الأربعاء 14/مايو/2025

ما وراء ألاعيب المجلس العسكري

جمال أبو ريدة

يشفق الكثير من المتابعين للشأن السياسي المصري، على الرئيس الجديد لمصر محمد مرسي، وذلك بسبب الصلاحيات المحدودة التي أبقاها المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة له، حيث ذهب الأخير إلى تشريع الكثير من التشريعات التي تقلص صلاحيات الرئيس إلى أدنى حد، وكان آخرها الإعلان الدستوري المكمل، الذي طوى حسب بعض القانونيين على أعجب وأغرب قواعد دستورية عرفها العالم طوال مائتي سنة ، ويشكل في حدوده الدنيا انقلابًا على ثورة 25 يناير، وعلى نتائج الانتخابات الرئاسية.

اعتقد أن المجلس العسكري الأعلى، يسعى جاهدًا وبكل السبل إلى إعادة إنتاج نظام الرئيس المخلوع مبارك، وذلك لسبب بسيط أن سقوط الرئيس المخلوع كان مسألة وقت لأسباب عدة، أولها الفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة وقوض أركانها، وواحد من مظاهر الفساد الكثيرة تلك، هي عملية النهب للمال العام من قبل أركان النظام، ما أثار “نقمة” كافة طبقات الشعب المصري ضده، والذي ظهر واضحًا وجليًا في يوميات الثورة المصرية، التي شاركت فيها كافة فئات الشعب المصري.

ولم يكتف نظام الرئيس المخلوع بذلك، بل عمد إلى عزل مصر عن محيطها العربي والإسلامي بكل السبل، وترك الأمة “فريسة” للمؤامرات الخارجية والغزو الأجنبي معًا، ولعل الاحتلال الأمريكي للعراق، وتقسيم السودان، وتدمير الصومال، والحصار والعدوان (الإسرائيلي) على غزة، هي أمثلة حية على الحالة التي انتهت إليها الأمة العربية، طوال ثلاثين عامًا هي فترة حكم الرئيس المخلوع، الأمر الذي تسبب بالإضافة إلى ما سبق في حالة غير مسبوقة من الغليان الشعبي المصري، إلى أن وجد المصريون طريقهم في ثورة 25 يناير.

اعتقد أن عملية التغيير في مصر ستكون عسيرة جدًا، حيث يريد المجلس العسكري إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بكل السبل والوسائل، ناسياً أو متناسياً أن المصريين أطاحوا بالرئيس المخلوع، رغم كل الحيل التي “دبرها” للبقاء في الكرسي.

ولعل الشيء الذي غاب عن المجلس العسكري، أن بقاءه في الحكم طوال الفترة الماضية ما كان، لولا توافق الشعب المصري على وجوده مؤقتًا إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية، ولعل الأمر الذي سيساعده على المضي في “غيه” أن هناك أطرافًا إقليمية، ودولية تدفع به “للتملص” من تسليم السلطة إلى الرئيس الجديد، انطلاقاً من قناعة أن عملية التغيير في مصر هي بداية النهوض العربي والإسلامي معًا، تضر بـ(إسرائيل) وبأنظمة عربية لم تستوعب بعد ثورة 25 يناير، وتحاول جاهدة إعادة إنتاج نظام المخلوع مبارك بدعم لا محدود للمجلس العسكري بشكل أو بآخر.

إن الرأي العام العربي الذي يرقب عملية التغيير في مصر عن كثب، وبات يدرك أنه ليس بالأمر السهل الذي كانت عليه العملية في تونس مثلا، وأن مهمة مرسي معقدة ودقيقة، ولكن الشباب العربي مطمئن أن “مرسي” يملك من الكفاءة والهمة العالية الكثير، للتغلب على الصعاب التي يضعها المجلس العسكري في طريقه يومًا بعد يوم، وذلك انطلاقا من أن الذي استطاع إدارة المرحلة السابقة بكفاءة عالية في مواجهة “الفلول”، يملك ما يكفي لإدارة المرحلة الحالية والقادمة بكفاءة أعلى.

ولربما طمأنة الشعب المصري على لقمة عيشه وأمنه في الفترة القادمة، تكفي لتبديد مخاوف الكثير من المصريين، من وصول الإخوان لكرسي الحكم، حيث استندت حملة شفيق الانتخابية في الكثير منها، على إخافة المصريين من إعادة مصر للوراء في حالة فوز مرشح الإخوان، الأمر الذي سيسهل على مرسي الكثير من الصعاب، ويزيد من الالتفاف الشعبي حوله.

ولعل من المفيد القول إن المجلس العسكري بهذه المواقف غير المسئولة، يريد الدفع بمصر إلى الوضع الذي كانت عليه الجزائر بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية عام 1991م، وتدخل الجيش لإلغاء الانتخابات، الأمر الذي تسبب في دخول الجزائر في نفق مظلم استمر لمدة 10 سنوات متوالية، وهي الأحداث التي تسببت في مقتل ما يزيد عن 150 ألف مواطن جزائري، و”سميت بالحرب العشرية السوداء في الجزائر”، ولا أعتقد أن مصر ستذهب إليها، ذلك أن الوضع الحالي في مصر قد مرت به تركيا قبل ذلك، واستطاع الإسلاميون خلال فترة قصيرة جدًا استعادة السلطة من “الجنرالات”، الذين انتهى بهم الأمر إما إلى السجون أو التقاعد. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...