20 دورية إسرائيلية تعتقل الطفلة الشقراء.. تعرف لقصة عهد

لم يتسلل الخوف يوما إلى قلبها، فقد نزعته، كما نزعت ثلاث رصاصات صهيونية من جسدها النحيل، فقد أراد الاحتلال قتلها غير مرة، لكنه لم يفلح بتغييب تلك العينين الخضراوين اللتين تشعان حرية وإرادة.

ما إن تكتب اسم “عهد التميمي”، على محركات البحث (الإنترنت)، حتى تقفز أمامك عشرات الصور لفتاة شقراء كلها عنفوان وشموخ، “فلقد عرفها العالم بالفتاة الثائرة التي لا تقبل الضيم”، كما أن عبارتها الخالدة في كل مواجهة مع جنود الاحتلال، (اخرجوا من فلسطين)، لا زال صداها يطرق الآذان.  

“عهد”، كأنّها اكتسبت من اسمها نصيب عندما عاهدت نفسها وأهلها ألا تهدأ ولا تركن لأحد عندما تنتهك حرمة وطنها وبلدها، فكانت جديرة بأنّ تجيش “إسرائيل” لها الجيوش لاعتقالها.

أكثر من عشرين دورية صهيونية – كما يروي والدها باسم التميمي – لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” أقدمت على اعتقال طفلته في ساعةٍ متأخرة من الليلة الماضية في قرية النبي صالح قرب مدينة رام الله المحتلة.

وتزعم قوات الاحتلال الصهيومنية أنّ عهد (17 عاماً) تصدت لجنود الاحتلال عندما حاولوا اقتحام منزل عائلتها خلال الاحتجاجات بالشارع الفلسطيني، على القرار الأميركي بشأن القدس.

ويؤكد التميمي في حديثه، لمراسلنا، أنّ قوات الاحتلال الصهيونية المدججة بالسلاح اقتحمت منزلهم في ساعة متأخرة من مساء أمس صادرت خلالها عدداً من أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة، قبل أن تعتقل ابنته “عهد”.

وعلم، مراسلنا، أنّ قوات الاحتلال اعتقلت في وقتٍ لاحق ناريمان التميمي والدة الأسيرة “عهد” من أمام معسكر “بنيامين” شمال رام الله، حيث كانت في طريقها لمعرفة وضع ابنتها التي اعتقلت فجر اليوم.

null
طفولة شجاعة

ومنذ طفولتها عُرفت “عهد” بين أقرانها أنّها الأكثر شجاعة في التصدي وتحدي جيش الاحتلال في اعتداءاتها على عائلتها وجيرانها، إذ تمكنت ووالدتها من تخليص شقيقها محمد (12 عاماً) من يد قوات الاحتلال التي حاولت اعتقاله، وقد التقطت كاميرات الإعلام ذالك الموقف البطولي.

وكما يؤكد والدها “باسم”، فإنّ عهد لا تتخلى عن المشاركة في المسيرة الأسبوعية كل يوم جمعة في النبي صالح، صارخة في وجه الاحتلال أنّ “اخرجوا من أرضنا.. فهذه الأرض ليست لكم”، كاشفا أنها كانت تتمنى دائماً أن تدرس القانون لتصبح محامية لتدافع عن وطنها وأهلها وشعبها.

وبدأت مسيرة النبي صالح في كانون الأوّل/ديسمبر 2009، كاحتجاج أسبوعي لأهالي القرية وبعض المتضامنين الدوليين ضد جدار الفصل العنصريّ ومصادرة أراضي القرية لصالح مستوطنة “حلميش”، وهي تأتي في سياق المقاومة الشعبية ضد جدار الفصل العنصري الذي التهم جزءًا كبير من أراضي القرية.

وحيث امتلأت وسائل الإعلام بصور الطفلة “عهد” التي اشتهرت بشجاعتها، فلقد حظيت بتكريمٍ غير مسبوق بحصولها على جائزة “حنضلة للشجاعة” في كانون الأوّل/ديسمبر 2012، قدمتها لها بلديّة “باشاك شهير” في مدينة إسطنبول التركيّة، قبل أن يلتقيها رئيس الوزراء آنذاك رجب طيّب أردوغان، ويثني على شجاعتها.

عائلة مكافحة

وتنتمي “عهد” إلى عائلة فلسطينية عريقة عُرفت بنضالها وكفاحها ضد الاحتلال، إذ تعيش وسط حالة مطاردة شبه يومية من الاحتلال، بسبب سكنها في منطقة تخضع للسيطرة “الإسرائيلية”، حيث اُعتقل والدها أكثر من 9 مرات، فيما اعتقلت والدتها أكثر من 5 مرات وكذلك أخيها، بخلاف استشهاد عمها وخالها برصاص الاحتلال الصهيوني.

ومنذ بلوغها الأربعة أعوام، يقول والدها: “إنّها لا تترك مسيرة أو فعالية لمناهضة الاحتلال إلا وتشارك فيها، رفضاً للسياسات الصهيونية، ويؤكد: “هي لا تخشى الاحتلال، وكانت تؤمن بما تفعل تماماً، وترى أنّ الخروج في المسيرات المناهضة للسياسات الصهيونية حافز للناس للاستمرار في النضال”.

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية قد خصت عنوانها الرئيسي اليوم، إلى ما عدّته ظاهرة إقدام فتيات قاصرات ونساء فلسطينيات بالاعتداء على جنود الاحتلال “الإسرائيلي” خلال المظاهرات والمواجهات التي تشهدها الضفة الغربية والقدس المحتلتين، احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي القدس عاصمة للكيان الصهيوني.

ورجحت الصحيفة أنه بعد اعتقال التميمي، سيشرع جيش الاحتلال بحملة خاصة تستهدف الفتيات الفلسطينيات اللواتي يتم توثيقهن من خلال الفيديو بالتصدي لجنود الاحتلال والمشاركة بالمواجهات المندلعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة للأسبوع الثالث على التوالي.

ثلاث إصابات

قبل اعتقالها لم تكن “عهد” فتاة عادية؛ فقد تعرضت للإصابة 3 مرات برصاص الاحتلال المطاطي، وتعرضت لكسر بيدها في إحداها، ورغم ذلك لم تتخلَّ عن شجاعتها، وواصلت الدفاع عن نفسها وأهلها والصراخ في وجه جنود الاحتلال.

ورغم اعتقال “عهد”، فلا زالت تعاني عائلة التميمي خطر “التهجير القسري”، بسبب تهديدات قوات الاحتلال المتواصلة لهم بهدم منزلهم بحجة عدم الترخيص.