ويضيف: “نجدد رسالتنا مطالبين بالوحدة أمام صفقة القرن والتوافق على إستراتيجية عمل تعتمد المقاومة والكفاح المسلح والمقاومة الشعبية، ولا يزال ملف الأسرى محط اهتمامنا الآن ومستقبلاً ونحن نراكم القوة ونتمسك بعمقنا العربي والإسلامي في زمن التطبيع”.

ولا يخشى قادة حماس في جميع مواقفهم من وعي الجماهير العربية والإسلامية في الصراع مع الاحتلال؛ فمضيّ التطبيع قدماً مع أنظمة لم يغير يوماً من وعي الشعوب والنخب من حول فلسطين.

مواصلة  المقاومة ومشروع التحرير انطلاقاً من رؤية وطنية شاملة لم تكن رسالة حماس وحدها للمستقبل وإن كانت تحتل -حسب تأكيد القيادي بدران- بؤرة الاستهداف في صراعها مع الاحتلال الذي يعد الشعب الفلسطيني بالاجتهاد نحو عمل سياسي ومقاوم موحّد يحترم تضحيات الجرحى والشهداء والأسرى.

ولا تعد انطلاقة حماس 33 هذا العام مناسبة احتفالية مكررة؛ فالتحديات التي تواجهها حماس مع بقية فصائل المقاومة جعلت من مستقبل صراعها مع الاحتلال محطة اختبار صعبة في زمن التطبيع العربي واستمرار اختلال ميزان القوى لمصلحة “إسرائيل” المدعومة تاريخياً من أمريكا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات