الأربعاء 14/مايو/2025

«إسرائيل» وتنبؤات الزوال

«إسرائيل» وتنبؤات الزوال

«إسرائيل» كيان مصطنع قائم علىاستراتيجية مغرقة في اعتماد لغة القوة والسحق، وتبتعد عن لغة التكيف مع شعوبالمنطقة أو الاندماج الثقافي والإنساني معها، بل إنها تتجه نحو مزيد من التحوصلوالعزلة، وأقدمت على بناء الجدار العازل، وتطرح مبدأ يهودية الدولة، في سياق إيجادالشعب اليهودي الخالص، الذي يخلو من الجيوب المخالفة في الدين والمعتقد، من أجلضمان مستقبل الكيان اليهودي الآمن تماماً، ولذلك تتفق كل الأحزاب الصهيونية علىاستراتيجية دائمة تقوم على اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وديارهم، وجلب المهجريناليهود من كل أصقاع الأرض ليحلوا محلهم، ويورن أن هذه المعادلة يجب أن تستمربوتيرة عالية لأن توقفها عن العمل يعني تهديد مستقبل الدولة اليهودية.

النظر إلى الكيان الصهيوني من هذا الباب يدفع الباحثينالاستراتيجيين إلى التشكيك في إمكانية استمرار هذه الدولة ويشككون في استقرارأمنها، اعتماداً على مخالفتها لمنطق الحياة، واعتماداً على بعض الدراسات والتنبؤاتالمستقبلية من بعض كبار السياسيين على مستوى العالم، ومنهم وزير الخارجية الأمريكيالأسبق المعروف «هنري كسنجر» المشهور بدهائه السياسي وسعة اطلاعه، وقدرته علىقراءة الأحداث.

ومع ذلك لا أجد نفسي مطمئناً إلى هذه التنبؤات منالناحية العلمية، ولا من الناحية الواقعية كذلك، بالإضافة إلى أن هذه التنبؤاتتؤدي إلى مزيد من البلادة الذهنية لدى الأجيال العربية، وهي تشكل نوعاً من دغدغةالعواطف، وشكلاً من أشكال القراءة الرغائبية التي تعظم جوانب على حساب جوانب أخرى،وتغفل بعض الحقائق المؤلمة التي يحاول العقل العربي تجنبها في سياق مداراة الألمالمبّرح الذي يعيشه المواطن العربي.

الجانب الأكثر بروزاً الذي يستحق النظر، يتعلق بقراءةواقع الصراع العربي –«الإسرائيلي»، والنظر إلى وتيرة التغير في موازين القوىومراقبة رجحان كفة على كفة، فالقراءة الواقعية منذ عام (1978) وهو تاريخ توقيعمعاهدة كامب ديفيد، تشير إلى عدة محطات مهمة، نبدأ بمحطة تبريد الجبهة المصرية عبرتوقيع معاهدة سلام دائمة، أدت إلى إخراج مصر والقوة المصرية والجيش المصري من جبهةالصراع إلى وقت طويل جداً، لا يبدو في الأفق أي اشارة تدل على تغير هذه المعادلةفي الأمد المنظور.

وهناك محطة تحطيم الدولة العراقية وتدمير أسلحتها، وحلالجيش العراقي، وإغراق الشعب العراقي في حرب أهلية طاحنة، أخرجت القوة العراقية منمعادلة الصراع، وأبعدت إمكانية تهديد العراق لمستقبل الأمن «الإسرائيلي» في الأمدالمنظور كذلك.

وهناك محطة التخلص من القوة السورية، فقد تم تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية،فضلاً عن الحرب الأهلية الجارية التي أدت إلى تدمير الدولة والمؤسسات، وإغراق الجيشالسوري في صراع داخلي طويل الأمد، مما يؤكد عدم امكانية تهديد لأمن «إسرائيل» فيالمستقبل المنظور أيضاً.

وسبق ذلك تحييد معظم المقاومة الفلسطينية من خلال معاهدةالسلام «الإسرائيلية» الفلسطينية التي جعلت السلطة الوطنية الفلسطينية تتبنى خيارالمفاوضات خياراً وحيداً، وتنبذ  خيارالعنف والقوة، وبقي جيب مقاوم واحد في غزة، يتم السعي إلى محاصرته، وربما تسفرالحرب الأخيرة عن هدنة طويلة الأمد في أحسن الأحوال إذا استطاعت المقاومة أن تنجومن خيار نزع الأسلحة.

أضف إلى ذلك أن هناك تصدعاً في الجبهة العربية، في تأييدخيار المقاومة، بل أستطيع القول إن الدول التي تقف مع المقاومة مثل (قطر وتركيا)ليستا مع خيار المقاومة، وأن كانا مع تحسين شروط المفاوضة لصالح الطرف الفلسطيني.

أردت أن أقول من خلال هذا الاستعراض، إن القراءة فيالمشهد عبر (36) عاماً لا تشير نحو اقتراب زوال «إسرائيل» بهذه السرعة التي يبشربها الكتاب وإذا أضفنا إلى ذلك ما يتمتع به الكيان الصهيوني من ارتفاع مستوىالتعليم والبحث والجامعات، والتصنيع والتقنية، وما يقابله لدى الجانب العربي منتدهور علمي وتربوي، وانخفاض مستوى الجامعات، وتدهور الحالة الاقتصادية والتصنيعيةيفرض علينا أن نتمهّل في إصدار الأحكام، وأن نقترب من العلمية والموضوعية في قراءةالمشهد من أجل الاسهام في صناعة حالة الوعي واليقظة والابتعاد عن أحلام اليقظةوالقراءة الرغائبية.

لا مجال لامتلاك القدرة على مواجهة الأعداء إلّا من خلالامتلاك القدرة على إعداد الذات والشروع في عملية البناء الشامل علمياً وتربوياًواقتصادياً، وامتلاك القدرة على الانتاج والتصنيع وبناء حياة سياسية ديمقراطيةقائمة على الحرية والعدالة وينتفي منها الاستبداد والفساد، ووقف معارك الاستنزافالداخلي.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...