الثلاثاء 05/نوفمبر/2024

في ظلال الشعب الذي لا يكسر

ناصر ناصر

قليلة هي الأقلام التي تكتب في “إسرائيل” حول جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة، وأقل منها -حجما و تأثيرا – من يضع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية كجزء من منظومة هذا الاحتلال.

 ولقد لفت نظري بهذا الصدد مقالة للكاتب اليهودي ديمتري شومسكي في ( هآرتس 26-9-2018) بعنوان هذا الشعب لن تنجحوا في كسره، والذي كتبه من وحي حادثة إنكار الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن مقتل الشهيد محمود زغلول الريماوي ( 24 عاما) أثناء اعتقاله وضربه أمام بيته في قرية بيت ريما – رام الله قبل أيام، فتذكر الكاتب حادثة شبيهة وقعت مع أحد أجداده على يد ما أسماه (سنوات الإرهاب الستاليني في الاتحاد السوفييتي).

على الرغم من إقرار الكاتب بالفروق بين الحالتين (الإسرائيلية والسوفيتية)، إلا أنه يرى أن المشترك بينهما هو “الاعتماد على أجهزة تعاون وتنسيق بين السلطة ورعاياها، أو ما أسماه بمؤسسة الوشاية”، وهذا ما يذكرنا نحن الفلسطينيين بتسميات مثل (الوزة) أو ( رفع التقارير) أو (الكل يتجسس على الكل). 

لقد أشار الكاتب إلى حقيقة تحول مؤسسة الوشاية إلى (أداة حيوية لنظام الرعب الستاليني يراها بعض المواطنين الروس طريقة سهلة للتقدم المهني ولتحقيق أهداف مختلفة كوشاية ضد “المسؤول في العمل أو المعلم” أو ضد زميل متفوق أو منافس، أو للسيطرة على أملاك الجار أو لتصفية حسابات..)، وهذا ما يلمسه أيضا الفلسطيني في الضفة الغربية هذه الأيام وإن بمستويات مختلفة. 

من اللافت للانتباه تقسيم الكاتب ديمتري شومسكي عملاء الاحتلال الإسرائيلي إلى نوعين: العلنيين وهم “التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، والتي هي رهينة بيد الاحتلال”، و بهذا أشار الكاتب إلى ما لا يستطيع الكثير من الفلسطينيين من المغلوب على أمرهم الحديث عنه، أو ما استطاع البعض التحذير منه، ولكن أضعف ادعائهم شبهة الانحياز والانتماء إلى خصوم السلطة السياسيين.

 أما النوع الثاني من العملاء وفق شومسكي “النوع السري: وهم عملاء الشاباك في أوساط الفلسطينيين ومعظمهم يتم استغلال ضائقتهم”، ولا يعني هذا تبريرا لهم، بل زيادة في تجريم من استغلهم وهو الاحتلال.

هاجم الكاتب بشدة التبرير الإسرائيلي الرسمي والمعلن لبناء ورعاية وتشجيع العملاء السريين منهم والعلنيين، وهو مبرر محاربة الإرهاب مع أن جزءا منه مخصص “لحماية مشروع الاستيطان غير القانوني”.

 و حاول إبراز المبرر غير المعلن والذي عدّه “صفة جينية لكل سلطة احتلال، وهو كسر معنويات السكان المضطهدين”، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني لن ينكسر، وبأنه وجد طريقة ناجعة وغير عنيفة لمحاربة الاحتلال، متمنيا أن ينجح ذلك في إنقاذ الشعب اليهودي في “إسرائيل” من العار القومي الذي لحقه بسبب اضطهاد واستعباد شعب آخر هو الفلسطيني.
 
الى أي مدى يؤثر هذا الرأي في “إسرائيل” المحتلة؟ قليلا ولكن هامًّا، وقد يكون تأثيره أكبر في أوساط الشعب الفلسطيني المستضعف، فهو يكشف و يوضح بعض الحقائق من زاوية قد لا يراها الفلسطيني، وبذا فقد يمنح بعض الفلسطينيين الشعور بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان، وقد يؤثر في بعض المتعاونين مع الاحتلال ويثير فيهم التساؤل: لماذا وإلى أين؟ وفي كل الأحوال الشعب الفلسطيني سيقاوم بكل أنواع المقاومة المشروعة، ولن يهزم أو ينكسر.
 

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات