الأحد 29/سبتمبر/2024

اعتقالات نابلس.. رسائل الاحتلال من استهداف حماس بالضفة (تحليل)

اعتقالات نابلس.. رسائل الاحتلال من استهداف حماس بالضفة (تحليل)

ليس غريبا أن ينفذ الاحتلال الصهيوني حملات اعتقال يومية بحق الفلسطينيين، فالمدن والمحافظات الفلسطينية لا تغلق أبوابها أمام دوريات الاحتلال وقواته على مدار الوقت والساعة، وهذه إحدى خلاصات اتفاقيات أوسلو التي طمست ممارسات الاحتلال معالمها وبقي الفلسطينيون متمسكون بزبدها.

إلا أن اللافت، حملة الاعتقال الواسعة التي طالت نحو 29 ناشطا وكادرا وقيادياً من الشخصيات المقربة أو المحسوبة على حركة حماس في محافظة نابلس وحدها، وهذا بالمفهوم العددي أمرا لا يحدث إلا في الحملات التي تعقب أحداثا جساما، أو رغبة صهيونية في إيصال رسائل ما.

فمدينة نابلس، التي عرفت في تاريخها النضالي وطليعتها للمقاومة الفلسطينية لم تغب عن أجندات الاحتلال التي تحاول أن تجعل منها المدينة الأكثر صمتاً، والأكثر بعدا عن القضية الفلسطينية، وهذا الأمر تجلى في عملية السور الواقي التي نفذها الاحتلال في خضم انتفاضة الأقصى، وكذلك فيما يأتي ضمن الرؤية التي تقوم على تنفيذها السلطة الفلسطينية ببعدها السياسي والأمني بحق المدينة، والتي لا يمكن أن نقف على جزئياتها في الوقت الحالي.

هذا الرهان على إسكات المحافظة على مدار السنوات الماضية، وجعلها نموذجا لباقي المحافظات والمدن الفلسطينية بالضفة أثبت فشله، كما هو الحال في باقي المحافظات، أو حتى في تغيير الرؤية التي تربى عليها أبناء فلسطين منذ الاحتلال لهذه الأرض. 

لكن، ما الرسائل التي يحاول الاحتلال تقديمها في هذا التوقيت، الذي مثل مفاجأة لكثير من المراقبين والمتابعين؟ فلا يمكن أن تكون هذه الحملة بحجمها وتوقيتها أمرا عابراً. وبالتالي يمكن تقديم قراءة حولها وفقا للنقاط التالية:

أولاً: حركة حماس بثوابتها وقواعدها الشعبية والجماهيرية، أثبتت ولا تزال تثبت انغراس الفكرة والرؤية لدى الشارع والجمهور الفلسطيني، ويستحيل إزالة حالة الانتماء لهذا النهج من حملة استهداف مبرمجة أو عشوائية أو بأي شكل من الأشكال، وهذا الأمر يدفع الاحتلال إلى إبقاء حالة الإرباك لمنع أي محاولات يمكن من خلالها ترتيب الصف للحركة في الضفة الغربية بشكل عام، وفي بعض المحافظات المركزية بشكل خاص. 

وبالتالي، فإن عمليات حملة الاعتقال هذه قد تأتي في سياق المخاوف بدرجة أولى من أي محاولة لإعادة صف حركة حماس بمحافظة نابلس أو الضفة، رغم إدرك الاحتلال أن حركة مثل حماس لا تقوم على وجود أشخاص بحد ذاتهم بقدر بنيتها المنبثقة من المنهج المنغرس، والذي يصعب إنهاؤه كما ثبت بتجارب سابقة.

ثانياً: يدرك الاحتلال، أن الوجود الأمني للسلطة الفلسطينية بما يتضمن أساليب ومتابعة قادرة على إنهاك حالة المقاومة الفلسطينية، إلا أنها لن تكون قادرة على إشباع رغبة الاستهداف الصهيونية من المقاومة والفكر المقاوم في الشارع الفلسطيني، وبالتالي فإن الرغبة الأمنية الصهيونية لا يمكن أن تشبع عن بُعد إلا من خلال ممارسات على الأرض، وتتمثل هذه من خلال الاقتحامات والاعتقالات، وبالتالي لا يمكن عزل ما جرى من حملة واسعة في محافظة نابلس عن هذا المنطق. 

وفي هذا رسالة إلى السلطة الفلسطينية بشكل خاص، تتمثل في أن “الرؤية الأمنية” الصهيونية، لن تقف عند حد القرابين التي يمكن أن تقدم لها، كما هو الحال في المواقف السياسية. فالجهد الأمني المتمثل في حالة التنسيق لا يمكن أن يكون أمرا مسلما به من قبل الاحتلال، بل هناك مراهنة على كسب المزيد، ومحاولة إثبات صهيونية لأجهزة السلطة أن هناك ضعفا ونقصا ما يتطلب التدخل من طرفهم أو محفزا إضافي لممارسة المزيد من الانتهاكات في الاعتقال السياسي.

ثالثاً: هناك حالة من التسويق التي يحاول الاحتلال تقديمها من خلال حملات الاعتقال التي يقوم بها، وهي تأتي في أعقاب إما إخفاقات داخل الكيان نفسه، أو تمهيدا لخطوات مقبلة، وبالتالي يمكن أن نقرأ هذه الحملة بعد أيام ركزت فيها الصحافة الصهيونية على حالات الفشل التي مني بها جيش الاحتلال في حرب غزة، وبالتالي يحاول الآن إعادة رسم الصورة للجيش وقوى الأمن الصهيونية من خلال حملة اعتقالات صحبها الكثير من الزخم الإعلامي لمنح الشارع الصهيوني مزيداً من التطمينات أن القوة الأمنية لا تزال موجودة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

البرازيل.. مظاهرة تضامنية مع غزة ولبنان

البرازيل.. مظاهرة تضامنية مع غزة ولبنان

سان باولو – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الأشخاص في مدينة ساو باولو البرازيلية، السبت، احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية في غزة ولبنان. ورفع...

استشهاد 17 ألف طفل في غزة منذ 7 أكتوبر

استشهاد 17 ألف طفل في غزة منذ 7 أكتوبر

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفاد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، اليوم الأحد، بأنّ نحو 17 ألفاً من أطفال غزة...