الأربعاء 14/مايو/2025

(أم أحمد).. ومشقة رحلة الوظيفة اليومية

(أم أحمد).. ومشقة رحلة الوظيفة اليومية

رغم أن جيوبها فارغة، إلا أنها تقترض صبيحة كل يوم قسطًا من عزيمتها لتبدأ رحلة المشي قبل شروق الشمس.. تمضي الموظفة الحكومية (أم أحمد) يوميًّا سيرًا على الأقدام للوصول إلى مقر عملها.. ساعتان كاملتان من المشي ومثلهما في طريق العودة.
 
تقطع (أم أحمد) كل يوم قرابة 14 كيلو مترًا في طريق الذهاب والإياب فتواظب على وصولها في الموعد المحدد عند الثامنة صباحًا.. رحلتها الشاقة تفلح أحيانًا في توفير بعض الشواكل لعشرة أبناء، 3 منهم في الجامعة والبقية في مراحل دراسية مختلفة.
 

مقر العمل

بعد الاتفاق على الاكتفاء بتسميتها (أم أحمد) وعدم نشر تفاصيل تكشف هويتها وافقت على الانسحاب من شباك المراجعين وإسناد مهمتها مؤقتًا لزميلها في ذات المكتب الإداري.
 
شارة الرحلة اليومية إلى مقر العمل تبدأ من منزلها في مخيم دير البلح للاجئين وسط قطاع غزة وتنتهي بعد كيلو مترات طويلة في عيادة صحية تابعة لوزارة الداخلية في مدينة غزة.

تقول (أم أحمد) إنها تعمل من سنة 2004 وإنها واصلت العمل في موقعها بعد أحداث الانقسام سنة 2007، لكن وزارة المالية في السلطة الفلسطينية قطعت راتبها سنةً كاملة، ومع ذلك واصلت الدوام.
 
وتضيف: “لي 10 أبناء، منهم 3 طلاب جامعيين الآن، وزوجي عاطل عن العمل، والآن هناك أزمة رواتب، ولا أملك المال، فيضطرون للدراسة في البيت دون دوام في الجامعة ولا يحضرون سوى أيام الامتحانات التي أحرص على توفير مواصلاتها”.

يدرس ابنها البكر تخصص إدارة الأعمال، وابنتها آلاء تكنولوجيا المعلومات، أما ابنتها ولاء فهي محامية قيد التدريب العملي الآن في المحكمة؛ حيث فضلت عدم الاستنكاف عن العمل شأن آلاف موظفي السلطة والدوام طوال الحروب الثلاثة وفي كافة الظروف.
 
نالت مشقة الطريق اليومي من صحة (أم أحمد)، فرحلتها تبدأ من 6 صباحًا وتنتهي في العيادة عند الثامنة، بينما تودع زملاءها عند الثانية ظهرًا وتكون على موعد مع واجبات المنزل عند الرابعة مساءً.
 

الطريق الطويل

لا يسليها في طول الطريق سوى مسبحتها التي تقبض بأصابعها على أحجارها طوال 4 ساعات من المشي، وقد تسبب المنخفض الجوي الأخير في تدهور حالتها الصحية حين اجتمعت الرياح والأمطار على جسدها النحيل وهي في طريق العمل.
 
يؤثر الروتين اليومي الشاق على حياة واستقرار (أم أحمد) لأنها تتجشم مشقة الطريق كل يوم في طريق الذهاب والإياب لكنها تشعر بالرضا والطاعة لله وهي تحافظ على واجبها، كما تقول.
 
لا يخترق حديثها سوى صرير الباب المنبعث من تردد الموظفين على حجرتها وهي تضيف: “كنت في الحرب أودع أولادي واليوم مصرّة على البقاء في مكاني.. أولادي يقولون لي أنت صابرة وأنا أوصيهم من يسألكم ماذا تأكلون وكيف تعيشون أجيبوهم حالنا ممتاز والحمد لله.. من تكفّل برزق الدودة في الأرض تكفل برزقنا!”.
 
ويُعقب عيد صباح، ممثل اللجنة النقابية للدفاع عن حقوق الموظفين، على قصة الموظفة (أم أحمد) بالقول إن المشقة التي تتجشمها تنم عن ضمير حيّ لموظف سال عرقه ودمه وهو في موقعه.
 
ويتابع: “لا يملك الموظفون مواصلات فيأتي كثيرون منهم مشيًا على الأقدام مثل أم أحمد وليس لهم راتب منتظم ولا مصروف لأبنائهم بل لا يستطيعون شراء الملابس لهم وقد مرّ علينا عيدان ورمضان ونحن على ذات الحال”.

ويشير صباح إلى أن الموظفين بكافة همومهم يعيشون حالة إهمال من المسؤول الفلسطيني، “فالموظف يستحق قيادة حكومية أفضل من الموجودة حاليًّا لأنه يعطي كل ما يملك وهو لا يملك شيئًا”!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...