سيناريو العدوان المتكرر

المبرر الوحيد لتكرار أي سيناريو قدر تعلقه بالحرب هو الإركانإلى ردود الأفعال التي باتت معروفة، بل محفوظة عن كعب بندقية أكثر من ظهر قلب، وماتبثه وسائل الإعلام هذه الأيام عن عدوان محتمل على قطاع غزة نموذج لما نسميه السيناريوالمتكرر.

فالبداية قصف جوي يراوح بين العشوائية الهادفة إلى الترويعوبين استهداف شخصيات هي جزء من بنك الأهداف، يلي ذلك سجال حول إمكانية الاجتياح البريللقطاع، ويتخلل هذا السجال أمران تقليديان أولهما خلاف داخل الحكومة “الإسرائيلية”،بين مؤيد ومعارض، وثانيهما استغاثة فلسطينية بالعالم والمجتمع الدولي، وهي على الأغلبلا تصل وإن وصلت فعلى طريقة: هل أسمعت حياً؟

وما ينشر في الصحف العبرية هذا الأسبوع يعزف على وترين، وترمشدود لا يعزف غير صوت الرصاص، ووتر يرتخي قليلاً ليشتد ويصور العدوان كما لو أنه دفاععن النفس، انسجاماً مع استراتيجية حدد بن غوريون أفقها العسكري على الأقل حين قال إنالجيش الصهيوني هو جيش دفاع فقط.

فهل سيؤدي تكرار سيناريو العدوان بما ينتهي إليه من نسف بيوتوتدمير ما تبقى من البنية التحتية وقتل أبرياء إلى تكرار ممل في ردود الفعل دولياًوإقليمياً؟

إن صح ذلك فإن سياسة ما يسمى تدجين ردود الفعل تكون قد نجحت،وأفضل تعريف عربي لهذا الوضع هو المثل القائل.. من تعرف ديته أقتله ومعرفه الدية بالنسبةللدولة العبرية هي شجب نظري عبر وسائل الإعلام وزبد يطفو على سطح الغضب المؤقت وسرعانما يتلاشى.

لكن هناك ما هو أبعد من ردود الفعل المباشرة، منه على سبيلالمثال تصاعد وتيرة المقاطعة الأكاديمية لجامعات الدولة العبرية من أكاديميين بارزينفي أوروبا وغيرها، ومنه أيضاً ما اضطر أوباما إلى تقديم العزاء لأسرة الشهيد الذي أحرقحياً محمد أبو خضير، فقد قرأ أوباما في صحيفة أمريكية مقالة لكاتب أمريكي يسأل فيهاعن ذلك الطفل الفلسطيني: هل له أب وأم وإخوة أم أنه ابن الشيطان؟ وكان بذلك يرد علىعبارة وردت على لسان نتنياهو أثناء اختطاف المستوطين الثلاثة وهي عبارة منتزعة من قصيدةلشاعر يهودي.

إن تكرار سيناريوهات العدوان ليس جديداً أو حكراً على غزة،فقد سبق للجنرال موشي دايان أن قال بأن السيناريو العسكري لاحتلال غزة وسيناء بين عامي1956 و1967 قد تكرر، وأضاف جملته الشهيرة، لأن العرب لا يقرأون لكن ما نخشاه هو أنالعرب لا يسمعون أيضاً ولا يبصرون.

صحيفة الخليج الإماراتية