الأربعاء 14/مايو/2025

هل يشكل إعمار غزة فرصة للتكسب على حساب المنكوبين؟

د. عدنان أبو عامر
يتطلع الفلسطينيون في غزة لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار بمدينة القاهرة بدعوة من مصر والنرويج، يوم 12/10 الجاري، بحضور العديد من دول العالم ورجال الأعمال والمنظمات المحلية والعالمية.

وعلم من أوساط اقتصادية في غزة والضفة أن هناك استعدادات على قدم وساق لنيل الحصة الأكبر من المشاريع الإعمارية المتوقعة بعد المؤتمر، بالتواصل مع الجهات الدولية ذات الاختصاص، لاسيما وكالة الغوث “الأونروا”، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، والتنسيق مع حكومة التوافق المشرفة على جميع مشاريع الإعمار.

وزير فلسطيني مرموق قال لكاتب السطور أن تطورات متسارعة تجري في الخفاء، تحضيراً لمؤتمر إعادة إعمار غزة، تتعلق برغبة بعض المؤسسات الاقتصادية بالحصول على نصيب الأسد من الأموال المرصودة لذلك، بتسويق نفسها أمام الدول المانحة، العربية والغربية، وإبداء قدرتها على تنفيذ مشاريع الإعمار بالمعايير الدولية.

وأضاف: الحديث يدور تحديدا عن حرب بين المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار “بكدار” ويترأسه محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وبين صندوق الاستثمار الفلسطيني برئاسة محمد مصطفى، نائب رئيس حكومة التوافق ووزير الاقتصاد، وأعد الجانبان خططاً إعمارية لغزة”.

وقد عقد “اشتية” مؤتمرا صحفيا برام الله، ذكر فيه أن حجم الدمار في غزة بلغ 2 مليون طن من الركام، وإن إعادة الإعمار ستستغرق 5 أعوام في حال رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، فيما قال محمد مصطفى إن هدف مؤتمر القاهرة جمع الأموال اللازمة للإعمار، وأرسلت الدعوات لـ80 مؤسسة عربية وإقليمية، إضافة للدول المانحة.

وقد أصدر “بكدار” منتصف سبتمبر الحالي كتاباً تفصيلياً تضمن خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، وصلني نسخة عنه، وجاء في 200 صفحة من القطع الكبير، اشتمل على خرائط وجداول وإحصائيات، وصلت خلاصتها أن التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار تصل 7.8 مليارات دولار، وأصدرت وزارة الأشغال العامة إحصائية شبه نهائية ورد فيها أن “إجمالي مواد البناء وإعادة إعمار غزة تبلغ: 15 مليون طن إسمنت، 227 ألف طن حديد، 5 ملايين طن حصمة”.

الواضح أن الحاصل بين “بكدار” والصندوق الفلسطيني ليس تنافساً بين شركتين في قطاع خاص، لأنهما يقدمان مشاريعهما وخططهما مستندين لنفوذهما داخل الجهات التنفيذية الرسمية الفلسطينية، كما أن احتكار المؤسستين لإعادة إعمار غزة يحرم باقي شركات القطاع الخاص أن تقدم مساهماتها بهذا المشروع الكبير، لأنهما يعتبرانه فرصة استثمارية لتحقيق مزيد من الأرباح والمكاسب بعيدا عن المعايير المعتمدة عالمياً.

أكثر من ذلك، فإن ترتيب بعض الشركات أوراقها وعقودها واتفاقياتها بالسر والخفاء بات يهدف لمص الدماء الغزاوية، ونهب أموال الشعب تحت ذرائع التسهيلات ودعم القطاع الخاص وإعادته للحياة، وإعادة الإعمار.

وهو ما تطرق إليه خبراء اقتصاديون اتهموا كبار رؤوس الأموال الفلسطينيين بتقاسم كعكة إعمار غزة بينهم، هذه المخاوف من الاستقطاب الحاصل بين كبرى المؤسسات الاقتصادية لإعادة إعمار غزة، دفع بممثلي منظمات أهلية ومؤسسات القطاع الخاص للاتفاق على تشكيل هيئة وطنية لإعادة إعمار القطاع، تعمل على التخطيط والإشراف والرقابة على الإعمار في إطار من الشفافية، مطالبين بتوحيد خطة الإعمار، وتوضيح المرجعيات، وإزالة المعوقات أمام تنفيذ الإعمار بإعادة إنشاء كافة المصانع الإنشائية، وتوريد كافة الآليات والمعدات اللازمة من حيث الكم والنوع، وفتح شامل للمعابر لتلبية احتياجات السوق دون شروط.

الخلاصة فيما تقدم أن هذه السطور لا تدعو للتدخل في طبيعة الحراك الاقتصادي الذي من شأنه التعجيل بإعادة إعمار غزة، رغم التحفظ على غياب آليات الرقابة والشفافية، بسبب غياب المجلس التشريعي عن الواقع السياسي الفلسطيني، والثقة أن إعادة تفعيله من شأنه أن يسن القوانين التي تمنع أي تلاعب بالمال العام.

وفي ذات الوقت، فلا يخفى على أحد أن هناك تسييساً موجهاً لإعمار غزة، هذا المشروع الإنساني، في ضوء الأموال المرصودة له بمبالغ كبيرة، لكن لا يجوز بحال من الأحوال أن تذهب لجيوب بعض المتنفذين القريبين من مواقع صنع القرار، بل أن يتاح سوق المنافسة أمام الجميع في أجواء من الحرية التنافسية، وتوحيد قنوات الصرف والتمويل، بما لا يتنافى مع سرعة إعمار غزة.. أما أنتم أيها المقيمون قسرا في مراكز الإيواء.. فكل عام وأنتم بخير..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...