الخميس 28/مارس/2024

جبهات إسرائيل.. بين حسابات السياسة والميدان

جبهات إسرائيل.. بين حسابات السياسة والميدان

ثمّة ثلاث جبهات متباينة التوتر وقابلة للتصعيد في أي لحظة، غزة – لبنان – سوريا، ومن بعيد طهران الخطر الاستراتيجي الذي يرفعه دوماً رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

“إسرائيل” التي ابتلعت النصل مؤخراً بغزة، وضحّى “نتنياهو” فيها بالولوج إلى مشاكل مع الجبهة الداخلية، لديها جبهات أخرى على حدود لبنان وسوريا، يرتبط سلوكها الميداني فيهما بأبعاد سياسية مع الإقليم.

وإذا كانت غزة هي الحلقة الأضعف، فإن تطورات الميدان ورسائل المقاومة في الأسبوعين الماضيين أثبتت أنه لا يمكن القفز عنها، وأن الاحتلال عاجز عن امتلاك زمام المبادرة بشكل مطلق.

غزة أولاً
صحيح أن الخطر الكبير يأتي على “إسرائيل” من طهران، وأن دولاً عربية تعزز معها علاقاتها مؤخراً خوفاً منها، لكن ثمّة تفاصيل مؤخراً جمعت بين الفرقاء السياسيين عربيًّا لتسكين جبهة غزة والتفرّغ لترتيبات استراتيجية تحدّ من قوّة إيران.

محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية، يرى أنه لا يمكن تجزئة سلوك الاحتلال الميداني أو السياسي بالعمل في جبهة واحدة، فما وقع بغزة مؤخراً كشف تشابك الجبهات رغم محاولة الاحتلال تجزئة الجبهات وتجزئة القضية الفلسطينية.

ويضيف: “فشل الاحتلال في عملية خان يونس، ورسائل المقاومة بنشر معلومات عن وحداته الاستخبارية، وقصف مدن الاحتلال؛ أثبت أن غزة حين تشارك بالفعل تحدث فارقا، الاحتلال يركز مؤخراً على عزلها من السياق العام فلسطينيًّا بوضع حل جزئي لغزة ليتفرّد بالضفة المحتلة”.

وكان “نتنياهو” نجح مؤخراً في الحفاظ على ائتلافه الحكومي بعد انسحاب وزير حربه “ليبرمان” وتهديد وزراء بإسقاط الحكومة.

وتشير المعطيات السياسية أن السلوك الميداني المشوب بالحذر حالياً مرتبط بحد كبير بأهداف سياسية استراتيجية.

فصل غزة عن الصراع مرحليًّا يدعم “نتنياهو” حسب رؤية الخبير مصلح في حسم الضفة المحتلة التي يحكمها عباس بعد فشل “أوسلو”، وعدم جديّة الاحتلال في استئناف التسوية.

إشعال حرب بغزة لا يخدم “نتنياهو” الآن، وقد ظهرت مرونة جزئية منه في التعامل مع مواقف دولية وأممية على حساب الجبهة الداخلية؛ لأن تحييد غزة يمنحه فرصة التفرّغ للشمال.

ويرى اللواء واصف عريقات الخبير العسكري أن “إسرائيل” فشلت في تثبيت معادلة الهدوء بغزة بعد إعادة المقاومة معادلة “القصف بالقصف” للميدان، لذا لن تغامر بفتح جبهة أكثر قوة مثل الشمال.

أكثر ما يدفع “إسرائيل” لممارسة عدوان على غزة قريباً هو محاولة الانتقام، وترميم قوة الردع المتهاوية، ومحاولة إرضاء الجبهة الداخلية، حسب ترجيح اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري.

تكتيك متحرك
تصريح “دونالد ترمب” رئيس الولايات المتحدة الامريكية عن ارتباط وجود “إسرائيل” بحضور نظام المملكة العربية السعودية يحمل أبعاداً كثيرة، أهمها ربط الإقليم العربي بالاحتلال بذريعة تنامي قوة إيران.

ويرى د. ناجي البطة الخبير في الشئون الاستراتيجية أن ما يجرى ميدانيا على حدود الجنوب والشمال عموماً هو منافسة استراتيجية على المنطقة بين إيران و”إسرائيل” تفعّل فيه إيران حلفاءها في سوريا وجنوب لبنان.

ويضيف: “غزة خطر تكتيكي متحرك، بمعنى معادلتها تصعيد يقابله تصعيد، وممكن في أي لحظة أن تشتعل، حرب 2014 منحت الاحتلال نموذج توقف الحياة اليومية حين تغيّر مسار رحلات مطار اللد”.

التصعيد المتدرج من غزة يبدأ من غلافها ويمتد إلى مدن الجنوب، ومؤخراً شاهدنا القصف في عسقلان، فماذا لو اشتعلت جبهة الشمال، يعرف الاحتلال حقيقة الأمر، لذا الآن يعيد حساباته وليس سهلاً تفجير حرب شمالاً.

جبهات الشمال
منذ ثلاثة أعوام والاحتلال يكثر الحديث عن تعاظم قوة حزب الله الصاروخية، احتفاظ حزب الله بقذائف مزعجة للاحتلال لا يعني انفصال جبهته بالكامل عمّا يحدث في سوريا وإيران، فالارتباط وثيق للغاية بينهما في الميدان والسياسة.

وكانت صحيفة “معاريف ” ذكرت قبل يومين نقلا عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه تم إجراء تقييم للحالة التي تناولت محاولات إقامة إيران وحزب الله أنشطة عسكرية في سوريا.

وأكدت الصحيفة أنّ “نتنياهو” سيعمل على إبرام التهدئة مع حماس، والتفرغ للجبهة الشمالية، وتوقعت الصحيفة أن يعمل على التفرغ لإيران وحزب الله واستهداف نفوذها بالتنسيق مع أمريكا.

ويقول محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية إن دولاً عربياً تلعب دوراً وسيطاً وسياسيًّا بين الفلسطينيين و”إسرائيل” تحاول تطويع حماس وإخراج إيران من المنطقة خاصّة في ظل استعادة مصر مؤخراً دورها الإقليمي.

ويتابع: “جبهة حزب الله أقل تأثيراً من جهة تاريخية وعاطفية على المنطقة العربية من جبهة فلسطين المتجسّدة الآن بغزة، حزب الله لديه دور في سوريا ومرتبط أكثر بإيران، روسيا انعكس دورها على حسابات “إسرائيل” بخصوص إيران وليس سهلاً الآن إشعال حرب”.

أما الساحة السورية فلا تزال آخر المربعات العربية التي تحتضن المقاومة ولديها خط إمداد وعمل مع إيران ميداني وسياسي، أثبتت روسيا أنها لن تتركها بل بدأت تتشكل حسب تحليل الخبير مصلح ملامح حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا فوق الرقعة السورية.

وتعرضت سوريا في العام الجاري من “إسرائيل” لعدة غارات بذريعة نقل صواريخ لحزب الله أو قصف مراكز قوى لإيران، وهو ما يعزز اندماج الجبهة الشمالية بين سوريا وحزب الله بشكل كبير في الحسابات الإسرائيلية.

يقول اللواء شرقاوي إن جبهة حزب الله توشك على الاشتعال؛ لكن فشل الاحتلال بغزة يؤخّر اندلاع الحرب هناك، لأن “إسرائيل” لا تستطيع حماية نفسها.

أما الخبير عريقات، فيرى أنّ جبهة الشمال لم تعد حزب الله منفرداً ولا سوريا منفردة، بل أضحت تمتد من رأس الناقورة إلى طهران، وأنّ فشل الاحتلال بغزة يرهبها من مواجهة خط المقاومة الطويل شمالاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات