الأربعاء 14/مايو/2025

أزمة الرواتب والمسؤولية الوطنية

محمد ياسين
تمثل أزمة الرواتب الراهنة تعثرًا مبكرًا جدًا لحكومة الوفاق الوطني والتي تحظى بقبول ودعم أكبر فصيلين في الساحة الفلسطينية، وهو ما لم تحظَ به أي حكومة فلسطينية سابقة البتة، كما أن الأزمة تمس روح المسؤولية الوطنية والتي من المفترض أن يتحلى بها كل من يتصدر العمل الرسمي بمختلف مستوياته، فضلاً عن كونها تلقي بظلال من الشك والريبة تجاه ملفات المصالحة الأكثر تعقيداً وخطورة من تأمين رواتب بضعة آلاف من الموظفين.

إن التذرع بدراسة ملفات الموظفين ونحو ذلك أوهى من أن يقنع الأطفال في حجور أمهاتهم، فضلاً عن أن يصمد أمام الحاجات الإنسانية الماسة لآلاف الموظفين وأسرهم، لا سيما مع تتابع الأيام دون بروز أي مؤشرات جدية لإمكانية حل الأزمة والتي تقتضي المسؤولية الوطنية فضلاً عن الأخلاقية، السرعة في معالجتها وعدم التلكؤ والتباطؤ في وضع حلول لها بما يطمئن الموظفين على أقوات أطفالهم، علاوة على أن ذلك من شأنه أن يبث الأجواء الإيجابية المطلوبة لإنجاح المصالحة الوطنية.

ومما يدعو للقلق أن أزمة الرواتب تفتح المجال للسؤال عن بقية الأزمات التي يتطلع أهالي قطاع غزة لحلها من قبل حكومة الوفاق الوطني بما يزيح عن كاهلهم عناء سنوات قاسية من الحصار الإسرائيلي الخانق، إذ تتقدمها أزمة المعابر وخاصة معبر رفح الحدودي الذي تحدث مسؤول ملف الحوار في حركة فتح عزام الأحمد عن فتحه على مصراعيه بعد إعلان حكومة التوافق، حيث أعلنت الحكومة وانهالت عليها اتصالات الدعم والتأييد العربية والأجنبية، دون أن يلمس أهالي القطاع بصيص أمل بإمكانية حلحلة أزمة المعبر أو أن يشعروا بأي جهود رسمية تبذل من أجل ذلك.

وكذا الحال مع أزمة الكهرباء التي يطمح أهالي القطاع ألا تصحبهم خلال شهر رمضان المبارك الذي يوشك أن يهل في ظل حرارة الصيف، فرغم أن حلحلة الأزمة أمر يمكن إنجازه سريعاً من خلال اتصالات الحكومة التي تتعامل مع مختلف الجهات ذات الصلة، خاصة أنه من شأن ذلك أن يلقي بظلال إيجابية كبيرة، ويمثل ثمرة حقيقية من الثمار المرجوة من إنجاز المصالحة، إلا أنه لا يلوح في الأفق أي بوادر حتى اللحظة بهذا الاتجاه، فضلاً عن وجود جهود رسمية لمتابعة هذه الأزمة والعمل على حلها سريعاً؛ فعلى الأقل تقليص ساعات انقطاع الكهرباء قليلاً إن تعذر إنهاء الأزمة في الوقت الراهن.

إن حكومة الوفاق الوطني تقع على عاتقها مسؤوليات وتحديات كبيرة وتحظى في ذات الوقت بدعم وإسناد فصائلي وشعبي منقطع النظير لا سيما حال تصرفها بمقتضى وصفها كحكومة وفاق وطني، وهذه فرصة ينبغي استثمارها لمعالجة إرث سنوات قاسية من الانقسام الداخلي البغيض، كما ينبغي الحذر من فشل المصالحة -والعياذ بالله من ذلك-، إذ إن ذلك ستكون له تداعيات وخيمة جداً على المشهد الفلسطيني بكل مكوناته، وكما يقول المثل: “اللي بيجرب المجرب عقله مخرب”، فلا داعي لتكرار مشهد الانقسام في الساحة الفلسطينية، لا سيما في ظل تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...