الجمعة 29/مارس/2024

الشهيد معتز حجازي.. ذاكرة الأسرة تأبى النسيان

الشهيد معتز حجازي.. ذاكرة الأسرة تأبى النسيان

“صباح الخير يا حاجة” هي ذات الكلمات التي كانت تنطلق قبل عام من الآن من حنجرة الشهيد معتز حجازي مع كل صباح لوالدته ليطمئن على حالها.

تستذكرها والدته السيدة شادية حجازي بعد مرور عام على استشهاده وتقول لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “كلمات بسيطة ولكن وقعها في قلبي كبير، فلسان معتز العذب في كل صباح يكون أحلى وأجمل من اليوم الذي سبقه كلمات أشتاقها، وقد تعودت عليها لمدة عامين وفجأة وبدون إنذار غابت عني”.

واستشهد معتز حجازي بعد أن قامت قوات الاحتلال بإطلاق أكثر من 30 رصاصة عليه بعد اقتحامها لمنزله في حي الثوري جنوب المسجد الأقصى بشبهة أنه من قام بمحاولة اغتيال أحد أكبر المقتحمين للمسجد الأقصى.

ترك المنزل

وتتابع والدته: “عام على غياب الشهيد معتز حجازي، وعام على غيابنا عن منزلنا الذي هددت حكومة الاحتلال بإغلاقه عقب استشهاده، فخلال أيام العزاء قامت قوات الاحتلال بإبلاغنا بقرار هدم المنزل وإخلائه خلال 48 ساعة، تشتت العائلة عقب تسلم القرار، فوالد الشهيد وأخوه أصبحوا ينامون عند عم الشهيد، أما أنا وأخته عند أخيه المتزوج ريثما نعمل على استئجار منزل يؤوينا بعد أن هدد منزلنا بالهدم أو التفجير”.

وتضيف: “هجرنا وتركنا المنزل وتركنا  ذكريات عالقة في منزل كان يسكنه شهيد وهو من فلذات كبدي، تركنا منزلا كان من المتوقع أن تتفجر بانفجاره وهدمه، ذكريات مخبأة لا تحتمل أن تصبح علنيه فيذهب معناها، وبعد عدة أشهر من هذا القلق المتواصل على حالنا قررت ما تسمى المحكمة العليا إغلاق جزء من المنزل”.

وتوضح: “خرجنا واستأجرنا منزلا في حي بيت حنينا، وعدنا مؤخراً لمنزلنا بعد أن أغلقت غرفة  الشهيد معتز بالباطون المسلح بتاريخ 6-10-2015”.

وتضيف شادية حجازي: “مكثنا ثمانية أشهر في بيت حنينا وكنا نأتي للمنزل عندما يحضر أحد الصحفيون من وكالات الأنباء لإجراء المقابلات التلفزيونية، وعند حضور بعض من الأجانب وحقوق الانسان للمنزل ليروا مكان استشهاد معتز حجاري ويوثقوا جرم إعدامه ومكان ترعرعه”.

وتضيف: “في حي بيت حنينا وجدنا معظم المجتمع المقدسي يعرف ولدنا الشهيد معتز ويشعر بألمنا، فقد أخبرونا عن حجم محبته ووده، ووجدنا عدة علاقات وثيقة ربطتهم به، وقاموا بمواساتنا عند ألم الشوق والفقدان للشهيد”.

وتابعت تقول: “أثناء مكوثنا في بيت حنينا “المحكمة العليا” الصهيونية اتخذت قرارا بإغلاق جزء من البيت ولكنها لم تحدد يوم الإغلاق وبقي مفتوحاً إلى أن جاؤوا وقاموا بإغلاق الغرفة، وأكثر من أربع مرات اقتحمت قوات الاحتلال المنزل، وأخذت قياسات هندسية له، وكانوا أيضاً يكسرون ما يجدونه من أثاث منزلي عند اقتحامهم للمنزل، وكانوا يطلقون  قنابل الغاز والصوت على كل من في الحي والمنزل”.

وتقول حجازي “غرفة معتز وعدي وخليل  أغلقت بالباطون، وكانوا يلعبون وينامون في هذه الغرفة،  كتبهم وذكرياتهم الطفولية والشبابية فيها، وكانت تستخدم كغرفة معيشة، وهي أكثر غرفة تدخلها وتتوزع فيها أشعة الشمس”.

ذكريات

وتضيف: “أجمل الذكريات بهذه الغرفة عندما خرج معتز من الأسر بعد 11 عاماً، فقد نظمنا له حفل استقبال بخروجه من السجن، وعند مغادرة المهنئين كان يأتي ويفتح الغرفة ويجلس ويخبرنا عن من حضر وماذا جرى بهذا اليوم، مضيفةً: “معتز كان بارا بي وبوالده، طيب القلب ومنعش الروح لا يتكبر ولا يعاند، وكان دائم الابتسام وذو عزيمة قوية لا يقهره ظلم السجان ولا زنازين الاحتلال، كان دائما ما يبث الأمل فينا عند ذهابنا لزيارته”.

قضى الشهيد معتز  أحد عشر عاماً ونصفا في سجون الاحتلال، منهم 10 سنوات في العزل الانفرادي، كان حكمه بالبداية ست سنوات، وخلال سجنه طعن أحد السجانين فارتفع الحكم حتى أصبح أحد عشر عاماً في عزل انفرادي. 

وتردف شادية حجازي تقول: “عامان على خروجه من السجن ليرحل شهيداً، لم أستطع بالعامين أن أشبع منه، فقد فارقني معتز عندما كان عمره ثمانية عشرة عاماً ليغيب مرة أخرى وبعمر الواحد وثلاثون شهيداً”.

وعن حجم الألم تقول والدة معتز: “غيابه أحدث فارقا مكانيا وزمانيا، فأنا أشعر بمعتز بكل أرجاء المنزل في نفسه وكلامه، وأراه يتجول معنا وخلال تواجده، يعمل جوًّا أسريا مفعما بالحيوية والضحك، فقد كان يجمع أفراد عائلته من إخوته وأعمامه وأبناء عمومته ويجلس هو وإياهم يتسامرون  ويتناولون الأحاديث”. 
وتقول: “عدنا بعد غياب دام سنة عن المنزل لنعيد بناءه منذ البداية، فلم نكن نعلم من البداية بإغلاق جزء من المنزل إلى أن صار واقعاً، بدأنا بتصليحه والمكوث به، غرفة معتز وضع فيها باطون مسلح لا نستطيع فيها استعمالها وبدا الجدار في غرفة المعيشة  يتشقق من صب الباطون”.

وتشير إلى أنه “أحياناً أنسى أن الغرفة أغلقت وأذهب إليها لأعاود فتحها لأجلب منها غرض، ولكن بابها لا يجيب يدي بالفتح فأتذكر بأنها أغلقت،  كانت هي منفس العائلة ومختلفة عن كافة الغرف الأخرى في المنزل فقد كنا نجلس ونأكل بها، وهي أكبر الغرف، اليوم لم يتبق من  المنزل سوى غرفتين، وبقيت الأمتعة والذكريات محبوسة في الحقائب المركونة في زوايا الغرفتين”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات