الأربعاء 14/مايو/2025

القدس روح العيساوي

د. أيمن أبو ناهية
إن ما يتعرض له أسرانا في سجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي من تعذيب وتنكيل وحرمانهم أبسط حقوقهم يكشف حقيقة وصورة الصهيونية التي فاقت الفاشية والنازية في حجم البشاعة والإجرام، وعشقها لاضطهاد الإنسان الفلسطيني صاحب الحق والمدافع عنه، مهما كبده الأمر من خسارة، ومهما كلفه من حرمان، ومهما أفقده من عمره، فلن يثنه عن هذا الحق.

إن مصلحة السجون تمارس أبشع وأعنف الطرق الاستفزازية للأسرى الفلسطينيين، وتفرض عليهم عقابًا جماعيًّا؛ للنيل من صبرهم وصمودهم، وإرادتهم الصلبة القوية التي هزمت قيدها وبطشها وجبروتها، وأسلحتها التي نفدت جمعاء أمام سلاح “نعم للجوع ولا للركوع” الذي أثبت قوته وفعاليته في كسر كبرياء وغطرسة مصلحة السجون المجرمة، وقد نجحوا في إذعانها لمطالبهم عدة مرات.

لم يستسلم الأسير سامر العيساوي ولم يرفع الراية البيضاء، وها هو يواصل إضرابه، لن يقطعه حتى تستجيب سلطات الاحتلال لمطالبه بالإفراج عنه وإعادته إلى موطنه مدينة القدس، وسبق أن رفض _ولا يزال يرفض_ العروض الصهيونية بالإفراج مقابل إبعاده خارج فلسطين، وهو متيقن أن هذا العرض هو عرض سياسي ديموغرافي بالدرجة الأولى، وهو ما تطبقه فعليًّا في مدينة القدس، بممارسة أنواع متعددة من الضغوط النفسية والمادية على المواطنين المقدسيين؛ لطردهم من المدينة وتفريغها تمامًا من الأثر الفلسطيني؛ كي تحل محلهم يهودًا، وهذه الخطة متزامنة مع المخطط الهيكلي للمدينة بفصلها كليًّا عن محيطها الخارجي للضفة الغربية؛ كي تكون مدينة يهودية بحتة، لا نقاش عليها، ومعروف أن مدينة القدس هي إحدى القضايا الرئيسة التي أهملت في اتفاقية أوسلو وباقي الاتفاقيات التي عقدت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتركت في يد الاحتلال لينفذ خططه لتوحيدها “عاصمة” لكيانه.

فالأسرى يدافعون عن أنفسهم بسلاح الصبر والجوع، ويخوضون معركتهم بأمعائهم الخاوية وبعقولهم المليئة بالوطنية، وبقلوبهم المؤمنة، وبمعنوياتهم العالية، وبعزيمتهم الصلبة، وبإرادتهم الصخرية، التي انحنى لها قيد وقضبان السجن، وكسرت عصا السجان، تعطلت أمامها آلة الاحتلال، ولكن للصبر حدودا، فمحنة الأسرى تنذر بإعصار مدمر لا يقدر الاحتلال أن يتحمل قوته ولا يستطيع أن يوقفه؛ لأنه قد يحدث فجأة، وقد أوشك أن يفجر انتفاضة الأسرى.

وبقي أن أُذكّر أن الأسرى تركوا وحدهم في معركتهم، وأصبحوا عندنا مجرد مناسبة نتذكرهم فيها، ونكتب عنهم، ونعتصم من أجلهم، ونعقد الندوات، ونقيم لحريتهم المهرجانات، وغير ذلك من الفعاليات والأنشطة الشعبية والرسمية، في داخل فلسطين وخارجها؛ لأن اليوم يصادف يوم الأسير الفلسطيني، فنحتفي بهم يومًا في العام، ونهتم بقضيتهم مرةً في السنة، نعلق صورهم، ونوزع أسماءهم، ونسرد بعض القصص عنهم، ثم نطوي ملفاتهم، ونغلق سجلاتهم، ونحتفظ بالشعارات التي رفعت، والصور التي علقت، لنعيد رفعها في العام المقبل، وكأن يوم السجين موسمٌ أو عيد، نحتفي به ونستعد له ونحيي ذكراه، ثم نلتفت إلى مناسبةٍ أخرى، وننسى أسرانا، وإن تذكرناهم ببعض الشيء يكن تذكرًا لا يرقى إلى المستوى المطلوب لنصرة قضيتهم.

فالمطلوب منا ليس يومًّا نخصصه للأسرى، بل المطلوب أن ننصرهم في كل يوم وفي كل موقف وفي كل مكان، فلماذا لا ندول قضيتهم ونفضح بها الاحتلال؟!، ولماذا لم نقاضه في المحاكم الدولية على ما يرتكبه من جرائم في قتل وتعذيب أسرانا، خاصة أننا أصبحنا اليوم ممثلين في مجلس الأمن ومعترف بحقنا في المحاكم الدولية؟!، وأقول بصراحة: ما جعل الاحتلال يتمادى في وحشيته وجرائمه ضد أسرانا هو تقاعسنا تجاههم وعدم دفاعنا عن قضيتهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...