إنهاء الاحتلال ولغز التفاوض

الواضح تماماً بعد تعمد بنيامين نتنياهو إفشال مفاوضاتالتهدئة في القاهرة بتجديد العدوان على غزة، وتعمد استهداف قتل قادة المقاومة منعسكريين وسياسيين، أنه يدفع بالأزمة إلى حافة الهاوية، وأنه يريد أن يعود مجدداًإلى المربع الأول، وإذا به يدفع المفاوضين الفلسطينيين نحو الخيار ذاته.
كانت المفاوضات تسير في اتجاه الحل وقدم وفد التفاوضالفلسطيني كل ما يمكن تقديمه من تنازلات، لكن تجديد العدوان خلق قناعة لدى هذاالوفد على نحو ما كشف عنه رئيسه عزام الأحمد في مؤتمره الصحفي عقب انسحاب الوفد”الإسرائيلي” أن “إسرائيل” لا تريد التفاوض لأنها لا تريدتسوية”، وأن “إسرائيل” تريد تعميق الانقسام بين الفصائل الفلسطينيةوضد استمرار حكومة الوحدة الوطنية”.
هذه القناعات تضع القيادة الفلسطينية كلها، بما فيهارئيس السلطة محمود عباس أمام حقائق الواقع كما هي: “إسرائيل” لا تريدالتسوية ولا تريد الحل”، والمطلوب من هذه القيادة أن تقول: ما هو الحل إذاً،بعد أن أوصلهم نتنياهو إلى “حافة الهاوية”؟
البعض يتحدث الآن عن ضرورة العودة إلى المربع الأول،ويعني به العودة إلى خيار إنهاء الاحتلال، لكن التوقف عند هذا الحد يعد مجرد”نصف إجابة”، ويضع الأمور أمام السؤال الكبير: هل يستوي استمرار التفاوضمع الاقتناع بأن إنهاء الاحتلال هو الحل؟
قد يصلح التفاوض الآن، وربما بالآلية نفسها، أي آليةالوساطة المصرية لإيجاد “تهدئة”، سواء كانت مؤقتة أو طويلة المدى، لكنلن يقدم حلاً للصراع، ولن يحقق تسوية أو سلاماً في ظل القيادة”الإسرائيلية” الحالية.
لقد تورط نتنياهو، كغيره من قادة الكيان، في شن الحربعلى قطاع غزة على أمل جني ثمار اختلال التوازن في القوة لمصلحة”إسرائيل”، بعد ما أدت إليه تداعيات موجات الثورات العربية من تحويللمجرى الصراع في المنطقة حين أخذت تطغى الصراعات داخل الدول العربية على أولويةالصراع مع الكيان الصهيوني، وحيث أخذت دول عربية تواجه خيارات مأساوية في ظلالحروب الدائرة داخلها، ومنها حروب المنظمات الإرهابية على شاكلة “داعش”و”النصرة” و”القاعدة” وأخواتها. كما اندفع نتنياهو لشنالعدوان على غزة لإفشال ما تحقق من نجاحات على صعيد الوحدة الوطنية واسقاط الحكومةالتي تشكلت بتوافق وطني، وتورط في الحرب على غزة على أمل إسقاط حركة”حماس” وقطع أذرعها، وإجبارها على تهدئة طويلة المدى تضع نهاية لسلاحالمقاومة وتنهى عمل الأنفاق، لكنه فشل في هذا كله، وفوجئ بتوحد فلسطين، وبوفدفلسطيني متماسك يمثل الفصائل كافة، وبورقة تفاوض تحظى بدعم ومساندة الوسيط المصري،لذلك كان الهروب هو الحل.
هرب نتنياهو كما هي العادة باتجاه إفشال التفاوض عمداًمن خلال تجديد العدوان، لأنه وجد نفسه مضطراً لدفع الثمن في شكل اتفاق دائمللتهدئة، في الوقت الذي لم يذهب فيه إلى غزة كي يدفع أثماناً بل لكي يجني مكاسب،ولم يجد أمامه غير مكسب تصور أنه طوع بنانه عندما وصلت أخبار لأجهزته ربما يكونمصدرها تلك العناصر التي تم إعدامها مؤخراً حول مكان وجود الضيف قائد كتائب عزالدين القسام.
أخذ نتنياهو قرار اغتيال محمد الضيف وأمر بشن الغارةالمشؤومة على المكان الذي جرى التبليغ عنه في بيت الدلو بالشيخ رضوان، وعقدمؤتمراً صحفياً بمشاركة وزير دفاعه موشي يعلون ليتباهى فيه بأنه يستهدف القادةالسياسيين والعسكريين لحركة حماس، وأنه ليس لأي منهم حصانة. كان يعتقد أنه حققالهدف وبات في مقدوره إعلان الانتصار وإنهاء العدوان من طرف واحد، لكنه صدم عندماأعلنت حركة “حماس” أن العدوان أسفر عن استشهاد زوجة محمد الضيف وطفلهالرضيع، لكنه لم يصب بأذى، وأنه “يقود المعركة، وأن جنوده سيصلّون في القدس المحررة”.
يبقى السؤال المهم: وماذا بعد؟
ماذا بعد أن فشل نتنياهو في إيجاد مخرج لنفسه من الفشلحتى ولو كان المخرج هو اغتيال قائد المقاومة وتصوير هذا الاغتيال على أنه انتصاريكفي للانسحاب من غزة من دون شروط؟
وماذا بعد أن وصلت قناعة وفد التفاوض الفلسطيني بأن الحكومة”الإسرائيلية” لا تريد تفاوضاً ولا تريد تسوية؟
وماذا بعد تجدد الحديث عن أن الأمور عادت إلى المربعالأول وأن هذه العودة ليس لها من معنى غير إنهاء الاحتلال؟
المأزق يواجه الجميع ولم يعد في الأفق أدوار لهااعتبارها في أن تكون طرفاً في الإجابة عن هذه الأسئلة الجوهرية، وهذا في حد ذاتهتطور آخر شديد الأهمية والخطورة، لأن غياب الأدوار الدولية والإقليمية يعني أنالمسؤولية أضحت “إسرائيلية” بحتة، وفلسطينية بحتة، وأن الطرفين معنيان،ربما للمرة الأولى منذ بدء الصراع بالتوصل إلى الحلول.
“الإسرائيليون” سوف يواجهون المأزق لأنهم إماأن يعودوا مجدداً إلى سياسة كسب الوقت السابقة متسترين وراء مشروع وهمي للتفاوضوللتسوية، وإما كسر كل الأطر السابقة وتجاوزها وإعلان التخلي الفعلي عن “خيارحل الدولتين”، ورفض أي انسحاب من الأراضي المحتلة، وإعلان”إسرائيل” دولة يهودية من طرف واحد من دون انتظار لدعم أمريكي أولاعتراف فلسطيني.
والفلسطينيون يواجهون خرافة التسوية بعد طول انتظار منذمؤتمر مدريد للسلام عام 1991 وما أعقبه من اتفاق أوسلو عام 1993. الآن باتوايعرفون الحقيقة التي ظل بعضهم يتعمد تجاهلها أو تأجيلها انتظاراً لحصد ثمار السلامالوهمي.
حقق الفلسطينيون في القاهرة وحدة الصف ووحدة الموقفوأفشلوا رهانات عدوهم بالانفراط ويبقى أن يحققوا وحدة الهدف، الذي اقتنعوا به، وهوأن التحرير هو الحل، وأن التفاوض لم يعد له مكان الآن إلا إذا كان ضمن آلياتوأدوات الممارسة النضالية للتحرير، كما عرفتها كل التجارب الثورية الناجحة.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...