الخميس 25/أبريل/2024

بالصور .. تشارلي تشابلن يظهر في غزة

بالصور .. تشارلي تشابلن يظهر في غزة

لم أكن أتوقع أن أقابل خليفة “تشارلي تشابلن” في مدينة دير البلح بقطاع غزة المحاصر، فظهوره على غير استئذان بين المرضى وأصحاب الوجع يسبر غور القصة بكثير من التفاصيل.

ويبدو الشاب عبد الله أبو شعبان (23 عاماً)، والمتعافي حديثاً من مرض السرطان معجباً بشخصية “تشارلي تشابلن” الذي أصبح أيقونة السعادة التي أدخلت الفرح إلى قلوب العالم.

منذ عامين غادر سرير المرض، وقرر تكرار التجربة التي أدخلت السرور على قلبه حين كان يرقد في المستشفى، فتأثر بدور المهرّج الطبّي الذي يزور حجرات مرضى السرطان وأصحاب الأمراض المزمنة؛ لإدخال السعادة إلى قلوبهم.


null

أصيب أبو شعبان عام 2007 بمرض السرطان، وعندما لازم المستشفى تسلل إلى سمعه صوت موسيقى تقترب من الحجرة قبل ظهور مهرّج أدخل السرور إلى قلبه، وحوّل مسار تفكيره بعد تعافيه.

بعد رحلة طويلة من العلاج في غزة والداخل المحتل، تعلّم التهريج الطبّي؛ لكنه منذ شهور يعجز عن ممارسة هوايته لعدم انتظامه مع مؤسسة أهلية أو حكومية بغزة.

السعادة علاج الألم
للمرة الأولى أستمع لتفاصيل عن تشارلي تشابلن في دير البلح، كيف كان يدخل السرور على الناس صامتاً أو متحدثاً، حتى عبارته الخالدة التي يحفظها محبو التهريج التي تقول “علاج كل الأمراض هي السعادة”.

يقول أبو شعبان لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“: “منذ أن شفاني الله واصلت العمل منفرداً، فواظبت على زيارة مستشفيات مرضى السرطان والكلى، أقترب من أسرّتهم وأخفف من آلامهم”.

حصل عبد الله على جرعات علاج الكيماوي داخل مستشفيات الداخل المحتل، تداوى فيها من ورم قرب عظام الجهة اليسرى من صدره الذي كان ضاغطاً على القلب والرئة، ومرّ بمراحل علاج طويلة حتى زراعة النخاع.

عدم التوافق في الملبس، وتثبيت أنف أحمر، والقيام بحركات مضحكة؛ هو ما يثير اهتمام أي مريض يشاهد المهرّج في المستشفى، والمهرّج الناجح غالباً لا يحتاج كثيرا من الأدوات.


null

null

مواقف لا تنسى
مرّ أبو شعبان خلال عمله بمواقف كثيرة، أهمها ذلك اليوم الذي أنهى مهمة الترفيه عن مرضى مستشفى بغزة، فشاهد أمًّا تبكى لسوء حالة ابنها، وعندما أخبرها أنه كان مريضاً بالسرطان وتعافى لم تصدق.

ولم تخل رحلته من مواقف محزنة، يذكر منها ممارسته للتهريج الطبي في حجرة سيدة مريضة بقسم الأورام، وقد رفضت وجوده في البداية، حتى تمكن من التهريج وإدخال السرور عليها، ولكنه لم يكد يغادر المشفى حتى أُعلن نبأ وفاتها.

لكل مريض مفتاح للعمل يكتشفه عبد الله قبل ممارسة التهريج الطبّي، فبعضهم يدخل حجرتهم ويبدأ بالمصافحة، وآخرون يطبّل لهم على شيء، أما الرافضون لوجوده فيضطر لاستخدام اكسسوارات بسيطة مثل الكرة الصغيرة أو البالون.

البطالة
في ديسمبر الماضي اختتم أبو شعبان عامين في ممارسة التهريج الطبّي في غزة مع مؤسسة بسمة أمل وفي مسشتفيات الداخل المحتل التي تدرّب مع بعض طواقمها وعمل معهم.

ويتابع: “كل مهرّج طبّي مهرّج عادي، وليس كل مهرج عادي مهرج طبي، فهناك قواعد عمل مثل نظافة السرير، والهدوء في المكان، والحفاظ على سريّة المريض”.

بعد انتهاء عمله مع مؤسسة بسمة أمل في ديسمبر 2016 حاول التردد على مستشفى الرنتيسي؛ لكن وزارة الصحة بغزة طلبت منه مؤخّراً إثباتاً يؤكد عمله تحت إطار مؤسسة، وفي وقت سابق طلبت وزارة الصحّة منه ترخيصاً من وزارة الثقافة.

ويتمنّى عبد الله أن تتطور ثقافة الترفيه عن المرضى في مستشفيات قطاع غزة الذي يعاني من ويلات الحصار، مشيراً أن الحالة النفسية كانت ولا زالت العامل الأساسي في علاج المريض في كل زمان ومكان.

إحساس بالآخر
ويرى زهير ملاخة الخبير النفسي أن الاحساس بألم المرض يدفع الإنسان للشعور بالآخرين أثناء المرض أو بعد التعافي منه، وأن قصة أبو شعبان جسدت حالة إسقاط لمشاعره على الآخرين.

ويضيف: “يحاول منذ تعافيه أن يكون إيجابياً لأنه افتقد للسعادة حين كان مريضاً، وشعر بأهميتها حين شاهد للمرة الأولى المهرج ومساندة الآخرين له، والطبيب المهرج هو شخص إحساسه عالي، وتجربة عبد الله تكشف عن عزيمة وهدف نبيل”.

أما هاني الشريف الخبير في صناعة الدمى وممارسة التهريج، فيمتدح ما يقوم به أبو شعبان، مشدداً أن فكرة الطبيب المهرّج نفذت بغزة من قبل عبر طاقم من المهرجين كانوا يزورون المرضى للترفيه عنه.

ويتابع: “أنا أصنع الدمى وأمارس التهريج منذ 15 عاماً، وأعرف ما معنى إدخال الفرح على قلوب منكسرة، فقد شاركت في الترفيه لدار المسنين ومرضى متلازمة داون، وكنا ننقل جو المرح للمكان بأكمله”.

ويرى أن تجربة أبو شعبان تجربة خاصّة، لأنه عاش المرض بنفسه مدركاً أهمية التفاؤل؛ خاصّة مرضى السرطان الذين يشكل العامل النفسي جزءًا مهما من تعافيهم، لذا أعاد أبو شعبان تكرار التجربة بعزيمة وتفاؤل في ذات الوقت.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات