السبت 31/أغسطس/2024

عقوبات جماعية

أ.د. يوسف رزقة

من البدهي أن الاحتلال هو أهم وأخطر عقوبة جماعية تمارسها دولة العدو ضد الفلسطينيين، لذا كان تصريح رئيس بلدية تل أبيب اليساري في مكانه حين قال إن احتفالات الفلسطينيين بعملية تل أبيب، بسبب الاحتلال لهم منذ (٤٩) عاما، (وخير القول ما شهد به العدو على نفسه؟!).

أما وأن الاحتلال مستمر منذ عشرات السنين فسنحاول هنا التعقيب على العقوبات الجماعية التي طالت السكان في شهر رمضان المبارك، وننقل بعض تفاصيل هذه العقوبات من لسان نتنياهو نفسه؛ حيث قال: إنه “قررنا سلسلة خطوات حازمة” في إشارة إلى قرارات (الكابينيت)، حيث “فرضنا طوقا على يطا. قبضنا على الرجل الذي تعاون مع القتلة؟! سحبنا تصاريح عمل من مئات أبناء الحمولة، وألغينا تسهيلات (شهر) رمضان أيضا”، و”عززنا القوات عند خط التماس، وهنا في تل أبيب أيضا، وقررنا القيام بسلسلة خطوات أخرى لن أفصّلها هنا”.

نظام العقوبات الجماعية عمل مخالف للقوانين الدولية بشكل عام، ومخالف للقانون الدولي الذي يحكم عملية احتلال دولة لشعب آخر. لماذا يحاصر (٩٠) ألفا هم سكان يطا ؟! ولماذا تسحب تصاريح عمل (١٥٠) عاملا من أبناء حمولة مخامرة؟! ولماذا تلغى تصاريح (٨٣٠٠٠) للسكان في شهر رمضان؟! ولماذا تمنع زيارة المصلين من غزة للمسجد الأقصى؟! ولماذا تمنع زيارة الأقارب بين غزة والضفة وال٤٨ في شهر رمضان والأعياد؟!

العقوبات الجماعية التي يجدر بالعالم الحرّ استنكارها فورا، لن تجلب أمنا لتل أبيب، ولن توفر أمنا للاحتلال، لأن عملية تل أبيب الفدائية كانت ضد الاحتلال، وليست ضد من قتلوا أو جرحوا بأعينهم، فقد كان من الممكن أن يكون القتلى والجرحى من غيرهم. الاحتلال هو سبب مباشر لعملية تل أبيب كما صرح رئيس البلدية، وأحسب أن العقوبات الجماعية ستزيد غضب الفلسطينيين اشتعالا، بالعقوبات الجماعية تزيد النيران اشتعالا، كمن يصب الزيت على النار سواء بسواء، والواقع يؤكد هذا.

ومن عقوبات يوم الجمعة أمس الجماعية أيضا: حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في كافة أنحاء مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، فقد اقتحمت القوات فجرًا كلًّا من مدينة يطا وقرية الشيوخ، وقرية بيت عوا، ومدينة الخليل (المنطقة الجنوبية) كما اقتحمت بلدتي سنجل وبدرس في رام الله، ومخيم عايدة في شمال بيت لحم، وحي كفر سابا في قلقيلية، والعيزرية وأبو ديس والقدس القديمة، وطمون وطوباس.

لم تقف العقوبات الجماعية عند هذا الحدّ، وهذه الأماكن في الضفة وغزة؛ بل تعدتها إلى العدوان على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين في أراضي ال ٤٨، حيث قام مستوطنون فجر الجمعة بحرق شاحنتين، وكتابة عبارات معادية للعرب الفلسطينيين على سيارات تابعة لعائلة نعراني في يافة الناصرة المحتلة تدعو إلى موت وقتل العرب، وأوقعوا أضراراً جسيمة. وذكر إبراهيم نعراني صاحب الشاحنات أنه قدم شكوى لدى الشرطة. وهذه الأعمال تجمع بين العقوبات الجماعية والأعمال العنصرية على أساس العرق والجنس؟!

نحن لا تستجدي العالم ليقف معنا ضد هذه العقوبات الجماعية، فقد ناديناه من قبل سنين وسنين طويلة، ولكنا نعرضها هنا لنقول إن العقوبات الجماعية ترتبط ارتباطا عضويا بالاحتلال، كما أن العمليات الفدائية ترتبط ارتباطا جدليا بالاحتلال نفسه. أوقفوا الاحتلال لتقف العقوبات الجماعية.

المصدر: صحيفة فلسطين

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات