الثلاثاء 16/أبريل/2024

هدم المنازل.. سياسة إسرائيلية تفشل في اختراق الحاضنة الشعبية

هدم المنازل.. سياسة إسرائيلية تفشل في اختراق الحاضنة الشعبية

مع فشلها في مواجهة العمليات الفدائية التي أبدع فيها مقاومو الضفة الغربية خلال عام 2018، أقدمت قوات الاحتلال الصهيوني على تصعيد سياسة العقاب الجماعي ضد ذوي منفذي العمليات مكررة منهجية ثبت فشلها خلال سنوات الصراع.

وشهد عام 2018 تزايد سياسة هدم منازل المقاومين الفلسطينيين، مقارنة بالأعوام السابقة، دون أي تأثير على المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية، التي تعاظم أداؤها في احتضان أهالي الشهداء.

ويهدف الاحتلال الإسرائيلي من سياسة العقاب الجماعي وهدم منازل منفذي العمليات إلى تهجير ذويهم وعائلاتهم من أماكن سكناهم، محاولاً ردعهم والحد من من العمليات الفدائية أو تأثيرهم على المجتمع الفلسطيني.

سياسة الاحتلال الفاشلة!
وبلغ عدد البيوت والمنشآت الفلسطينية التي هدمها الاحتلال في النصف الأول من عام 2018م، 232 بيتاً ومنشأة، في محافظات الضفة والقدس، منها 51 بيتاً، و181 منشأة، و11 حالة هدم ذاتي في القدس على يد أصحابها تجنبا لدفع غرامات باهظة؛ وفقاً لتقرير صادر عن مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق.

وأوضح  الباحث في مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق محمد الحروب أن سياسة هدم المنازل كعقوبة رادعة أثبتت فشلها، ولم تردع منفذي العمليات كما توقعت دولة الاحتلال، مشيرًا إلى أنها ترفع من درجات الحقد والكراهية ضد الاحتلال؛ لكونها عقوبة جماعية، وهدفها إرضاء المستوطنين المتطرفين فقط.

وقال الحروب في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن الهدف الأساسي من استخدام سياسة العقاب الجماعي، هو ضرب معنويات الشعب الفلسطيني، بحجة ردع الأفراد عن تنفيذ عمليات قادمة، مؤكداً أنها مخالفة لقواعد القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.

وشدد الباحث على أهمية التقليل من خسائر سياسة العقاب الجماعي، بدعم الأسر التي تهدم منازلها من خلال إعادة بنائه بأسرع وقت ممكن، مع استمرار الاحتلال في تنفيذ قراراته.

ونبه إلى أن التكافل الاجتماعي سواء من الجهات الرسمية أو الأهلية بتقديم يد العون المساعدة سواء العينية أو المادية هو أكبر رد على هذه السياسة.

وذكر الحروب أن جنود الاحتلال يداهمون بيوت منفذي العمليات بمئات الجنود المدججين بأنواع الأسلحة، وسط تصدي المقاومة الشعبية، مستدلاً بذلك على بيت عائلة أبو حميد الذي تحصن به مئات المواطنين حيث اعتقلت قوات الاحتلال عددا منهم وأخلت البيوت المجاورة له.

سياسة قديمة جديدة
من جهته، أوضح محمود الصيفي، مدير مركز أبحاث الأراضي في شمال الضفة الغربية، أن الاحتلال دأب منذ مدّة على هدم منازل المقاومين تحت عنوان ردع المقاومة على المدى البعيد والمستقبلي، مشيراً إلى أن هذه السياسة بدأت منذ عام 1967، وتكررت وسط السبعينيات، وكانت عمليات الهدم بالعشرات شهريا، واستمر الاحتلال بهذه السياسة في الثمانينيات مع انتفاضة الحجارة.

وأضاف الصيفي في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن “هذا الأسلوب استمر وتواصل بكثرة في انتفاضة الأقصى، رغم فشل تلك السياسة في وضع حد للمقاومة، التي استمرت ضده”، مشددا على أن هذه المقاومة شرعية، وسمحت بها كل الشرائع.

تضاعف العمليات
ونبه الصيفي إلى أن عام 2018 شهد ارتفاعا في أعداد العمليات مقارنة بالأعوام السابقة، وزادت عمليات هدم منازل المقاومين، ومن ضمنها أخذ قياسات لمنازل المقاومين حتى لو لم يكن لهم علاقة مباشرة بالعملية، وإنما من باب الشبهة، لتعود لاحقا لهدم منازلهم مثل منزل الشهيد أشرف نعالوة وغيره من المنازل على قائمة الهدم.

وووفقا لإحصاءات مركز أبحاث الأراضي، كما يقول الصيفي؛ تجاوزت إجراءات هدم منازل المقاومين 300 منزل في أنحاء الضفة بما فيها القدس، واستمرت عمليات الاحتلال العنصرية، لأن الشعب يواصل مقاومته المشروعة.

وأكد أن إجرام الاحتلال هو نهج اتبعه الاحتلال البريطاني سابقا ثم تبعه الاحتلال الإسرائيلي رغم أنه سياسة غير ناجعة، قائلاً: “استمرت هذه السياسة  ثم جاءت قرارات جديدة بطرد عائلات المقاومين، وهذا دليل على فشل سياستهم في الحد من انخراط الشباب بالمقاومة”.

مواجهة قرارات الاحتلال دولياً
وقال الصيفي: إن المقاومة استمرت، وفشلت سياسة الاحتلال، والدليل على ذلك القوانين الجديدة، وسنها لمواجهة عائلات المقاومين.

ودعا مدير مركز أبحاث الأراضي، إلى ضرورة التواصل مع المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية لمواجهة تلك القرارات، مطالباً المؤسسات الفلسطينية الناشطة في هذا المجال بالتوجه للمنظمات الدولية، والارتكاز على الاتفاقيات الدولية كـ”اتفاقية جنيف الرابعة”، لمنع الاحتلال من مواصلة سياسة الهدم وسن قوانين خطيرة.

وحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني؛ صنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي أربعة أنواع لهدم المنازل؛ وهي: الهدم العسكري، إذ تهدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي البيوت لأسباب عسكرية (بدعوى حماية الجنود والمستوطنات)، والهدم العقابي، حيث تهدم منازل العائلات الفلسطينية بذريعة تنفيذ أبنائهم عمليات عسكرية ضد الإسرائيليين. 

ويضاف إليهما، الهدم الإداري، وهو الأكثر شيوعاً، إذ ينفذ هذا القرار بدعوى البناء دون الحصول على ترخيص، أو بزعم المصلحة العامة، عدا عن الهدم القضائي، والذي ينفذ بقرار قضائي يصدر عن المحاكم “الإسرائيلية”. 

وعدّ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قرارات الهدم الأخيرة، والتي تُتَّخَذُ بقرارات من أعلى المستويات السياسية والعسكرية في الحكومة الإسرائيلية، تندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد الأبرياء الفلسطينيين.

وأوضح المركز أن هذه القرارات تنفذ خلافاً للمادة الثالثة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، والتي تحظر العقاب الجماعي، وتدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.

وطالب المركز المجتمع الدولي بالعمل على توفير الحماية للمدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وضمان تطبيق إجراءات الاتفاقية المذكورة، وشدد على دعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال.

وأظهرت دراسة صادرة عن دائرة العلاقات القومية والدولية في منظمة التحرير أن قوات الاحتلال الإسرائيلي هدمت ودمرت نحو 23100 منزل فلسطيني في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، في إطار سياسة التهجير الصامت والتطهير العرقي الذي تمارسه تلك القوات بحق الشعب الفلسطيني.

نماذج مقاومة
وهدمت قوات الاحتلال في 17 الشهر الجاري، منزل الشهيد نعالوة، بعد محاصرة حارة النعالوة في شويكة، بعدما نص القرار النهائي لمحكمة الاحتلال على هدم الطبقة الأرضية والطبقة الثانية حيث تسكن العائلة ونجلها الشهيد، إذ لم تنجح العائلة بعد سلسلة اعتراضات في منع هدم الطبقة الثانية التي تقطن فيها، فدُمّر المنزل باستثناء الطبقة المتبقية التي تعود إلى نجلها الأكبر أمجد المعتقل أيضاً منذ ما يزيد على شهرين ونصف.

ووفقا لقرار الاحتلال لا يسمح القرار للعائلة بالمساس بالبناء المهدوم أو إجراء تعديلات عليه أو استعماله لأي غرض، مهما كان، نظراً إلى كونه «مُصادَراً»، ما يعني أنه غير صالح للسكن، لأنه حالياً طبقة ثالثة معلقة في الهواء بعدما هدم العدو الجدران كلها في الطبقتين السفليتين.

واستقطب هدم قوات الاحتلال قبل ذلك بأيام قليلة، لمنزل عائلة أبو حميد في مخيم الأمعري، في رام الله البيرة اهتمام وسائل الإعلام؛ كون العائلة نموذجًا للعائلة المقاومة التي قدمت شهيدا وأربعة أسرى محكومين أحكاما عالية، وهدم منزلهم سابقا مرتين. وتابع ملايين البشر عملية الهدم مباشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، عندما حاصر أكثر من 500 جندي منزل العائلة  الموجود،  على طرف المخيم، واقتحموه، وأخلوا من فيه بقوة، وأخلوا الطوابق الأربعة من السكان، وجرت عمليات الهدم عدة مرات.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات