الجمعة 19/أبريل/2024

مسيرات العودة في 2019.. المشهد والمستقبل

مسيرات العودة في 2019.. المشهد والمستقبل

حظيّت بزخم شعبي وجماهيري كبير، ووحدت الفصائل الفلسطينية على قلب رجل واحد، مجسدة حالة ثورية جديدة من النضال الشعبي بأدواتها السلمية المشروعة.

مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في الثلاثين من مارس لعام 2018، شارك خلالها عشرات الآلاف من الجماهير على مدار أكثر من عام ونصف في مختلف نقاط التماس على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

هذه المسيرات مثّلت تطوّرًا نوعيًّا، ومحطة فارقة في الصراع مع الاحتلال، وكان لها تداعياتها وانعكاساتها المهمّة فلسطينيًّا وإسرائيليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؛ وفق تقديرات إستراتيجية ومحللين.

وجاءت انطلاقة المسيرات متزامنة مع متغيّرات مهمة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، شكّلت مبررات ودوافع لانطلاقتها وديمومتها وتصاعدها.

ومع عام 2019 استمرت المسيرات بزخمها الشعبي والجماهيري لتكون رافعة لمشروع النضال الفلسطيني الذي لم تنطفئ جذوته رغم ممارسات الاحتلال وانتهاكاته.

شهداء وجرحى
وبحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان؛ فمنذ انطلاق المسيرة في 30 مارس 2018، استشهد 365 فلسطينيا، منهم 215 خلال مشاركتهم في المسيرات، في حين أصيب (18085) فلسطينيًّا، منهم (4483) طفلًا، و(813) سيدة، ومن المصابين (9080) أصيبوا بالرصاص الحي منهم (1929) طفلاً و(177) سيدة.

وعلى مدار الشهور التي انطلقت خلالها مسيرات العودة فقد تمكنت المقاومة الشعبية الفلسطينية من تطوير وسائلها وأدواتها في معركتها المستمرة مع الاحتلال.

فخلال مسيرات العودة استخدم الشبان العديد من الوسائل والأدوات، وتشكلت العديد من الوحدات، أبرزها: قص الأسلاك، ووحدة الكوشوك، ووحدة الإرباك الليلي، إضافة لإطلاق البالونات الحارقة تجاه “غلاف غزة”، وغيرها من الأدوات.

وخلال العام 2019 أعلنت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، تأجيل المسيرات ثلاث جمع متتالية بسبب التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة ولتفويت الفرصة على الاحتلال.

وافتتحت الهيئة العليا حديقة العودة شرق مدينة غزة بهدف نقل الحياة للمناطق التي أراد الاحتلال أن يقتل فيها أبناء الشعب الفلسطيني.

حقوق ومكاسب
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، عدّ أن مسيرات العودة تمكنت من تعزيز موقع ومكانة القضية الوطنية الفلسطينية في إطار اهتمامات المجتمع الدولي، حيث شكلت حالة الحراك الواسع سواء من أطراف دولية أو إقليمية للفت انتباهها لمخاطر الحصار وانعكاساته على الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

وأوضح أبو ظريفة في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن كل الحراكات التي جرت كانت تهدف إلى تخفيف المعاناة عن شعبنا الفلسطيني.

وقال: “صحيح أن مسيرات العودة لم تتمكن من كسر الحصار، لكنها استطاعت أن تضع لبنات على طريق كسر الحصار من خلال إجراءات تخفيف الحصار”.

وأشار القيادي في الجبهة الديمقراطية أن مسيرات العودة أكدت للجميع أنه لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقبل المسّ بحق العودة، مؤكداً أنه حق ثابت وراسخ لدى الكل الفلسطيني يتوارثه جيلاً بعد جيل.

وعدّ أبو ظريفة أن مسيرات العودة تأتي في سياق الرد على الإدارة الأمريكية التي حاولت إصدار مشروع قرار بالكونجرس تعيد فيه تعريف اللاجئ الفلسطيني.

وشدد على أن مسيرات العودة أكدت أن قطاع غزة لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون معزولاً عن المشروع الوطني الفلسطيني، وبالتالي هي في قلب النضال في المشروع الوطني من خلال العناوين التي حملتها أيام الجمعة في أكثر من مسمى تجاه العديد من القضايا الوطنية.

وأكد أن مسيرات العودة فضحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يدّعي الديمقراطية من خلال الجرائم التي اقترفها بحق فئات متنوعة من المجتمع الفلسطيني من الأطفال والنساء والصحفيين والمسعفين وغيرهم، ما يشير إلى أن الاحتلال لا يعير وزنا للشارات التي يحملها هؤلاء، ولا إلى المواثيق التي شكلت حماية لهم.

ولفت إلى أن غزة أثبتت عبر مسيرات العودة أنها قادرة على التنوع في أدوات الفعل النضالي والكفاحي ما بين المقاومة المسلحة والشعبية.

المستقبل
وعلى صعيد السيناريو المستقبلي لمسيرات العودة عام 2020 أوضح أبو ظريفة أن هناك ورقة قدّمت للهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار تحدد الأشكال التي يمكن أن تنعقد على أساسها مسيرات العودة.

وأشار إلى أن هناك أكثر من صيغة مقترحة على طاولة البحث والنقاش، مستدركاً أن الصيغة تتركز بإقامة مسيرات العودة شبه شهري وفي المناسبات الوطنية.

وأرجع أبو ظريفة هذا التوجه كونها تهدف لزيادة الزخم في حجم المشاركة، وتجديدا للطاقات والإمكانات في هذا النضال.

إضافة نوعية
من جهته؛ أكد الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة، أن المقاومة الفلسطينية سجّلت من خلال مسيرات العودة الجماهيرية نجاحا ملحوظا في إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي بعد خفوتها بسبب تصاعد الأحداث في المنطقة العربية.

وأشار الزبدة في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إلى أن تشكيل الهيئة العليا لمسيرات العودة، مثّل إضافة نوعية للنضال الفلسطيني، وعزز من قدرة فصائل المقاومة على تنظيم صفوفها الشعبية، ما ساعدها في الضغط على دولة الاحتلال وإرغامها على الذهاب إلى تفاهمات التهدئة من خلال وسطاء.

وأوضح أنه رغم مراهنة الاحتلال على خفوت جذوة المقاومة الشعبية في غزة بفعل الحصار الخانق منذ ثلاثة عشر عاما فإن قدرة فصائل المقاومة على استنهاض الشارع الفلسطيني من خلال مشاركة عشرات الألوف أسبوعيا في مسيرات العودة شكل مفاجأة لجيش الاحتلال.

 ولفت إلى أن الاحتلال توهم أن المسيرات لن تلبث أن تخفت بعد أسابيع معدودة فإذا بها تتصاعد جماهيريا وتتواصل للشهر الواحد والعشرين تواليًا، مطالبة بحق شعبنا في حياة كريمة والعودة إلى ديار الآباء والأجداد في تحدٍّ كبير لدولة الاحتلال وجيشها، وفق الزبدة.

وقال: “ربما من الإنجازات الخفية لمسيرات العودة، أنها تمثل في شكلها الحالي نموذجا ملهما للشعوب العربية التي انطلقت تطالب بحقها وحق أبنائها في حياة كريمة”.

وأضاف: “رغم توقعاتي بأن تتواصل جذوة تلك المسيرات حتى كسر الحصار الصهيوني، فإن هذا لا يتنافى مع ضرورة إعادة تقييم شكل المسيرات وأدواتها ووسائلها بما يعزز من قدرة المقاومة على إحداث مزيد من الضغط على الاحتلال، وظني أن فصائل المقاومة والهيئة العليا لتلك المسيرات تأخذ ذلك بعين الاعتبار”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات