الخميس 12/ديسمبر/2024

فصل الشتاء.. مذاق خاص داخل البيوت الفلسطينية

فصل الشتاء.. مذاق خاص داخل البيوت الفلسطينية

يحظى فصل الشتاء بمكانة خاصة لا ينافسه فيها أي وقت من أوقات العام لدى المواطن والفلاح الفلسطيني، فهو فصل المطر الذي بهطوله تنتعش المحاصيل الزراعية وبالتالي ينتعش اقتصاد الفلاح الفلسطيني الذي طالما كان قائما على الزراعة.

ونظرا للمكانة المميزة لفصل الشتاء فله عاداته اليومية الخاصة، ومأكولاته الخاصة، كما أنه يحظى بنصيب كبير جدا من الموروث الشعبي المحكي والأمثال الشعبية الفلسطينية. 

عادات الشتاء

وأشار الباحث عبد السلام عواد لمراسلنا، إلى أن فصل الشتاء له مكانة خاصة لدى المواطن والفلاح الفلسطيني، لأنه مرتبط بمختلف مناحي حياته، كون المزارع الفلسطيني يعتمد على فصل الشتاء في زراعة وفلاحة أرضه، وبالتالي يعدّ فصل الشتاء العمود الفقري في تقويم الفلاح الفلسطيني، فهو يحظى بنصيب الأسد من المصطلحات التراثية والأمثال الشعبية، كما أن له عادات متميزة، فبدون فصل الشتاء والمطر تتوقف جميع أركان حياة الفلاح الفلسطيني.

ويحرص المواطن الفلسطيني على عادات يومية مرتبطة بفصل الشتاء؛ مثل السهرات العائلية قرب كانون النار، وهي عادة يتمسك بها الكثير من المواطنين رغم تقدم الحياة ووجود وسائل حديثة للتدفئة، وتم التمسك بهذه العادة كونها متوارثة جيلا بعد جيل حتى أصبحت مرتبطة بالأذهان بفصل الشتاء، وكل عائلة فيها جد أو أب كبير في السن استقى هذه العادات من أجداده وورثها لأحفاده، كما أن الأجيال الجديدة تشعر بلهفة لفصل الشتاء نظرا لحالة العزلة التي يعيشها كل فرد بمفرده في ظل التطور التكنولوجي، فيعدّ الشتاء موسما لجمع العائلة،  ويبدأ التحضير منذ فصل الخريف لتجهيز الحطب وجفت الزيتون لأغراض التدفئة في فصل الشتاء.

كما أن هناك بعض المأكولات يتم تجفيفها وتحضيرها من فصل الصيف لفصل الشتاء والتي يزيد الإقبال على تناولها شتاءً مثل القطين (التين المجفف) والعديد من أنواع المربى والمخللات.

أطباق شعبية

ويتميز فصل الشتاء بالعديد من الأطباق الشعبية الفلسطينية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا الفصل، ومنها المسخن الذي يقبل المواطنون على تحضيره بعد موسم قطف الزيتون، ويستخدم لإعداده الزيت الجديد، بالإضافة للمفتول الذي يعدّ طبقا شتويا بامتياز.

كما يعدّ الطبق الشتوي الأكثر طلبا في الجو البارد، حيث يتم إعداد حبيبات المفتول من البرغل والطحين والماء، وتعمل السيدات الكبيرات في السن على “فتله” من خلال وضع البرغل والطحين القليل من الماء في وعاء كبير والبدء بتحريكه حركات دائرية سريعة بواسطة اليد لتنتج حبيبات المفتول، وهذه الحبيبات يتم إنضاجها في حلل وقدور خاصة على البخار، ومن ثم يضاف لها مرق الدجاج الذي يحتوي بشكل أساسي على الحمص، وهناك من يضيف له بعض أنواع الخضار.

وهناك مأكولات أخرى يجعل فصل الشتاء لها رونقا خاصا، مثل شوربة العدس المجروش التي يتم تناولها عادة إلى جانب مقبلات شتوية أهمها الفجل والبصل الأخضر بالإضافة للزيتون، كما يتم تحضير وجبة “الرشتاية” بكثرة في فصل الشتاء، وهي تتكون بشكل أساسي من العدس الكامل والمضاف له قطع من العجين، ويضاف لذلك الأطباق الشتوية التي تستخدم فيها النباتات التي تنمو شتاء مثل أقراص السبانخ، أو السبانخ المطبوخ، بالإضافة لطبق الخبيزة الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى فئات المجتمع الفلسطيني كافة في فصل الشتاء، فالخبيزة نبتة برية شتوية تنمو في غالبية مناطق فلسطين في فصل الشتاء بعد هطول المطر مباشرة، والقائمة تطول لتشمل العديد من النباتات البرية التي تحضر كأطباق شعبية فلسطينية مثل “اللسينة” والزعمطوط أو الركف وهذه النباتات يتم حشوها بالأرز ولفها كما يتم إعداد ورق العنب.

ويمكن القول إن هناك رصيدا من العادات والتقاليد المرتبطة بفصل الشتاء، والتي تتمسك بها الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.

كما تحظى أربعينية الشتاء التي تبدأ في 23 كانون الأول وتنتهي في الأول من شباط، برصيد كبير جدا من الأمثال الشعبية الفلسطينية التي تصفها، فالمثل حصيلة تجربة الآباء والأجداد في الحياة مع هذه الفترات، والهدف منها نقل تجربة الآباء بطريقة شعبية محكية وبكلمات بسيطة، حتى يكون منها عبرة وفائدة للأجيال اللاحقة. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات