الأربعاء 14/مايو/2025

غزة.. أخلفت الظنون!

غزة.. أخلفت الظنون!

على عكس المألوف من أن المقدمات تؤدي إلى النتائجبالضرورة، خاصة في الحالة الصهيونية-العربية؛ حيث تخطط “إسرائيل” وترتبللعدوان والدول العربية غارقة في الأحلام الوردية والوعود الأمريكية، ثم تبدأالحرب وتنتهي بما خططت له “إسرائيل” ورتّبه لها حلفاؤها.

ولكن غزة هذه المرة كان لها رأي مختلف؛ فبعدما منَّىنتنياهو النفس باجتياحها، والقضاء على قوى المقاومة الفلسطينية، وقام بالترتيباتاللازمة مع صديقه وحامي مؤخرة جيشه عبد الفتاح السيسي عن طريق رئيس المخابرات فريدالتهامي، وبتمويل من بعض البلاد العربية الكارهة للربيع العربي، قام نتنياهولتحقيق ما تمناه هؤلاء جميعًا من سحق فكرة المقاومة خاصة الإسلامية منها؛ فانتهزفرصة مقتل ثلاثة من شباب المحتلين الإسرائيليين في الضفة الغربية ونسب قتلهم إلىحماس في غزة، رغم أن تبين أن قاتِلَهم صهيوني مثلهم اختلف معهم على أموال، ولكننتنياهو كان يبحث عن ذريعة؛ ومن ثم بدأ العدوان.

إلى هنا كان ما يحلم به الجمع المتآمر يتحقق، ولكن غزةالعزة، ورجالها الأبطال أخلفوا ظنون أبالسة الإنس، وردوا بصواريخ طويلة ومتوسطةالأمدية طالت قلوب المدن الصهيونية بل في الحقيقة طالت قلوب الصهاينة أنفسهم،فقوضت بنيان الأمن الذي كانوا يعيشونه أو يرتجونه؛ وأجبرتهم أن يستبدلوا بالبناياتالفاخرة أقبية الملاجئ والمخابئ مذعورين مرعوبين، ثم سقط قتلاهم الواحد تلو الآخر،وانهارت النفوس، وانمحق الكِبر من الصدور، وظلت المقاومة تسطر بمداد من الفخار قصصبطولة، بل الأروع أن الشعب الفلسطيني في غزة أثبت تضامنه مع المقاومة التي تمثله،فصبر على تقديم التضحيات وتحمل المآسي وارتقاء الشهداء كبارًا وأطفالاً، وأخذ يهللويكبّر مع كل صاروخ ينطلق ليدمر أحلام البغاة ويحولها لكوابيس تطبق على صدورهم.

ومن مفاخر غزة أنها حركت روح المقاومة في قلوب أهلالضفة؛ فبدأت نذر انتفاضة ثالثة لديهم بتظاهرات ومواجهات مع قوات الاحتلال.

والآن، وضعت غزة الشركاء المتشاكسين في أزمة؛ إذ أخلفتظنونهم في النصر السهل وسحق المقاومة، وتسليم فلسطين كاملة للصهاينة؛ ومن ثمَّسعوا لإنقاذ لا أقول: “إسرائيل”، وإنما إنقاذ مشروعهم المشترك؛ فظهرتالمبادرة السيساوية الانقلابية -والتي لا ننسبها لمصر- وهي مبادرة -وياللمفارقة-كتبها نتنياهو بنفسه، وأملاها على شريكه ليظهر وزير خارجيته معلنًا عنها في محاولةلتجريد المقاومة من نتائج النصر الذي حققته، ولكن جاءت الصفعة مدوية برفض المقاومةلأية إملاءات، وإظهارها رغبتها في أن يكون التفاوض مع قوى متعاطفة مع الحقوقالفلسطيني كقطر وتركيا.

والآن هناك رابحون وخاسرون؛ فغزة العزة ورجال مقاومتهاالباسلون انتصروا في شهر النصر بفضل من الله، ووضعوا الجميع في مأزق، وننتظر تأييدالله لهم في المفاوضات كما أيدهم في المعارك ليحصلوا على حق الشعب الفلسطيني فيحياة كريمة، وفي فتح المعابر، وكسب الرزق. وهناك الدول المؤيدة للمقاومة وحق الشعبالفلسطيني بل حق الشعوب جميعها في الحرية واختيار من يمثلها، مثل قطر وتركيا، وهذهفازت حينما عرف العالم أنها وحدها من يمكن أن تثق المقاومة بها، وأن أي حل لابد أنيمر عبرها؛ مما ينعش قوى الربيع العربي، ويمنحها الأمل في النصر على الثورةالمضادة في بلادها.

أما نتنياهو فأعتقد أنه لم يخسر الحرب فحسب، وإنما خسرمقعده في رئاسة الحكومة والحزب أيضًا، وربما خسر حزبه الانتخابات النيابيةالقادمة، ولكن الأهم أنه بدلاً من أن يحقق ما يصبو إليه قد تراجع للوراء خطواتكثيرة.

أما الأذناب الذين فقدوا انتماءهم لدينهم وعروبتهم فقدخسر بعضهم أمواله التي دعم بها العدو لقتل المسلمين، وسيؤثر ذلك بإذن الله علىمؤامراتهم في مصر وليبيا واليمن وسوريا، وخسر بعضهم كالسيسي آخر ورقة كان يمكن أنينال بها شرعية لدى سادته في الغرب؛ فإذا كان يحلم قبل العدوان بأن ينال اعترافًاكاملاً غير مشروط بشرعيته من الغرب مقابل أن يساعد في التخطيط والتنفيذ للعدوانإذا به يُفقِد مصر كلها المصداقية والثقة من الشعب الفلسطيني.

وما زالت غزة تسطر بطولات العزة والكرامة؛ وترفع راياتالنصر والشهادة، وتُخلف ظنون الأعداء والمتآمرين.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...