الخميس 25/أبريل/2024

32 عامًا.. محطات في مسيرة حماس

32 عامًا.. محطات في مسيرة حماس

تحيي حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اليوم السبت 14 كانون الأول/ ديسمبر الجاري (2019)، الذكرى السنوية الـ 32 لانطلاقتها.

ويعود تاريخ 14 كانون الأول؛ الذي تعدّه حماس ذكرى انطلاقتها لأول بيان وزعته الحركة باسمها (حركة المقاومة الإسلامية) قبل اختصاره بكلمة (حماس) والذي جاء بعد أسبوع من اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987م.

إلا أن الاجتماع التأسيسي للحركة كان يوم 11 ديسمبر في منزل عضو المكتب السياسي لحركة حماس نزار عوض الله في حي الصبرة جنوب غرة، والذي خصص لمناقشة تداعيات اندلاع انتفاضة الحجارة؛ حيث كانت الحركة أول من منح هذه الهبة اسم “انتفاضة” في ذلك البيان.

وحضر الاجتماع الذي كان برئاسة الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة (استشهد في 22 آذار/ مارس 2004) إضافة له: عبد العزيز الرنتيسي (استشهد في 17 نيسان/ أبريل 2004)، وصلاح شحادة (استشهد في 22 تموز/ يوليو 2002)، ومحمد شمعة (توفي في 10 حزيران/ يونيو 2011)، وعبد الفتاح دخان، وإبراهيم اليازوري، وعيسى النشار.

وصدر عن ذاك الاجتماع، البيان الأول للحركة الذي يدعو إلى تصعيد الانتفاضة بكل الوسائل، حيث نشر في قطاع غزة والضفة الغربية، وعُدّ بيان الانطلاقة.

وتعود جذور حركة “حماس” إلى خمسينيات القرن الماضي، وتعدّ نفسها “مكملة لمسيرة حركات المقاومة الإسلامية المعاصرة، وحلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزو الصهيوني تتصل وترتبط بانطلاقة عز الدين القسّام عام 1936، وتمضي لتتصل وترتبط بحلقة أخرى تضم جهاد الفلسطينيين وجهود وجهاد الإخوان المسلمين في حرب 1948 والعمليات الجهادية للإخوان المسلمين عام 1968 وما بعده”، وذلك بحسب المادة الخامسة من ميثاقها.

واتخذت الحركة على مدار تاريخها العديد من الأسماء، قبل أن تستقر على اسم “حماس”، حيث أطلق عليها أسماء منها؛ الحركة الإسلامية، والشباب المسلم، والمجمع الإسلامي.

وتؤكد حماس أنها حركة شاملة مؤسسية، تمثل مقاومة الاحتلال عمودها الفقري ومشروعها الإستراتيجي، وتعمل كذلك في مختلف الميادين؛ السياسية والدبلوماسية والإعلامية (…)، وتتحرك على مختلف الصعد؛ الفلسطينية، والعربية والإسلامية والدولية.

وتُعد المرحلة التي سبقت الإعلان رسميًّا عن انطلاقة الحركة “مرحلة الإعداد”، حيث رأت فيها أنها مهمة لمواصلة الاستمرار في ظل مواجهة مشروع إسرائيلي مدعوم غربيًّا، ويحتاج لمرحلة كبيرة من الإعداد والتجهيز لإتمام مشروع التحرير.

صاغت حماس ميثاقها، الذي عبّر عن أفكارها وتوجهاتها وكشف هويتها وبيّن موقفها وأوضح تطلعاتها وأهدافها، في 18 آب/ أغسطس 1988، وتكون من 36 مادة.

كان لحركة “حماس” دور كبير في الانتفاضة الأولى وإعطائها زخمًا، حيث تعرضت لأولى الضربات في نيسان/ أبريل من عام 1988؛ باعتقال العشرات من نشطاء وقادة الحركة، ووجهت لها الضربة الثانية في أيار/ مايو من عام 1989م، وكانت الكبرى التي تعرضت لها حماس، حيث طالت المئات من أنصارها في مقدمتهم الشيخ ياسين وعدد من قادتها.

ظنّت الدولة العبرية أنها قضت على حركة “حماس”، قبل أن تُفاجأ بصدور بيان جديد للحركة بعد شهرين من حملة الاعتقالات، حيث تمكن آنذاك موسى أبو مرزوق من زيارة قطاع غزة وإعادة تشكيل قيادة الحركة، ما عُدّ بداية تشكيل المكتب السياسي لحماس، والذي اتخذ من العاصمة الأردنية عمّان مقرًّا له.

وأعيد تشكيل الجهاز العسكري للحركة “مجاهدو حماس”، الذي كان قد أسسه صلاح شحادة قبل اندلاع الانتفاضة، ونفذ عمليات فدائية عدّة بقيادة الوحدة “101”؛ منها أسر وقتل الجنديين الإسرائيليين: إيلان سعدون وآفي سسبوترس، مجددًا على أيدي مجموعة من القادة الشباب منتصف عام 1991، وحمل اسم “كتائب الشهيد عز الدين القسام”.

ونفذت “كتائب القسام” أولى عملياتها رسميًّا في الأول من كانون الآخِر/ يناير 1992، وذلك بقتل كبير حاخامات مستوطنة “كفار داروم” وسط قطاع غزة، دورون شوشان، في حين نفذت سلسلة عمليات فدائية أسفرت عن مقتل مئات الإسرائيليين.

وفي 17 كانون الآخِر/ يناير 1992، تعرضت حركة “حماس” لضربة جديدة؛ بإبعاد 415 من قادتها وقادة حركة “الجهاد الإسلامي” إلى منطقة “مرج الزهور” في جنوب لبنان، وعادوا بعد عامين من الإبعاد والاعتقال.

رفضت الحركة مفاوضات التسوية التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1990؛ سواء مؤتمر مدريد للسلام أو اتفاق “أوسلو” الذي وُقع بين المنظمة والحكومة الإسرائيلية في 13 أيلول/ سبتمبر 1993، وجاء بالسلطة الفلسطينية لبسط سيادتها على قطاع غزة ومدينة أريحا في الضفة الغربية في نيسان/ أبريل 1994، والسماح لقوات الأمن الوطني بدخول القطاع وتشكيل أجهزة أمنية.

رفضت الحركة الدخول في أول انتخابات تشريعية ورئاسية تقام في الأراضي الفلسطينية في كانون الآخِر/ يناير 1996، بحجة أن هذه السلطة محكومة بسقف اتفاق أوسلو، والتي أفرزت أول مجلس تشريعي فلسطيني منتخب معظمه من حركة “فتح”، وكذلك انتخاب الشهيد الراحل ياسر عرفات (قائد فتح ورئيس منظمة التحرير) أولَ رئيس للسلطة.

اغتالت المخابرات الإسرائيلية في الخامس من كانون الآخِر/ يناير 1996 أحد أبرز مصنعي القنابل في الحركة يحيى عياش، والذي انتقل من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، عبر تفجير هاتفه النقال.

وفي آذار/ مارس 1996 تمكنت حماس من تنفيذ سلسلة عمليات فدائية في قلب كيان الاحتلال موقعة العشرات من القتلى ردًّا على اغتيال عياش، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى توجيه ضربة كبيرة للحركة، حيث اعتقلت المئات من عناصرها وقادتها وأغلقت جميع المؤسسات والجمعيات التابعة لها.

ونجا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق للحركة، في 25 أيلول/ سبتمبر 1997 من عملية اغتيال بعد حقنه بمادة كيمائية سامة، من عناصر الموساد الإسرائيلي في أحد شوارع العاصمة الأردنية، حيث اعتقل المنفذان وجُلب الترياق لإنقاذ مشعل بعد دخوله في غيبوبة، وأُفرج عن الشيخ ياسين مقابل إطلاق سراح عنصري الموساد اللذين نفذا الهجوم الفاشل.

وبالتزامن مع الإفراج عن الشيخ ياسين أفرجت السلطات الإسرائيلية عن عدد من قادة حماس، تباعًا، بعد عودتهم من مرج الزهور لتعود قيادة الحركة التاريخية وتديرها مجددًا، وذلك في ظل الكثير من المتغيرات المحلية والعربية والدولية.

أغلقت السلطات الأردنية مكاتب حركة حماس في 1999، حيث غادر أعضاء المكتب السياسي إلى سوريا واتخذوا دمشق مقرًّا لهم حتى اندلاع الثورة السورية في عام 2011، لينتقل مقر المكتب السياسي إلى العاصمة القطرية الدوحة.

ومع اندلاع “انتفاضة الأقصى” في أيلول/ سبتمبر 2000 (الانتفاضة الثانية) دخلت الحركة بكل قوة فيها، والتي سرعان ما تحولت لاحقًا إلى انتفاضة مسلحة، حيث نفذت حماس سلسلة عمليات فدائية وأوقعت عشرات القتلى في صفوف الاحتلال.

وخلال هذه الانتفاضة اغتال الاحتلال معظم قادة الحركة التاريخيين، وعلى رأسهم الشيخ ياسين، في حين أطلقت حماس أول صاروخ من قطاع غزة تجاه المستوطنات المحيطة في القطاع بعد ستة أشهر من اندلاع الانتفاضة.

ورفضت الحركة الكثير من المبادرات الدولية والعربية لوقف الانتفاضة، والتي كانت تتبناها السلطة، مثل مبادرة “تينت” و”متيشل”، ما تسبب في بعض الإشكاليات مع السلطة الفلسطينية، إلا أنها وافقت على التهدئة مع الاحتلال في صيف عام 2002، والتي رد عليها الاحتلال باغتيال شحادة بعد أيام من موافقة الحركة عليها.

وعملت الحركة خلال “انتفاضة الأقصى” على تطوير قدراتها القتالية وترسانتها العسكرية بإنتاج الآلاف من الصواريخ وبأجيال مختلفة وكذلك تشكيل “جيش المرابطين”، الذي انضم لاحقًا إلى “كتائب القسام” وكانت مهمته التصدي للتوغلات الإسرائيلية.

رفضت الحركة مطلع 2005 خوض الانتخابات الرئاسية أو دعم أي من المرشحين المستقلين، والتي أسفرت عن فوز محمود عباس، والذي أقنع قيادة الحركة لاحقًا بالذهاب إلى القاهرة حيث أجرى حوارات مكثفة معها في ربيع ذلك العام، نتج عنها اتفاق القاهرة الذي أعلنت الحركة من خلاله أنها ستدخل الانتخابات التشريعية والموافقة على تهدئة جديدة مع الاحتلال برعاية مصرية ودخول انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

وفي 25 كانون الآخِر/ يناير 2006 اكتسحت الحركة الانتخابات البرلمانية بأغلبية ساحقة، وذلك بعد فوزها في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية “البلديات”، وتمكنت الحركة من تشكيل أول حكومة في آذار/ مارس 2006 برئاسة إسماعيل هنية.

بعد ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة، وتحديدًا في 25 من حزيران/ يونيو من العام نفسه، تمكنت الحركة من أسر الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط” في عملية فدائية كبيرة نفذها مقاتلوها جنوب شرق قطاع غزة، حيث احتفظت الحركة به خمس سنوات قبل أن توافق “إسرائيل” خلال مفاوضات غير مباشرة على الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا جُلّهم من كبار قادة الحركة الأسيرة وقدامى الأسرى مقابل الإفراج عن شاليط.

بعد ذلك، فرضت “إسرائيل” حصارًا مشددًا على قطاع غزة (مستمر حتى اليوم)، تعرّض خلالها القطاع لثلاث حروب كبيرة تصدت لها حركة “حماس” وفصائل المقاومة، وقصفت “حماس” تل أبيب لأول مرة في تاريخ الصراع، في حين أعلنت الحركة أن في قبضتها أربعة من جنود الاحتلال، عقب العدوان الأخير عام 2014.

وقد عقدت بعد ذلك اتفاقات عدّة مع حركة “فتح” للمصالحة، وشكلت حكومة الوفاق الوطني في حزيران / يونيو 2014، إلا أن قطاع غزة ظلّ خارج أجندة هذه الحكومة، حيث تديره حركة “حماس” في سياق عدم قيام الحكومة برام الله بالدور المنوط بها تجاه السكان.

 وبقي معبر رفح مغلقًا في وجه المسافرين ويفتح استثنائيا كل فترة للحالات الإنسانية، ويستثنى من ذلك العام الذي حكم فيه الرئيس المصري محمد مرسي من 30 حزيران/ يونيو 2012 وحتى الثالث من تموز/ يوليو 2013، حيث كانت الفترة الذهبية للحركة ولقطاع غزة في إعادة الإعمار وتخفيف الحصار.

كان للحركة دور كبير في اندلاع ما عرف باسم انتفاضة القدس في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2015م حيث عمليات الدهس والطعن وإطلاق النار في القدس والضفة الغربية.

وأطلقت حركة “حماس” في أيار/ مايو 2017 وثيقة سياسية جديدة أعادت خلالها تعريفها تعريفًا جديدًا، في حين أبدت موافقتها على خوض الانتخابات الرئاسية والتي تنادي بإجرائها وإجراء انتخابات عامة.

ولعبت الحركة دورا مهما في انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة في الثلاثين من آذار/ مارس من عام 2018م.

انتخبت في أيار/ مايو من عام 2017م رئيسا جديدا لمكتبها السياسي وهو إسماعيل هنية خلفا لخالد مشعل.

تمكنت الحركة في قطاع غزة من تشكيل قوة عسكرية كبيرة تمتلك جيشا شبه نظاميّ يضم عشرات الآلاف من المقاتلين والمسلحين والمدربين، والآلاف من الصواريخ التي تصل إلى مديات بعيدة ومتوسطة منها ما استخدم وضرب تل أبيب والقدس ومدن أخرى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 مثل بئر السبع وعسقلان وأسدود، كما تمتلك طائرات مسيّرة “دون طيار” وعددا كبيرا من الانفاق الهجومية، وقوة بحرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات