الخميس 25/أبريل/2024

الانصياع لشروط حماس.. عندما لا تملك إسرائيل سياسة بديلة

الانصياع لشروط حماس.. عندما لا تملك إسرائيل سياسة بديلة

الخميس المنصرم، أعلنت حركة “حماس” عن رفضها رسميًّا تسلم المنحة القطرية، بسبب ما وصفته بـ”التلاعب، والشروط التي يضعها الاحتلال عليها”.

وأعلن نائب رئيس المكتب السياسي للحركة بغزة خليل الحية، أنّ حركته أبلغت السفير القطري محمد العمادي رسميًّا رفضها تسلم المنحة، وشدد على رفض سياسة الاحتلال التي تمارس دور الابتزاز، محملاً “تل أبيب” مسؤولية التراجع والتلكؤ في تنفيذ التفاهمات.

وتزامن قرار “حماس”، مع إعلان هيئة البث “الإسرائيلية” الرسمية، نبأ سماح الحكومة مساء أول أمس الخميس، بنقل الأموال القطرية لقطاع غزة، استجابة لتوصية الدوائر الأمنية؛ بغرض “استمرار الهدوء في المنطقة الحدودية”.

غزة ولعبة التنافس

ويعدّ قطاع غزة أرضًا خصبة للمزايدات السياسية في الداخل “الإسرائيلي” المحتل، مع احتدام المعركة الانتخابية بين الأحزاب “الإسرائيلية” حيث تظهر كأحد الملفات المؤثرة، في حين تظهر المنحة القطرية أحد تلك الأوراق التي يمكن أن تخلق جواً تنافسياً أشد ضراوة.

ومع ذلك تسعى أحزاب مثل “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان، و”اليمين الجديد” بزعامة نفتالي بينت، لإبراز تطرفها الزائد، عبر معارضة نقل رئيس الحكومة، وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، هذه الأموال للقطاع، كما يطالب الحزبان، بتوجيه ضربة قاصمة لـ”حماس”، متهمين نتنياهو بالاستسلام للحركة.

الخبير في الشأن الصهيوني عدنان أبو عامر، أشار إلى أنّه ومنذ بداية تطبيق التفاهمات قبل أشهر بين حماس و”إسرائيل” برعاية قطر ومصر والأمم المتحدة، كان واضحا لكل ذي بصر وبصيرة أنها “هشة، وقابلة للانهيار في أي لحظة”.

وأضاف: “هذا كان يتطلب استحضار سيناريو اليوم منذ أول لحظة لتوقيع التفاهمات، كي لا نفكر تحت ضغط الأزمة، بحيث توفرت الإجابة مسبقا عن سؤال: ماذا لو لم تلتزم إسرائيل، ماذا عسانا فاعلون؟!”.

ويرى أبو عامر في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ اقتراب الانتخابات وارتفاع وتيرة حمى المزاودات الانتخابية “الإسرائيلية”، حاول نتنياهو أن يظهر من خلالها بمظهر المسيطر والمتحكم بإيقاف المنحة القطرية لغزة عدة مرات، والتلاعب بشروطها، حتى يشكل ضغطاً سياسياً على حماس من جهة، وضغطاً ميدانياً من جهة أخرى لتوفير أجواء الهدوء حتى موعد الانتخابات القادم في مطلع إبريل من العام الحالي.

وكان القيادي الحية، قال خلال مؤتمره الصحفي الخميس المنصرم: إنّ “حماس” لن تقبل أن تكون غزة والتفاهمات جزءًا من عملية الابتزاز والعملية الانتخابية الصهيونية الداخلية”.

تحرّر من الالتزامات

المحلل السياسي إبراهيم المدهون، عدّ رفض “حماس” استلام المنحة القطرية بمنزلة تحرر كامل من أي التزامات مع الاحتلال، وقال: “هذا يفتح الباب واسعا للخيارات المختلفة، وعلى رأسها تصعيد الحراك الجماهيري للوصول إلى إنجاز أفضل لشعبنا وقضيتنا واستعادة حقوقنا”.

وأضاف في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” “رفض حماس استلام المنحة القطرية، وتحويلها لشعبنا له دلالات وأبعاد وطنية متعددة، ويثبت تعزيز خدمة سكان غزة ومصلحتهم أولويةً لدى الحركة”.

ويعتقد المدهون أن تعود مسيرات العودة وحالة الاشتباك الجماهيري أقوى وأوسع من ذي قبل، مضيفاً: “هناك إجماع فلسطيني داعم ومؤيد لموقف الحركة”.

وكان القيادي الحية، أكد استمرار مسيرات العودة الكبرى حتى انتزاع الحقوق الفلسطينية وتحقيق أهدافها كاملة، وقال: “سنقود عملنا أمام شعبنا بفصائلنا وقوانا لننتزع حقوقنا المسلوبة نحو التحرير والعودة ورفع الحصار”.

ومنذ 30 مارس/آذار 2017، ينظم الفلسطينيون في قطاع غزة، مسيرات قرب الحدود للمطالبة بفك الحصار، قابلتها “إسرائيل” بشدّة وإجرام، ما أدى إلى ارتقاء مئات الشهداء وآلاف الجرحى، لكنّ الفلسطينيين يواصلون المسيرات في كل جمعة حتى الآن.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قررت دولة قطر تقديم دعم لقطاع غزة، بقيمة 150 مليون دولار؛ مساعداتٍ إنسانية عاجلة، للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في القطاع.

وقدمت المنحة المالية لموظفي القطاع مرتين، عن أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الآخِر، فيما لم تدفَع حتى الآن عن ديسمبر/كانون الأول، بسبب قرار المنع “الإسرائيلي”.

وجاء الدعم القطري، ضمن تفاهم غير مباشر، تم التوصل له مؤخرا بين حركة حماس و”إسرائيل”، وبوساطة قطرية ومصرية وأممية، بغرض التوصل لتهدئة في القطاع. 

إرباك الاحتلال 

من ناحيته؛ أشار المختص بالشأن الصهيوني عماد أبو عواد، إلى أنّ خطوة حركة “حماس” برفض استلام المنحة القطرية، أربكت حسابات الحكومة “الإسرائيلية”.

وقال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “تلك الخطوة لم يتوقعها نتنياهو، وأثبتت رغم صعوبة الأوضاع أن حركة المقاومة لن تتخلى عن مشروعها، ولن تقايض دماء الشهداء بالمال، وهو ما شكّل حالة من الإرباك لدى الاحتلال”.

وبيّن أنّ رفض “حماس” يأتي من باب أنّها ترفض المقايضة بين الهدوء والمال، “لأنها تعتبر أن المال استحقاق للشعب” كما قال.

ويتوقع أبو عواد، أنّ تشهد “جبهة غزة” نوعًا من التصعيد الخفيف من أجل إعادة صياغة التفاهمات، وأن تنصاع لها “إسرائيل”؛ لأنّها غير معنية بإيصال غزة إلى نقطة اللاعودة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات