الأربعاء 14/مايو/2025

عقلية استعمارية تحكم ممارسات الاحتلال الاقتصادية تجاه الفلسطينيين

عقلية استعمارية تحكم ممارسات الاحتلال الاقتصادية تجاه الفلسطينيين

يعاني المواطنون الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، أوضاعا اقتصادية صعبة؛ حيث تدلل الإحصاءات والأرقام المذهلة التي تنشر بين الحين والآخر على ذلك، وتبرز مدى تغلغل الفقر والفاقة بين صفوف المواطنين الفلسطينيين.

كما تعكس هذه البيانات من جهة أخرى الأدوات الاستعمارية التي يسخرها المشروع الصهيوني كوسيلة سياسية لضبط المجتمع الفلسطيني في البلاد، وإحكام السيطرة عليه واعتبار مكانته هامشية مقابل التركيز على هوية الدولة وطابعها اليهودي.

وأشارت معطيات مؤسسة التأمين الوطني الصهيونية الأخيرة إلى توسع دائرة الفقر بين الفلسطينيين حتى باتت غالبية الأسر العربية من العشرية الدنيا -أكثر من 543% من العائلات العربية- تحت خط الفقر.

علما أن نسبة الفقر العامة في البلاد للعام 2013 وصلت إلى 171%، وبالمناسبة تشكل الأسر العربية ما يساوي 15% من مجمل الأسر العامة في البلاد، ويصنف أكثر من نصف الأطفال الفلسطينيين في الداخل من شريحة الفقراء والمعوزين 66% (مؤسسة التأمين الوطني لعام 2013).

ممارسات تهدف للسيطرة:

ويقول مجدي طه -الباحث في مركز الدراسات المعاصرة في أم الفحم- لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن هذا يدفعنا لقراءة وفهم طبيعة النظام الاقتصادي الصهيوني والتحولات التاريخية التي طرأت عليه، علما بأنه اعتمد تاريخيا على أيديولوجية اشتراكية وتفضيل واضح لقطاع منظمة العمال وتدخل الحكومة في الاقتصاد الصهيوني وتبنيه في مطلع الخمسينيات.

يتابع الباحث طه “ولكن منذ ستينيات القرن الماضي اختلف الأمر واتبعت الحكومات الصهيونية سياسة مرتكزة إلى التحرر الاقتصادي، وهدفت إلى تشجيع المبادرة الخاصة والسوق الحرة وتقليص دور الدولة بالحياة الاقتصادية”.

واعتبر أن “السياسات الاقتصادية الصهيونية المتبعة تعبر عن العقلية الاستعمارية تجاه المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد، ولهذا لا بد من قراءة مقارنة علمية لطبيعة النظم الكولونيالية من خلال دراسة سياساتها الاقتصادية تجاه المجتمعات المستعمرة والأقليات المقهورة، وهنا لا بد من تحليل تداعيات هذه النظم وإسقاطاتها على المجتمعات”.

ورأى أنه إلى جانب هذه المقارنة لا بد من التركيز على السياسات الاقتصادية الصهيونية تجاه المجتمع الفلسطيني، والتي تنم عن عمليات تمييز وإقصاء اقتصادي، إضافة إلى عمليات السيطرة والضبط للمجتمع عبر توزيع غير متكافئ وغير متساوٍ للميزانيات ومخصصات الرفاه الاجتماعي والهبات على أساس قومي وعرقي.

وتابع “يظهر ذلك واضحا في تركيبة ومضمون الميزانية السنوية الصهيونية وطبيعتها توزيعها من جانب، ومن جانب آخر هناك حاجة لتتبع السلوكيات القمعية والممارسات العنصرية التي ظهرت مؤخرا من قبل بعض البنوك الصهيونية لتضييق الخناق واستعباد المواطنين العرب”.

العلاقة مع الغرب:

ومن جانب آخر قال الباحث طه “إنه لا يمكن قطع الصلة بين النظام الاقتصاد الصهيوني والأنظمة الاقتصادية الغربية وخاصة على مستوى التنمية الاقتصادية، على اعتبار بأن المشروع الصهيوني هو امتداد للمشروع الغربي الكولونيالي والاستعماري للمنطقة العربية، ويعكس الرغبة الجامحة في تفكيكها وتفتيت الروابط الاجتماعية والثقافية والحضارية بينها”. 

وأوضح أنه على هذا الأساس يرتبط الاقتصاد الصهيوني بالمنظومة الاجتماعية الغربية ويعتمد عليها ويتغذى من مقوماتها، ولذلك ليس غريبا أن يزج الاقتصاد الصهيوني ضمن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية العالمية (OECD) والحصول على مساعدات وتوجيهات من صندوق النقد الدولي.

وذكر بأن أحد شروط هذه المنظمة لاستمرارية دعم المؤسسة الصهيونية اقتصاديا بعد استيائها من الأداء الحكومي العنصري تجاه شرائح اجتماعية وإثنية ضعيفة وعلى رأسها المجتمع الفلسطيني نهاية عام 2010، هو تطوير القرى والبلدات العربية وفتح سوق العمل أمام الفلسطينيين ودمجهم وخاصة النساء الفلسطينيات، ومن أجل فهم طبيعة هذا النظام لا بد من فهم طبيعة عمل الأنظمة الاقتصادية الغربية ولا سيما القفزات السريعة التي حققها بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وأفوله وعلو شأن النظم الرأسمالية العولمية الحداثية.

وأشار الباحث طه إلى أن سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للجماهير العربية في داخل أراضي 48 تعبر عن طبيعة تعامل المؤسسة الحاكمة مع المجتمع الفلسطيني، وهي تؤكد بأن سياسات الإقصاء والإفقار ما هي إلا استراتيجية مركزية تتخذها الحكومات الصهيونية المختلفة لتهميش الفلسطينيين وإضعافهم وزيادة القدرة على ضبطهم والسيطرة عليهم.

ودعا القيادة الفلسطينية السياسية لتقديم طروحات ورؤى وتصورات عملية لمواجهة هذه السياسات والحفاظ على السلم الاقتصادي والاجتماعي والهوياتي للمجتمع الفلسطيني في البلاد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...