السبت 02/نوفمبر/2024

فرحة الشهادة إعجاز يحيّر الصهاينة

فرحة الشهادة إعجاز يحيّر  الصهاينة

لطالما أثارت صور أمهات الشهداء تساؤلات عديدة في الشارع الصهيوني، وكان السؤال الأبرز عن سر الفرحة الغامرة التي تجتاح الأم الفلسطينية عند فقد نجلها لدرجة تجعلها توزع الحلوى في عرس شهادته.

الكاتب الصهيوني في صحيفة “إسرائيل اليوم” “نداف شرغاي” حاول الإجابة عن هذه التساؤلات، في مقال تحت عنوان “لدينا قتلى ولديهم شهداء”.. قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام” ألقى الضوء على أبرز ما جاء في هذا المقال.

عرس الشهيد

استهلّ الكاتب بالقول: “الثقافة الإسلامية والفلسطينية تنظر إلى موضوع الحياة والموت بطريقة تختلف عن الثقافة الإسرائيلية؛ حيث يتم لديهم تقديس “الشهادة” وتوزيع الحلوى بدل الحداد”.

ويسرد حادثة وقعت في مثل هذا الشهر قبل 13 سنة؛ حيث سافرت حافلة من مفترق شمعون لتسفرريم، وصعد استشهادي من حركة حماس وهو محمد عمران سليم القواسمي وفجّر نفسه بواسطة 10 كغم من المواد المتفجرة التي وضعها على جسده. الحافلة تحطمت تماماً، وبدأت تحترق وقتل 17 شخصاً،  أحدهم كان آساف تسور، كما يقول الكاتب.

ويذكر الكاتب حال والدة آساف تسور عند تذكرها ذلك اليوم التي قتل فيه ابنها تقول: “كنت مصدومة فقد قُتل ابني، وفي المقابل أم (المخرب)، رفضت طلب العائلة بلبس السواد والحداد وأبلغت الجميع أنها ستحتفل بموت ابنها البطل مدة ثلاثة أيام، وبالفعل استقبلت الزوار في خيمة العزاء، ووزعت عليهم السكاكر”.

وتابع الكاتب بالقول: “إلا أن السيدة القواسمي، التي لا يستطيع يوسي تسور محوها من ذاكرتها ليست الوحيدة، فهناك نماذج عديدة وردت في نشرة “نظرة للصحافة الفلسطينية”.

ففي صورة أخذت من الصفحة الرئيسة على الفيس بوك، تظهر والدة حسين أبو غوش وشقيقة إبراهيم علان وهما توزعان السكاكر أثناء “عرس الشهيد علان في بيت عور التحتا”. 

وعلان وأبو غوش، هما منفذا عملية الطعن في حانوت في بيت حورون في الشهر الماضي؛ حيث قتلت شلوميت غريغمان (24 سنة)، وأصيبت امرأة أخرى إصابة بالغة.

فرح الشهادة

وبمرور سريع على أرشيف “نظرة للصحافة الفلسطينية” يكشف الكاتب عن مجموعة من التعبيرات المشابهة، فوالدة نهاد مسودة الذي قتل “غاندي كوفمان” قبل بضعة أشهر بالقرب من الحرم الإبراهيمي، أظهرت فرحها على موت “الشهداء”، وأكد أبناء العائلة أن سعادتهم زادت أكثر من سعادة العرس الذي خططوا له.

 آيات الأخرس (17 سنة) قتلت اثنين، وأصابت 28 في كريات يوفيل في القدس، وقد سميت “عروس بفستان الشهادة”.

والدة محمد سنقرط، الشاب ابن الـ 16 سنة الذي قتل أثناء مظاهرة في وادي الجوز، قالت أثناء الجنازة إنها “تشعر لأول مرة بالفرح في قلبها”، وأضافت “الحمد لله الذي أعطانا الشهادة”.

من جهة أخرى يشير الكاتب إلى أن الأمهات اليهوديات الثكالى (مثلا ايلانا دادون التي فقدت ابنتها شيلي) أعربن أكثر من مرة أن يكون أبناؤهن الضحايا الأخيرة في هذا “الصراع الدموي”.

 إلا أن الأمهات الفلسطينيات يتحدثن بشكل مختلف؛ فوالدة الاستشهادية وفاء إدريس قالت: “إنها فخورة بابنتها، وهي تتمنى أن تسير فتيات أخريات في أعقابها”، يورد الكاتب.
 
السيدة الشاويش مثلا التي اعتقل ثلاثة من أبنائها وحكموا بالمؤبد، وابنها الرابع موسى قتل في الانتفاضة الأولى، أعربت عن أملها بأن يسير أبناؤها الذين بقوا أحياء وزوجها في طريق موسى، وأضافت “لن أحزن لأنهم يسيرون في الطريق الصحيح”.

الهدف الغالي

إن كثيرًا من الأمهات الفلسطينيات يتصرفن بهذا الشكل على حد قول الكاتب، وأقوال أمهات إدريس والشاويش ليست استثنائية؛ فأم إيهاب أبو سالم من قرية رنتيس، الذي نفذ عملية في القدس، قالت إنها استقبلت خبر الشهيد بـ”فرحة؛ لأن هذا الموت واجب علينا”، فيما تقول شقيقة دلال المغربي التي نفذت عملية في حافلة صهيونية إن دلال هي مصدر فخر للمرأة الفلسطينية.

عند الفلسطينيين يتحول الفقدان إلى فرح، على حدّ وصف الكاتب، ويظهر ذلك واضحاً من خلال البرامج التي يبثها تلفزيون حماس، في إشارة لفضائية الأقصى.

ويقول: “ففي استوديو مليء بالألعاب والألوان يجلس الأولاد ومعهم ابنة ريم رياشي التي فجرت نفسها في معبر “إيرز” في 2004 وقتلت أربعة، على الشاشة تظهر ممثلة تؤدي شخصية الرياشي وطفلة تؤدي شخصية ابنتها، البنت تسأل الأم من خلال الأغنية: “ما الذي تحملينه؟ هدية أو لعبة من أجلي؟” وتجيب بنفسها: “بدلا من أن تحمليني حملتِ القنبلة بين يديك. الآن فقط فهمت من الأغلى”.
 
ثقافة مختلفة

واستعان الكاتب برأي المستشرق الدكتور مردخاي كيدار، الذي قال “إن الحياة والموت كما نعرفهما في ثقافتنا يختلفان في المجتمع الإسلامي بما في ذلك في المجتمع الفلسطيني. إنها ثقافة أخرى”.

 ويضيف “في جنازاتهم يحمل الشهداء دائما على الحمالة ووجوههم مكشوفة، حسب هذه القناعة، كما يقول الكبار “الشهداء ليسوا أمواتًا”، ومن ينظر جيدا سيرى الكثير من الناس الذين يتدافعون نحو الجثة، وهم يحملون المناديل بأيديهم ويقومون بمسح وجه الشهيد، وبعدها يضعونها على وجوههم وجبهاتهم.

يذكر كيدار أيضا “رائحة المسك”، يتحدثون عن هذا كثيرا في الجنازات، وفي الصحف يقولون إن البيت له رائحة المسك، ويضاف إلى كل ذلك التهليل والفرح والجنازة نفسها طالما أنها جنازة شهيد فهي زفة، أي عرس لأن الشخص لم يمت.

ويقول: “وحسب القرآن سيتزوج من 72 حورية. قبل بضعة أشهر قتل في يوم واحد في عمليات منفصلة شاب وشابة وكانت الجنازات منفصلة، لكن أثناء الجنازات قام الوالدان بتزويجهما في السماء”، في إشارة للشهيد رائد جرادات ودانيا ارشيد.

وختم الكاتب مقاله بالقول: “من جهة أخرى وقبل بضعة أسابيع نشر في هذا الملحق موضوع حول الانتقادات التي تحدث بها المثقفون والإعلاميون الفلسطينيون؛ حيث قالوا إن القيادة السياسية والعسكرية للسلطة الفلسطينية لا يجب أن ترسل أولادها للموت”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات