السبت 20/أبريل/2024

بوليتكنك فلسطين.. منصة لقوافل الشهداء

بوليتكنك فلسطين.. منصة لقوافل الشهداء

تُعد جامعة بوليتكنك فلسطين في مدينة الخليل، إحدى أبرز الجامعات الفلسطينية التي قدمت الكثير من التضحيات على مدار تاريخ صراع شعبنا مع المحتل؛ حيث قدم أبناؤها، وخاصة من أبناء الكتلة الإسلامية، أروع الأمثلة في التضحية بأغلى ما يملكون في سبيل نيل شعبهم حريته وكرامته.

وقد تنوعت أعمال المقاومة التي قدمها أبناء البوليتكنك على عدة أصعدة، فمن العمل الأكاديمي والمجتمعي إلى التوعية والتثقيف بأهمية المقاومة والجهاد في وجه المحتل، وصولاً للعمل الميداني الذي تنافس فيه العظماء ليذروا أرواحهم ودماءهم فداء لفلسطين، وليعبّدوا طريق الجهاد والاستشهاد للأجيال اللاحقة.

النموذج القدوة

وكان من أبرز من حفر اسمه بين خيرة المجاهدين الذين سطروا بجهادهم أروع دروب الملحمة مع الاحتلال، الشهيد البطل نشأت الكرمي ابن جامعة بوليتكنك فلسطين، الذي اغتالته سلطات الاحتلال بعد أن أثخن فيهم الجراح، وأضج مضاجعهم بعد أن ظنوا أنهم في مأمن من أبطال المقاومة والتضحية في الضفة الغربية.

وقد التحق الشهيد الكرمي بالجامعة في عام 1997 ودرس تخصص هندسة، وشغل منصب رئيس مجلس اتحاد الطلبة، وذلك على خلفية نشاطه الدعوي والنقابي المميز الذي قدمه في خدمة إخوانه الطلبة.

واعتقل الكرمي للمرة الأولى عام 1999 ما يقارب ثلاث سنوات، وبعد الإفراج عنه بفترة قصيرة اعتقل لمدة ثلاثة شهور إدارية ومن ثم أفرج عنه، حتى اعتقل الاعتقال الأخير بتاريخ (4-5-2004) بعد إطلاق النار عليه من قبل قوات الاحتلال، وإصابته إصابة بالغة في بطنه، بينما أصبح يستعمل الكرسي المتحرك لفترة قصيرة.

وعرف عن الشهيد البطل منذ انتمائه لحركة حماس بداية التسعينات، نشاطه في الحركة؛ حيث شغل مناصب قيادية ميدانية فيها، وكان من أبرز ما يميزه -كما قال مقربون منه- أنه لم يكن يحب التصوير الفوتوغرافي، ونادرًا ما يتمكن أي من أصدقائه الحصول على صورة له، ولم يكن يحب استعمال الأجهزة الخلوية النقالة، بل كان شديد الحرص والحس الأمني، بالإضافة إلى أنه كان متفوقًا في دراسته، وعالي الثقافة والعلم والمعرفة.

جهاده وتضحياته

ورغم امتلاكه لمقومات العمل النقابي والدعوي كما هو حال الكثير من إخوانه، إلا أن الشهيد الكرمي آثر صوت الرصاص وهو يخترق صدر عدوه على أي عمل آخر، وكان، كما تصفه زوجته، شديد الشوق للشهادة والالتحاق بركب إخوانه الشهداء الذين لم يغيبوا عن ذهنه وذكره لحظة.

وكانت أبرز عملية نفذها الكرمي هي عملية بني نعيم في الخليل؛ حيث تمكن هو ورفيق دربه مأمون النتشة من قتل 3 من الصهاينة ودفنهم في مكان ما في أرض بالخليل، ليعلن الكيان الهش حينها أقصى درجات الاستنفار للبحث عن الصهاينة الثلاثة، وعن المنفذين.

وبعد أشهر من الملاحقة وبمساعدة أجهزة الأمن الفلسطيني، تمكنت القوات الخاصة الإسرائيلية من العثور على المكان الذي يختبئ فيه نشأت ورفيقه مأمون، لتشتبك معهم لمدة 8 ساعات متواصلة، قبل أن يستشهدا ويرويا بدمهما ثرى الخليل الطاهر.

وقد رسم الكرمي بجهاده الدؤوب طريق العزة والكرامة للأجيال المتعاقبة، خصوصًا من أبناء البوليتكنك الذين تعرفهم ساحات العمل الجهادي جيدًا، فما عرفوا الخنوع يومًا ولا التراجع رغم كثرة المحن والملاحقات، وهم يؤكدون بصبرهم وثباتهم أنهم باقون على العهد، وأن الراية التي سقطت من يد نشأت باستشهاده ستلاقي ألف نشأت يحملونها ويكملون بها الدرب والطريق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات