الأربعاء 14/مايو/2025

التكية الإبراهيمية.. مقصد فقراء فلسطين منذ زمن الأيوبيين

التكية الإبراهيمية.. مقصد فقراء فلسطين منذ زمن الأيوبيين

منذ ساعات الفجر الأولى والفتاة وجيهة زاهد (9 سنوات) تقف أمام مبنى التكية الإبراهيمية، في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، للحصول على وجبة إفطار عائلتها، إلى جانب آلاف الفلسطينيين الفقراء، في شهر رمضان المبارك.

زاهد، وبحسب وكالة الأناضول، “آتي هنا يوميا، لاستلام وجبة إفطار عائلتي المكونة من ثلاثة أشقاء إضافة إلى والدي، الذي لم يعد قادرا على العمل إثر مرض عضال”.

إلى جانب الفتاة زاهدة تصطف عشرات الفتيات، تقول إحداهن وتدعى “زنار الأطرش”، بينما تحمل وعاءً لاستلام وجبة عائلتها، “والدي لا يعمل، ونادرا ما يحصل على عمل، آتي هنا يوميا، لاستلام وجبات الإفطار”.

تضيف الفتاة “التكية كل شيء لنا، لولاها ما بنعرف من وين (لا نعرف من أين) ممكن نجيب (نأتي بـ) الفطور في رمضان”.

وتقدم التكية الإبراهيمية، الواقعة إلى جوار المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من مدينة الخليل نحو 6 آلاف وجبة إفطار يوميا، للعائلات الفقيرة طوال شهر رمضان المبارك، بتبرع من رجال الخير، وتتبع التكية لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.

ويحصل المحتاجون والفقراء على وجباتهم المكونة من اللحوم، والحساء (الشوربة)، والأرز، والخبز، يوميا، حيث يعرف عن مدينة الخليل، أنها المدينة التي لا ينام فيها جائع.

الدولة الأيوبية

جواد النتشة (52 عاما)، يعبرعن فخره لعمله منذ 14 عاما طاهيا في التكية، ويقول، “أشعر بالفخر بعملي، المتمثل بإطعام المساكين والفقراء وعابري السبيل”.

ويبدأ النتشة عمله من فجر كل يوم، وحتى ما بعد منتصف نهاره، لطهي ما يزيد عن طن (ألف كيلو غرام) من اللحوم.

وتعمل التكية كخلية النحل، فبينما يطهو النتشة اللحوم، يعمل متطوعون على تعبئة “الشوربة”، واللحوم في أوعية خاصة، يتم تمريرها عبر نوافذ صغيرة لتعود ممتلئة، ويستلم كل منتفع الخبز والأرز عند خروجه من موقع آخر في التكية.

ويعود عمر التكية الإبراهيمية إلى زمن حكم الدولة الأيوبية، ومنذ ذلك الحين تقدم وجباتها للفقراء طوال العام، بحسب عمار الخطيب، أحد إداريي التكية.

والتكية الإبراهيمية أنشئت إبان حكم الأيوبيين، إلا أن التكايا ازدهرت في ظل الحكم العثماني، حيث كانت وظائفها متعددة من عقد حلقات ذكر ورقص صوفي، وإطعام فقراء وعابري سبيل، بينما تحولت وظيفتها في العصر الحديث لإطعام الفقراء، وخاصة برمضان.

الخطيب، الذي يعمل مديرا للمشتريات في التكية يقول “نعمل على مدار العام، باستثناء يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، من كل عام، ونقدم الشوربة يوميا، في غير رمضان، إضافة إلى اللحوم أيام الاثنين والجمعة من كل أسبوع”.

ويحتفظ الخطيب بقائمة أسماء تجار ورجال أعمال، تبرعوا بكل تكاليف الوجبات على مدار أيام شهر رمضان المبارك، إذ تقدم التكية نحو 400 وجبة في غير رمضان، في حين يصل عدد المستفيدين منها إلى نحو (6-7) آلاف شخص في رمضان.

الأوضاع الصعبة

وأرجع مدير التكية محمد سلهب، تزايد أعداد المنتفعين من التكية إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، لافتا إلى ازدياد عدد المتبرعين في مقابل ذلك.

ويعمل في التكية 14 موظفا إلى جانب متطوعين، وأجهزة أمن فلسطينية لترتيب وتنظيم دخول المنتفعين، وهي عبارة عن مبنى قديم، في البلدة القديمة في الخليل، يجاورها معسكر للجيش “الإسرائيلي”، وبؤر استيطانية.

ويضطر المنتفعون إلى الانتظار في الشارع الملاصق للتكية لحين وصول دورهم، مما دفع إدارتها إلى التفكير ببناء مبنى جديد، لتسهيل دخول الأعداد المتزايدة، بحسب سلهب.

وقال مدير التكية “إنه تم إعداد مخطط لبناء المبنى، وباشرنا بالتنفيذ لبناء مبنى جديد، بتمويل من وكالة التنسيق والتعاون التركية (تيكا)، بجانب موقعها الحالي الملاصق للمسجد الإبراهيمي، إلا أن الاحتلال أوقفنا عن العمل قبل نحو عامين، بحجج أمنية”، لافتا إلى أن “تيكا ما تزال ترصد المبلغ لتنفيذ المشروع”.

وأضاف إن “الاحتلال يريد منا الخروج من البلدة القديمة، لكننا سنبقى، ونتكيف مع الواقع، وستبقى التكية ملاصقة للمسجد الإبراهيمي”.

وتكتسب التكية شهرة محلية، ويقصدها الفلسطينيون من مختلف أنحاء  الضفة الغربية في غير رمضان لتناول وجبة “الجريشة”، التي تتميز بها، والتي تطهى من القمح المجروش والسكر، ويعود اسم التكية إلى المسجد الإبراهيمي، الذي يحمل اسم أبي الأنبياء، إبراهيم الخليل عليه السلام.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...