الأربعاء 27/مارس/2024

انتفاضة الحجارة.. 32 عاما وشعبنا صامدٌ لا ينكسر!

انتفاضة الحجارة.. 32 عاما وشعبنا صامدٌ لا ينكسر!

32 عامًا مرت على اندلاع الانتفاضة الأولى والتي سُميت بـ”انتفاضة الحجارة”، ويأتي ذكراها هذا العام مع استمرار مسيرة العودة الكبرى في قطاع غزة للشهر 21 على التوالي رفضًا لاستمرار الحصار ومناداة بحق العودة.

وتعد انتفاضة الحجارة أكبر هبة جماهيرية ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967م، وارتقى فيها 1300 شهيد فلسطيني وقرابة 90 ألف مصاب.

وتمر أيضًا هذه الذكرى في خضم أحداث مهمة ومؤامرات تحاك لتصفية القضية الفلسطينية، بدءًا من صفقة القرن وتشديد الحصار على غزة، ومرورًا إعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لكيان الاحتلال، وإعلان وزير خارجيته مايك بومبيو أن مستوطنات الاحتلال بالضفة الغربية “قانونية”، إضافة لتلويح إسرائيلي بضم الأغوار.

وتزامنت الأيام الأولى لاندلاع انتفاضة الحجارة مع صدور البيان الأول لانطلاق حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وبدء عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وانتهجت حماس المقاومة بكل أشكالها وفي مقدمتها المسلحة، سبيلا لعودة الحقوق الفلسطينية المسلوبة، وأكدت أنها الخيار الاستراتيجي لتحرير الأرض والمقدسات، وعملت على ترسيخ ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام والخنوع.

وعملت حركة حماس في الأيام الأولى لانتفاضة الحجارة، على إذكاء جذوتها بما توفر من وسائل حينها من حجر وسكين ومقلاع ومولوتوف، كما شكلت حماس جهاز الأحداث الذي أسندت إليه الأعمال الشعبية من إشعال الإطارات، وخط الشعارات الثورية على الجدران، وتنظيم المظاهرات والإضرابات.

ومع توالي جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا، كان لحركة حماس أسلوب آخر، إذ نفذت كتائب القسام عشرات العمليات ضد جنود الاحتلال من خلال إطلاق النار على دوريات الاحتلال وطعن جنوده بالسكاكين.

اندلاع الانتفاضة
واندلعت شرارة انتفاضة الحجارة بعد تشييع الفلسطينيين في ذلك اليوم، 4 عمال من بلدة جباليا شمال غزة، قضوا جراء حادث سير “متعمد” وقع بين سيارتهم ومقطورة إسرائيلية خلال عودتهم من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وعمّت المظاهرات بلدة جباليا ومخيمها، تخللها رشق الآلاف من الشبان جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة.

وامتدت إلى كل شارع وزقاق في المخيم حيث جابههم جنود الاحتلال بالرصاص الحي، واستشهد جراء ذلك الشاب حاتم السيسي (21 عامًا)؛ أول شهيد في هذه الانتفاضة.

وقد اعتقد الاحتلال أن هذه المواجهات عبارة عن ردّ عابر على جريمة حادث المقطورة، وأن الأمور ستهدأ في اليوم التالي، إلا أنها اشتعلت من جديد وتصاعدت حتى امتدت إلى بقية مخيمات القطاع وأحياء مدينة غزة، ومن ثم الضفة الغربية.

ودخلت كلمة “انتفاضة” في القاموس العربي وقواميس اللغات الأخرى من حيث ترجمتها لتأخذ والأحداث ضجة إعلامية كبيرة، لا سيما في الإعلام الغربي رغم محاولة الاحتلال التعتيم عليها.

الطابع الشعبي

أخذت الانتفاضة الطابع الشعبي ووحدة الموقف والتعاضد الاجتماعي والتكافل الأسري وشمولية المواجهة واتساع ساحة الاشتباك المباشر مع الاحتلال في كل مدن وقرى فلسطين.

وشارك فيها جميع الشرائح المجتمعية والفئات العمرية، فضلًا عن أن سلاحها كان في متناول الجميع (الحجر والمقلاع)، وفي بعض الأحيان السكين والزجاجات الحارقة، قبل أن يتطور لاحقًا إلى السلاح.

ومع استمرار المظاهرات والمواجهات اليومية مع قوات الاحتلال دون توقف، بدأ شبان الانتفاضة يكتسبون ثقة أكبر لاستمرارها، وجعلها منهج حياة من خلال الدعوة للمواجهات والإضرابات التي كانت تعم كل أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة، ليشكلوا لجان شعبية لقيادتها.

في المقابل، فإن سلطات الاحتلال شعرت باليأس والإحباط في إخماد جذوة الانتفاضة، لا سيما في ظل نقل الإعلام الغربي لهذه المظاهرات.

تكسير العظام

وقد تعاقبت على هذه الانتفاضة عدة حكومات لليسار واليمين وكذلك لكلا الجهتين معًا في “حكومة الوحدة” برئاسة اسحق شامير، واسحق رابين الذي كان وزيرًا للجيش آنذاك، وقرر استخدام سياسة “تكسير العظام” بحق الفلسطينيين.

واستخدمت قوات الاحتلال شتى الوسائل لقمع الانتفاضة وإخمادها دون جدوى، وارتكبت سلسلة مجازر بحق الفلسطينيين كان أبرزها: مجزرة الحرم القدسي الشريف؛ 8 تشرين أول/ أكتوبر 1990 وأدت لاستشهاد 21 فلسطينيًّا.

وكذلك مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل؛ 20 شباط/ فبراير 1994 والتي راح ضحيتها 34 شهيدًا قضوا خلال صلاة الفجر.

كما نفذت قوات الاحتلال عدة مجازر في “نحالين” ومخيم “النصيرات” وحي “الشيخ رضوان” و”الصبرة” و”الدرج” بمدينة غزة، وخانيونس.

وشرعت قوات الاحتلال فور اندلاع الانتفاضة بتنفيذ حملة اعتقالات كبيرة طالت الآلاف من الفلسطينيين، وافتتحت العديد من السجون والمعتقلات لاستيعاب المعتقلين الجدد.

ومن بين تلك السجون: “أنصار 2″، غرب مدينة غزة، و”النقب الصحراوي” (أنصار 3)، وكذلك سجن “عوفر” و”مجدو” في الضفة الغربية.

وحولت معظم المعتقلين إلى الاعتقال الإداري (بدون محاكمة)، حيث قدر عدد المعتقلين خلال الانتفاضة بنحو 200 ألف حالة اعتقال، قضى منهم 42 معتقلا شهيدا بسبب التعذيب والإهمال الطبي والقتل المباشر بالرصاص.

ولم تؤثر هذه الاعتقالات على مسيرة الانتفاضة وديمومتها أو على حجم المشاركة فيها، ولم تُثنِ الفلسطينيين عن مواصلة مقاومتهم المشروعة للاحتلال من أجل استرداد حقوقهم ونيل حريتهم.

واستخدمت “إسرائيل” كذلك سياسة “تكسير العظام” الأمر الذي أثار المجتمع الدولي ضدها بعد نشر صور لجنودها وهم يعتدون على شبان فلسطينيين بشراسة ويعمدون تكسير أيديهم وأرجلهم، لا سيما في نابلس.

اتفاق أوسلو

وحينما أدركت سلطات الاحتلال أن استخدام القوة لن يجدِي نفعاً في إيقاف الانتفاضة، لجأت إلى “الحل السلمي”، ففتحت خط مفاوضات مباشرة مع منظمة التحرير، مما تسبب في انقسام في المجتمع الفلسطيني.

أسفرت المفاوضات عن توقيع اتفاق “أوسلو” بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية يوم 13 أيلول/ سبتمبر 1993؛ والذي ينص على تأسيس السلطة الفلسطينية، التي تم تشكيلها بعد 6 أشهر، وبسط نفوذها في قطاع غزة ومدينة أريحا، وإدخال قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وتشكيل الأجهزة الأمنية، وخروج قوات الاحتلال من داخل المدن وانتشارها على الحدود، وبقائها في المستوطنات، وتخمد بذلك الهبة الجماهيرية الكبيرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات