الأربعاء 14/مايو/2025

الترتيبات الأمنية الصهيونية بأربعة مستويات

الترتيبات الأمنية الصهيونية بأربعة مستويات

تتركز مساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق إطار إسرائيلي فلسطيني في الأسابيع الأخيرة على محاولة جلب الطرفين نحو اتفاقات بشأن الترتيبات الأمنية في غور الأردن. ويتركز البحث في مسائل تتعلق بحجم القوة العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، مدة وجودها هناك وسمات عملها. وفرضية وزير الخارجية بشأن قلق إسرائيل حيال المسائل الأمنية أنها تشكل عائقا مركزيا أمام أي تقدم، وأن إرضاء إسرائيل بشأن المسائل الأمنية، يسمح بتقدم في العملية السياسية نحو التسوية. والمقلق في المقاربة الأميركية هو التعامل أحادي البعد بعض الشيء مع المسائل الأمنية. فالرؤية الأميركية عسكرية في جوهرها وتغفل التعاطي الكافي مع أبعاد أخرى. ومن المهم تحقيق أمن إسرائيل عبر مزج أربعة مكونات: المكون العسكري، مكون الحكم الفلسطيني والمنطق السياسي الذي ينبغي أن يوجه الدولة الفلسطينية، مكون التعاون الإقليمي ومكون الشرعية الدولية.
وتمثل هذه المكونات الأربعة نوعا من كل، والوزن النسبي لكل مكون على حدة ينبع بالضرورة من الظروف القائمة. لذلك، وتبعا للظروف يمكن أن يتغير الوزن النسبي لكل مكون. وتوجد بين المكونات شبكة علاقات تبادلية: تعزيز وتعظيم أحد المكونات يسمح بتغيير/إضعاف قوة مكون آخر. والتعامل مع القضية الأمنية كجملة مكونات، تقيم صلة وعلاقات تبادلية في ما بينها، يتيح هامش مناورة ومرونة في صوغ الاتفاق بين الطرفين والتفهم إزاء التغييرات المحتملة على مر الزمان. إن تعاملا من هذا النوع يقتضي تحليلا للمسألة بأربعة مستوياتها. ويبدو أن النقاش حول مكون الحكم الفلسطيني وتبني المنطق السياسي، هو النقاش الأشد إهمالا في السياق الأمني.
وضمن رؤية المصالح الإسرائيلية، فإن دولة فلسطينية قابلة للحياة (viable state)، تجسد مسؤولية سلطوية وتمارس احتكار استعمال القوة، هي شرط إلزامي لضمان الاستقرار والأمن. والدولة الفلسطينية التي ستتبلور على صيغة دولة فاشلة (failed state)، يمكن أن تتحول إلى كيان متآمر ومعاد وتتطور إلى تهديد أمني خطير على إسرائيل. والانتقال من واقع كيان ما قبل الدولة بمستوى أداء إشكالي إلى واقع دولة قابلة للحياة، حيوية وفاعلة، يمكن أن يتحقق عبر سيرورة بناء دولة تدريجية ومسؤولة، مدعومة من الأسرة الدولية وإسرائيل.
إن دولة قابلة للحياة تجسد سيادة فعالة عبر سلطة مركزية فعالة متحررة من التآمر (العنيف) ومؤهلة لـ: أ. ممارسة صلاحياتها/ أو فرض إمرتها على السكان، ضمن مسؤوليتها، بما في ذلك احتكار استخدام القوة وكل ذلك عبر تجسيد مبادئ القانون والنظام؛ بـ. توفير احتياجات السكان لها بصفتها المسؤول عن أمنها الإنساني (human security)، ج. أن يعتبرها السكان مسؤولة إزاءها؛ د. الاعتراف بحق الدول المجاورة في الوجود، واحترام حقها في تقرير المصير والوفاء بمسؤولياتها تجاه الدول المجاورة والأسرة الدولية بشكل يخدم الاستقرار والأمن الإقليميين ويدعمهما.
من هنا ينبع أن الدولة القابلة للحياة هي دولة تجسد سيادتها تجاه مواطنيها بشكل فعال وعلى مدى الزمان وتدير علاقات تبادلية مع جاراتها، مع المنطقة ومع الأسرة الدولية بمسؤولية (responsibility) وبتحمل المسؤولية (accountability). ومن الشروط الهامة لضمان دولة قابلة للحياة هو قدرتها على الوجود المستقل، وهو ما يعرف بـ Viability، وهو تعبير يرتبط في أساسه بقدرة البقاء وقدرة الدولة على التكيف في واقع مركب ومتغير، كوظيفة لمدى التعلق بجهات خارجية، فكلما كان التعلق أقل، كلما كانت ألـ viability أكبر. 
وكلما بدت السلطة الفلسطينية أقرب إلى دولة قابلة للحياة، تتصرف وفق منطق الدولة، فإن ذلك يسهل على إسرائيل إبداء مرونة أكبر بشأن الترتيبات الأمنية وتوسيع فضاءات المسؤولية الفلسطينية على حساب التواجد المادي للقوات الإسرائيلية. وبالمقابل، فإنه بقدر ما تتصرف السلطة الفلسطينية في بيئة منقسمة وككيان معدوم منطق الدولة، الذي يعني أساسا وأولا احتكار العنف المنظم، وكلما واصلت المنظومة المؤسساتية الفلسطينية إبداء ضعف الأداء والدولة الفلسطينية لا تستطيع التكون ولا العيش كدولة قابلة للحياة، يتقلص الاستعداد الإسرائيلي للتنازل عن جزء من المطالب الأمنية أو إبداء مزيد من المرونة. 
موقع قضايا مركزية، 25/3/2014

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...