في وقت يتم الحديث فيه عن ضربة محتملة من قبل الغرب للنظام السوري في إطار عملية محدودة وغير مستهدفة للرئيس السوري بشار الأسد نفسه؛ يضع محللون هذا الملف على طاولة تعدد السيناريوهات ولعل أبرزها أن تسوية شاملة للمنطقة خاصة القضية الفلسطينية من أبرز معالم تلك الضربة بالإضافة إلى أنها تأتي وفق توافق غير مباشر من قبل من هدد وتوعد من جانب ومن حذر وتلكأ من جانب آخر، في مشهد يفتح الباب على رسائل وصفت بأنها المغامرة التي لا تتوقف عند حدود مواقع عسكرية يتم قصفها.

دفع فاتورة

ويقول المحلل السياسي نشأت الأقطش لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “إن الفلسطينيين يدفعون دوما الفواتير في الشرق الأوسط، ولكن هناك وجهة نظر بأن “خلط” الأوراق في المحيط العربي ليس في صالح الكيان الصهيوني، وبالتالي الولايات المتحدة وأوروبا بات مطلوبا منهم أن يفرضوا تسوية في المرحلة القادمة مجحفة بحق الفلسطينيين وتكون على شكل شبه دولة حرصا على الكيان”.

ويؤكد الأقطش بأن القناعة تترسخ بأن المحيط العربي غير هادئ وأي استقرار لن يكون لصالح الاحتلال، وأن الأمور بحاجة لشيء كعمل عظيم تقوم به الأنظمة القادمة، وبالتالي لن يستقر الوضع خلال الفترة القريبة، لافتا إلى أن تاريخ العالم في الحروب الأهلية يقول أنها تتجه لشيئين: إما أن يهدأ الشعب ويخف غضبه أو أن ينتج جيل مقاتل يحب القتال ويبحث عن القتال مما يجعل مستقبل الكيان الصهيوني بعد 7 سنوات من الفوضى غامضا جدا.

ويضيف: “إذا نجحت الحركات الإسلامية في سوريا فهذا يضع الملف العسكري الانقلابي في مصر في وضع صعب للغاية، أما إذا نجحت الولايات المتحدة في توجيه ضربة تجميلية تعيد ثقة الأسد ونظامه فهذا سيعيدنا عشر سنوات تحت الأنظمة القمعية ولكن هذا مستبعد لأنني أعتقد أن المنطقة ستوكل للشعوب”.

ترتيب المنطقة وتسويات

من جانبه؛ لا يستبعد المحلل السياسي ساري عرابي أن تكون الضربة على سوريا في سياق إعادة ترتيب المنطقة من قبل الأمريكان خاصة وأن الملفات تسير بالتوازي حيث الانقلاب في مصر وانطلاق ملف التفاوض وحصار غزة والتهديد بإنهاء حكم حماس هناك.

ويقول عرابي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “إذا كانت الضربة المتوقعة محدودة ولن يرد علها النظام السوري ومن في فلكه فإن ذلك لا يعود بأي تأثير سلبي أو إيجابي على القضية الفلسطينية، وإذا ما صحت تصريحات السوريين وحلفائهم فإن هذه العملية ستكون عادية ولا تداعيات لها، أما إذا تم الرد على الضربة فمن الممكن أن تكون حرب إقليمية والموضوع معقد وسيدخل في هذا السياق عدة أطراف وترسم سيناريوهات جديدة من الطبيعي أن يكون للرابح فيها يده وقراره في تغيير الوضع العام للقضية الفلسطينية، كما أن توقعا آخر من الممكن أن يكون في حسابات اللاعبين وهو التخلص من غزة واستهدافها بالتزامن مع ما يجري إقليميا وهذا بات غير سري والخطوات العملية في إطار التخلص من حكم حماس هناك بدأت على الأرض”.

ويشير عرابي إلى أن الضربة تأتي على وقع مفاوضات بين الإيرانيين والأمريكان بدأت منذ ستة أشهر، وللمتابع جيدا فإن شركتي “جوجل وأبل” رفعتا الحظر عن التعامل مع إيران -بحسب عرابي-، وهذا مؤشر على أن هناك اتفاقيات تتبلور وهذا يقود إلى أن من أهداف الضربة احتمالية أن تجلس الأطراف السورية على مائدة جنيف 2 بشروط وسقف تحدده أمريكا وأطراف دولية خاصة بعد الانقلاب العسكري في مصر وإعادتها لما يسمى محور الاعتدال العربي، غير أنه يرى بأن أمريكا ليست قوة إلهية؛ فهي تخطئ وتتعثر وتخفق في قراءة المشهد وتوقع السيناريوهات المقبلة والتي تفتح الأمور على خريطة سياسية جديدة.

إذا فالضربة المحدودة لسوريا ليست ضميرا استيقظ في الغرب ولا نصرة لمظلومين على يد الأسد بل هي في سياق إقليمي ومعادلة دولية تحركت بعد التخلص من حكم الإسلاميين المنتخبين في مصر بالانقلاب ومخططات قادمة قد تطال أنظمة إسلامية منتخبة في مناطق أخرى.