الخميس 25/أبريل/2024

فتح وحق العودة.. تمسك في العلن وتنازل في المفاوضات

فتح وحق العودة.. تمسك في العلن وتنازل في المفاوضات

لطالما بقي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم؛ التي طردتهم منها العصابات الصهيونية بغطاء من دول غربية مؤثّرة، جوهر القضية الفلسطينية منذ عام (1948)، حتى سقط غصن الزيتون من يد (عرفات) زعيم حركة “فتح”، مع نفاد ذخيرة البندقية في اتفاق (أوسلو). 

منظمة التحرير الفلسطينية التي تتزعمها حركة فتح مرت بمراحل كثيرة حاول فيها الاحتلال الالتفاف على حق العودة، فصمدت لحين من الزمان وخارت قواها حين وقعت في شرك اتفاق “أوسلو” الذي حوّل خطابها وبدّل مسارها السياسي جزئياً.

وكانت الأمم المتحدة أصدرت قرار رقم 194  بتاريخ 11/12/1948 دعا لإنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة، وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم، وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين مستقبلاً.

ومرّ الحديث عن حق العودة بسلسلة محطات أولها قبول صوري لـ”ديفيد بن غوريون” عام (1950) بعودة (50) ألف لاجئ، ومشروع الشروط العشرة عام (1974) والتمهيد للمفاوضات على قاعدة مبدأ “إسرائيل” أمرًا واقعًا.

ومع قدوم اتفاق “أوسلو” كرّس الاحتلال واقع الاستيطان، ولم يعد الحديث عن حق العودة سوى على منصات وسائل الإعلام في ظل رفض إسرائيلي دائم بعودة اللاجئين، وحتى رفض المبادرة العربية عام (2002) التي دعت للعودة وفق ما يقبله الطرفان.

خطاب سياسي

التصريح باستبعاد حق العودة من أي جولة مفاوضات هو شهادة وفاة لكل جولة مفاوضات، وقد بقي حق العودة جزءًا من الخطاب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتحديداً فتح ولكن دون جدوى.

ويؤكد د. فايز أبو شمالة أن خطاب فتح السياسي ظلّ إعلامياً وبلغتين؛ الأولى تتحدث عن حق العودة للجمهور، والثاني بلغة سياسية لا تتشدّد فيه في المفاوضات.

ويضيف: “الاحتلال زمن بن غوريون وعد بتطبيق قرار 181 بعودة 50 ألف لاجئ ولم يطبق ولا زال يرفض المبادرة العربية عام 2002 ووصل به لإسقاط إمكانية عودة الفلسطينين مكان مستوطنات قد تخلى مستقبلاً” .

مشروع النقاط العشر

التحوّل المهم كان مع مشروع النقاط العشر عام (1974) بكيان الاحتلال كأمر واقع، وهو ما زاد من مشقّة طريق فتح وهي تطالب بحق العودة حتى وصل الحال برئيسها عباس ليقول “من حقي زيارة صفد وليس من حقي السكن فيها”.

أما المحلل د.عبد الستار قاسم فيرى أن فتح التي تتزعم منظمة التحرير الفلسطينية، باتت منشغلة الآن بالحديث عن حل الدولتين وإقامة دولة لم يكن من الثوابت المهمة التي تتقدم على حق العودة.

ويتابع: “الحديث عن حق العودة من المسئولين فقط كلام إعلامي فليس هناك إصرار على ذلك؛ فالاعتراف بـ”إسرائيل” دولةً صاحبةَ سيادة لا يتواءم مع مطالبة عودة اللاجئين؛ لأن ذلك يحدث خللا سكانيا لـ”إسرائيل” التي تعترف الأمم المتحدة بسيادتها” .

ويصف قاسم القرار(194) بالمائع لأنه يمنح (إسرائيل) حق السماح بالعودة ولا يركّز على وجوب عودة الفلسطينيين، وقد تراجعت جهود قادة فتح حتى اكتفوا بالمطالبة بالعودة، ولا يفعلون أمراً واقعاً سوى التنسيق الأمني وتلقي معونات الغرب المالية.

ويكتسب حق العودة درجة المفصلية في البرنامج الوطني الفلسطيني حسب وصف رمزي رباح القيادي في الجبهة الديمقراطية والخبير في شئون اللاجئين، وقد ارتكز تقرير المصير على إقامة دولة مستقلة وحق العودة.

ويتابع: “نضالنا الفلسطيني كرّس حق العودة وحصلنا على تصويت 200 مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجماع دولي، وقد حميناه بتواصل وجود حياة في المخيمات بنسيج اجتماعي محدد، ورفض مشاريع التوطين في سيناء وسوريا والأردن وحتى كندا”.

من أجل قرار (194) أنشأ المجتمع الدولي (الأونروا) لتوفير خدمات إعانة وتشغيل اللاجئين حتى يتمكنوا من تطبيق القرار، فيما يلفت الخبير رباح لمحاولات الالتفاف عليه من خلال وصف حل متفق عليه حسب المبادرة العربية وعبر تصفية خدمات (الأونروا) بتشكيل ما عرف بلجنة متعددة في كندا تشطب (194).

أوسلو وحق العودة

الحلقة الأهم كانت منذ ميلاد اتفاق (أوسلو) الذي اعترفت فيه فتح كزعيمة منظمة التحرير الفلسطينية بدولة (إسرائيل) في اتفاقية لم تذكر حق العودة أو حق إقامة دولة، وبقي الحديث عن عودة اللاجئين مرحّلا لمرحلة الحل النهائي.

ويقول المحلل قاسم إن الاعتراف بوجود (إسرائيل) التي يقرّ القانون الدولي بوجودها فيما لم تفلح زعامة منظمة التحرير الفلسطينية في توظيف القرارات الدولية السابقة مع قرار (242) للثبات على حق العودة.

ويتابع: “تدرّج التدهور منذ الوصايات العربية على أجزاء من فلسطين، والحكومات العربية لم تصرّ على حق العودة، ومنظمة التحرير حصلت على قرار من الأمم المتحدة عام 1974 عن حق العودة وتقرير المصير، لكنها لم تستخدمه بفعالية”.

أما رمزي رباح القيادي في الجبهة الديمقراطية وخبير شئون اللاجئين فيرى أن (أوسلو) أضرت بحق اللاجئين حين بقيت ترحله من بعد للحل النهائي بينما تحاول (إسرائيل وأمريكا) الآن الضغط لتجاوز قرار (194) بمشاريع توطين جديدة لدول الجوار.

لكن الخطورة الحالية تتلخّص في تعديل جديد على المبادرة العربية لعام (2002) التي لم تطالب بقرار العودة (181) في ظل قيادة فلسطينية جوهرها حركة فتح بزعامة عباس تطرح الحق فقط للمساومة الإعلامية، بينما طاقم التسوية يدرك أن الاحتلال يرفضه من أوله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات