عاجل

الإثنين 11/ديسمبر/2023

الجريح عماد .. إعدام بطيء في حجرة رقم(5)

الجريح عماد .. إعدام بطيء في حجرة رقم(5)

بالكاد تمر دقيقة صمت في حجرة رقم (5) بالطابق الثاني في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح؛ فجسد الطفل محمد عماد (15 عاماً) ينتفض بالكامل، ويضطر والده وشقيقه للإمساك به خشية سقوطه على الأرض.

وكان عماد قد استنشق كمية كبيرة من الغاز السّام في جمعة “الحرية والحياة”، حين أطلقت دبابات وجنود الاحتلال كمية كبيرة من الغاز نقل بعدها إلى المستشفى وفقد الوعي.

ومنذ أربعة أيام يعاني الطفل عماد من آثار الغاز السّام، ويدخل جسده كل عدة دقائق في نوبة اهتزاز وهو فاقد الوعي، في حين يجهل الأطباء طبيعة المواد السّامة التي يطلقها الاحتلال على المتظاهرين السلميين.


الجريح محمد عماد

أصيب سابقاً عماد عدة مرات بقنابل الغاز على حدود مخيم البريج أولها حين أطلق عليه جندي قنبلة غاز بشكل مباشر في ذراعه، والثانية عندما استنشق كمية كبيرة من الغاز يوم جمعة “الحرية والحياة”، ودخل من بعدها في نوبة وغيبوبة شبه كاملة.

وأطلق جنود وقناصة الاحتلال خلال مسيرة العودة على حدود قطاع غزة آلاف قنابل الغاز من أنواع ودرجة خطورة مختلفة أصابت العشرات منها أجساد المشاركين السلميين بشكل مباشر، وأدت لاستشهاد واحتراق وإصابة الكثيرين.

غاز سامّ
ومن مؤلم القول أن هاني عماد (48 عاماً) والد الطفل محمد يتمنى لو أصيب ابنه برصاصة في جزء من جسده حتى يعلم ما يفعل وكيف يسعى لعلاجه، لكن الغاز السّام أدخله من يوم الجمعة في نوبة إغماء، وأثّر على جهازه العصبي.


ويؤكد هاني أن ابنه أصيب يوم الجمعة الماضية للمرة الثالثة في مسيرة العودة منها إصابتان بشكل مباشر حيث استنشق يوم الجمعة الماضية كمية غاز كبيرة، وأنه علم أن الاحتلال يمنع الصليب الأحمر من نقل علاج لتخفيف آثار الغاز السّام الذي يطلقه على الحدود.

وشاهد مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” الطفل عماد بعد لحظة استنشاقه للغاز مساء جمعة “الحرية والحياة” شمال موقع أبو مطيبق العسكري؛ حيث كان جسده ينتفض فوق سرير متنقل والمسعفون يهرعون به إلى عربة الإسعاف.
 
ويضيف عماد: “الاحتلال يقتلنا ويمنع عنا فرصة العلاج، ففي عائلتي 15 جريحا وشهيدا، وأنا نفسي جريح سابق برصاص الاحتلال، لكني الآن عاجز عن معرفة مصير أو مساعدة طفلي. أناشد كل المسئولين في السلطة الفلسطينية إنقاذ طفلي”.
 
مستقبل مجهول
يهتز جسد محمد بشكل عنيف خلال حديث والده، ما يضطر شقيقه طارق وأقاربه لمحاولة السيطرة على انتفاضة جسده التي يعيشها بين دقيقة وأخرى قبل أن يكشف هاني عن خشيته من الغاز السّام الذي يهدد حياته.

 

 
ويتابع: “أخشى أن أفقد ابني.. أناشد الرئيس عباس وشرفاء الوطن جميعاً أن يعملوا على تخفيف معاناة الجرحى ومنهم ابني الذي نجهل مصيره. أطفالنا يموتون أمام أعيننا”.

يدخل هاني في نوبة بكاء وانفعال، مؤكداً أن غزة تركت اليوم وحدها تواجه عدوان الاحتلال وهي تدافع عن فلسطين والمسجد الأقصى.

ويقول أحد أطباء مستشفى شهداء الأقصى، والذي رفض الكشف عن اسمه: إن حالة الطفل عماد على فظاعتها تشبه جزئياً حالة عشرات الجرحى أصيبوا بأضرار متفاوتة من استنشاق غازات سامة غير معروفة.

ويضيف: “تصل إصابات استنشاق الغاز الغريب الذي يطلقه الاحتلال قرب الحدود، ويصاب المريض بتهيّج في الصدر وتشنّجات أحياناً، ويعاني بعدها مباشرة من ضيق في التنفس، وهذا سببه أشياء مجهولة طبياً لنا”.
 
ويطالب الطبيب بإجراء دراسات على أنواع الغاز الذي أدى لإصابة الطفل عماد وعشرات المصابين بشكل أسبوعي؛ حيث لا تملك مستشفيات الصحة أي علاج أو مضادات حيوية تكافح وتعالج أضراره.
 
ويتابع: “من خلال احتكاكي بمصابي الغازات السامّة يترك لديهم الغاز أثرًا نفسيًّا وعصبيًّا، ويشتكون دائماً من شعور بالاختناق، وعندما نرسله لطبيب الصدر لا يكتشف شيئًا محددًا”.
 
ويحذر الطبيب من آثار مستقبلية قد تظهر على مصابي الغاز؛ إذ إن الخشية تكمن في أضرار بعيدة المدى تنعكس على الجهاز العصبي والرئتين، وهذا بحاجة لدراسة علمية ومطابقة تطور حالة المريض بتوثيق الإصابة ومتابعتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات