ضريبة إلغاء اللقاء

الشباب الفلسطيني الواعي الذي تداعى عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر منابره الرائدة في الجامعات الفلسطينية، للعمل السلمي الرافض لزيارة مجرم الحرب الصهيوني شاؤول موفاز إلى رام الله الذي دفع، من دون شك، السلطة الفلسطينية إلى إعلان إرجاء اللقاء بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أجل غير مسمى، أبى إلا أن يثبت وجهة نظره من الحدث الذي انشغلت به الساحة الفلسطينية على مدى أسبوع مضى، بأكثر الطرق سلمية وحضارية، من خلال الدعوات إلى مسيرة تنطلق من قلب رام الله باتجاه مقر الرئاسة الفلسطينية “المقاطعة”، لتوجيه الرسالة للرئيس، مفادها رفض دخول هذا المجرم، الصرح الفلسطيني الذي حاصره في غمرة انتفاضة الأقصى، عام 2002، وداخله الزعيم الراحل ياسر عرفات.
لكن التطور الدراماتيكي للأحداث، الذي أخذ منحى المواجهة، بين المتظاهرين أنفسهم الذين وقفوا بالأمس القريب على باب “المقاطعة” ضد الانقسام البغيض بين جناحي الوطن الفلسطيني، وعناصر الأمن الذين واجهوهم بقوة، يضع ألف علامة استفهام على احترام مبدأ حرية التعبير المكفولة ثورياً في فلسطين المحتلة، قبل أن تشرّعها القوانين الفلسطينية على اختلافها، وعلى رأسها القانون الأساسي (الدستور المؤقت)، كما أنه يشرع الباب لعلامات التعجب والاستفهام والاستهجان.
هل دفع الشباب الفلسطينيون السبت الماضي، ضريبة نجاح ضغطهم السلمي المتواصل الذي أسفر عن إفشال اللقاء؟ وهل يدفع هؤلاء ضريبة فهمهم السليم لحقيقة “إسرائيل” ونواياها؟ وهل سيدفعون مستقبلاً ضريبة وعيهم الوطني؟ وهل بات الدفاع عن حرمة ضريح الزعيم الراحل، مع ما يمثله من بعد نضالي وتاريخي، ضد دخول المجرم الدولي الذي قاد إحدى أكثر عمليات الاغتيال الدولية سفوراً وانتهاكاً لأبسط المبادئ والأعراف الدولية، بحصار “المقاطعة”، ومن ثم التهديد الصريح باغتيال عرفات، أمراً يستحق العقاب؟
هل يحق لأي كان السماح لهذا السفاح الذي دمر المكان قبل عقد من الزمان بدخوله كأنه حمامة سلام؟
أية ضريبة غالية يدفعها الشباب الفلسطينيون ثمناً لوعيهم، ورفضهم للاحتلال الغاشم، وجرائمه التي لا يتسع معجم قانوني أو إنساني لعشر مفرداتها؟ وأي سلوك يقابل به مسعاهم السلمي؟ وأية وسيلة أخرى تبقت للتعبير عن نبض الشارع الفلسطيني؟ وما الذي كانت ستضيفه زيارة موفاز إلى مسار التسوية الذي حكم عليه هو ورؤساؤه بالوأد قبل الولادة؟ وما الذي يجعل من هذا القاتل مختلفاً عن رئيسه المباشر بنيامين نتنياهو، ووزير حربه إيهود باراك؟
التعاطي الأمني مع المسيرة السلمية الرافضة لزيارة موفاز كان إخفاقاً مطبقاً من السلطة الفلسطينية، خصوصاً بأن هذه المسيرة وضعت أمام القيادة الفلسطينية ما يمكن اعتباره دعماً من جهة، وتحذيراً من الجهة الأخرى، دعماً مفتوحاً للقيادة الفلسطينية وإعلاماً لها أن الشعب سيقف موحداً خلفها إذا جابهت تعنت وصلف “إسرائيل”، وتحذيراً من مغبة الرهان على رموز إرهاب الدولة المنظم “الإسرائيليين”، وتأكيداً لنبض الشارع الذي كلّ الدوران في حلقة مفرغة من المراوحة، وملّ الوعود الفارغة.
كان المفروض أن يبنى على هذا الحراك موقف معزز، يستند إلى نبض الشارع، بدلاً من مواجهته بهذه الطريقة، وكانت القيادة الفلسطينية ستجد صدى داعماً، لو ترك المتظاهرون يصلون إلى وجهتهم، ممثلة ب”المقاطعة”، وكم كانت النتيجة لتكون مختلفة، لو انبرت القيادة الفلسطينية لمشاركة هؤلاء المتظاهرين موقفهم، بدلاً من تحوير مجرى الأمور من الاعتراف بإفشال زيارة موفاز تحت الضغط الشعبي، إلى الحديث عن إرجاء حتى أجل غير مسمى تحت حجج أخرى.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...