هل فات الأوان؟!

لا أحد إلا الله يمكن أن يتنبأ بمآلات الأحداث المفجعة في سوريا، فكل السيناريوهات تبدو مفتوحة على مصاريعها، ولا ثابت هناك سوى الدم العزيز المهراق الذي ينزف بغزارة بعيدا عن قيم الرحمة ومعاني الإنسانية.
لكن أسوأ السيناريوهات التي اختمرت في عقول الساسة والمراقبين على مدار العامين الماضيين لم تكن تجرؤ على تخيل تطور مفاعيل البلوى السورية وامتدادها إلى خارج الأرض السورية، وخصوصا إلى لبنان، ذلك البلد المضطرب المحكوم بفسيفساء السياسة ومعادلة التوازن الطائفي المعروفة.
الصاروخان اللذان سقطا على الضاحية الجنوبية في بيروت التي تشكل المعقل الرئيسي لحزب الله، والهجوم الدموي على إحدى نقاط الجيش اللبناني الحدودية مع سوريا الذي ذهب ضحيته عدد من الجنود، ومن قبلها الاشتباكات الدامية التي جرت في طرابلس، وضعت لبنان بكامله على المحك، وشكلت نقطة تحول رئيسية في مسار الأزمة السورية المعقدة، متشعبة الخلفيات والاتجاهات.
هل ستضرب الفتنة في عمق الأرض اللبنانية من جديد إثر التطورات المقلقة الأخيرة؟!
سؤال خطير تبدو الإجابة عنه طيّ الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، لكن كل الشواهد الواقعية والمؤشرات الميدانية ترجح انجراف الداخل اللبناني، بدرجة أو بأخرى، إلى أتون الأزمة، وتحول بعض المناطق اللبنانية على الأقل إلى مسرح لتصفية الحسابات بين مؤيدي ومعارضي النظام السوري.
من المؤلم أن ينزلق لبنان إلى هاوية الاقتتال الداخلي، جزئيا أو كليا، في الوقت الذي لم يتعافَ فيه بعد من آثار الحرب الأهلية والاعتداءات (الإسرائيلية) التي أحدثت شرخا نفسيا هائلا في تكوينه النفسي والمعنوي ودمرت مقدراته وبنيته التحتية، فيما يستعد البعض لتصفية حساباته مع المخيمات الفلسطينية هناك في متوالية متواصلة من الألم والمعاناة التي كُتبت أقدارها على اللاجئين الفلسطينيين في ديار المنفى والتشرد والشتات.
بين يدي هذه التطورات المتسارعة التي تحاول إشاعة الفتنة في الفضاء اللبناني، وتستهدف إضافة جرح جديد إلى جرح الأمة النازف في سوريا، لا يبدو في الأفق ما يشير إلى محاولات فرملة عكسية لمسار الفتنة والانزلاق إلى الهاوية، ولا يرشح من سيول التصريحات التي تحفل بها الساحة السياسية والإعلامية ذات العلاقة بالأزمة السورية ما يُنبئ عن جهد ما لدرأ الفتنة المذهبية وإعادة رأب الصدع الذي يضرب وحدة أمتنا ويهدد حاضرها ومستقبلها.
لم يفت الأوان بعد، ونزف الدم في سوريا ينبغي أن يتوقف في أقرب وقت، وينبغي أن يبقى لبنان بمنأى عن شبح الفتنة والتمزق والاقتتال، ويجب أن يُصار إلى بلورة أقصى الجهود عربيا وإسلاميا لاستنقاذ سوريا ولبنان، ومعهما وحدة الأمة وقواها الحية من خطر التفتيت والتشظي والانقسام.
صحيح أن الأوان لم يفت بعد، لكن الإيغال في تفاصيل اللحظات الدامية الراهنة قد تقطع خطوط الرجعة أمام الحلول السياسية المتوخاة، وتجعل من استمرار نزف الدماء أمرا واقعا خارج نطاق التسوية والمعالجات.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...