لم يَعُد الانقسام فلسطينيّا

لم أكتب كلامًا مرسلًا، أو إسقاطات نفسية هنا أو هناك، وإنما الوقائع على الأرض تثبت ذلك، وكلٌّ بات يلمسها، وأحداث الربيع العربي كشفت معظم فصولها، والموقف من الأحداث المتتالية في مصر خير دليل على ذلك، ويبقى السؤال عن ماهية الحل.
في عام 2009م كنا نتحدث عن (سيناريو) الفيدرالية، ولكننا حينها كنا نطرحها من باب التهكم، وليس الطرح الموضوعي، واليوم أقولها بكل جرأة: مبارك للكيان العبري؛ فقد نجح في تحقيق أهدافه، ونحن سواء أَفَشلنا أم أُفشلنا، لا فرق كبير، وعليه لابد من التفكير العميق في إدارة هذه المرحلة.
المنطقة تفكك من أجل تركيبها من جديد وفق رؤى ومصالح دول كبرى، وسيطال الفك والتركيب فلسطين، وهذا لن يكون اختياريًّا، وإنما ممر إجباري قد لا نقوى على مجابهته، صحيح أننا تحاك علينا المؤامرة منذ سنوات، ولكن القادم قد يكون أسوأ، وقد يجبرنا على المضي قدمًا في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وهذا على أقل تقدير سيكون من وجهة نظر المخططين لا المنفذين؛ فالمنفذ يرى أنه يقود مشروعًا وطنيًّا تحرريًّا، كما هو الحال لدى حركة فتح التي أتت بأسوأ مشروع عرفه التاريخ المعاصر، وهو مشروع (أوسلو)، وصنعت من رحمه جماعات مصالح تدافع باستماتة لبقائه، ولعل التنسيق الأمني بالضفة يصلح ليكون أنموذجًا.
بعد كل ما سبق تبقى الإجابة عن تساؤل: ماذا بعد؟
أكرر: لا مصالحة ستتحقق بالقريب العاجل، وسيكون المشهد الإقليمي عبارة عن اصطفافات ذات بعد أيديولوجي، وسنعيش مرحلة فاصلة، ولكنها مؤلمة، وهذا مدخل وممر إجباري لقيادات فتح وحماس لاتخاذ قرارات بحجم تلك المرحلة، ولما كانت المرحلة ليست طبيعية؛ فإن القرارات لابد أن تكون غير طبيعية.
نعود إلى فكرة الفيدرالية، وربما هي أقل الخسائر في هذه المرحلة؛ حتى تستقر المنطقة، ونجنب شعبنا ويلات الحصار والدمار.
ما هي الفيدرالية؟
هي أحد أشكال الحكم، يكون هناك حكومة مركزية (وحدة وطنية) يرأسها الرئيس محمود عباس، وحكومة فرعية ترأسها حركة حماس في قطاع غزة، وحكومة فرعية لحركة فتح بالضفة الغربية، وينظم عمل الجميع دستور عصري للبلاد.
وعليه نستدرك الخطر المتربص بقضيتنا، ولكني أعتقد أن هذا الخيار لم يوافق عليه أصلًا؛ لأنه كما قلت في بداية المقال إن الانقسام لم يعد فلسطينيًّا، وإن إنهاءه مرتبط بإنهاء الانقسام داخل الأقطار العربية والإسلامية حتى داخل النظام الدولي.
وعليه إن الحالة التي يعيشها الفلسطيني بقطاع غزة لا تسر صديقًا أو عدوًّا، ومع فشل كل محاولات إنهاء الانقسام، وفي ظل الحالة الإقليمية والدولية السائدة؛ إنه يجب على حركة حماس بصفتها طرفًا ما زال يحكم قطاع غزة أن تخطو خطوات قد تكون صعبة، وتتمثل في فتح قنوات اتصال مباشرة أو غير مباشرة مع الاحتلال الصهيوني، ولكن في سياق يختلف عن سياق تجربة التفاوض التي عملت عليها منظمة التحرير الفلسطينية، والتركيز في ذلك على القضايا الحياتية لغزة، مثل: فتح المعابر، وإدخال العمال الفلسطينيين للعمل داخل أراضي الـ(48)، وفتح المطار والميناء، ومن المؤكد أن مقابل ذلك سيكون ثمنًا ستدفعه المقاومة الفلسطينية، مثل: وقف التصنيع، وحفر الأنفاق الإستراتيجية، والحفاظ على الأمن والاستقرار داخل القطاع، وهنا أقول لحركة حماس: إن موازين القوى لن تبقى كما هي عليه الآن، وقد تتغير، ولكن مستقبل الأجيال الذي يضيع لن يعوض، وعليه يجب النحت بالصخر من أجل الحفاظ على الكنز الذي يمتلكه الفلسطينيون والمتمثل في الإنسان، واتخاذ أي خطوة من أجل التخفيف عن كاهل الغزيين، وقد يذهب بعض إلى القول: “مغادرة حماس وموظفيها للمشهد قد تكون أقل الأثمان للحفاظ على الوحدة الوطنية”، وأرد على من يحمل هذا التوجه بالقول: “إن ذلك يعزز من منهج الإقصاء، وكل بات يعلم ماذا يعني الإقصاء: التطرف والعنف، وعليه تكون أفضل وصفة لحرب أهلية طاحنة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...