الخميس 28/مارس/2024

من التنكر لحق العودة إلى إنكار وجود اللاجئين؟!

من التنكر لحق العودة إلى إنكار وجود اللاجئين؟!

ثلاثون عضواً في الكونغرس الأمريكي يقودهم الجمهوري مارك كيرك، تقدموا بمشروع قانون جديد، يقضي بإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، بحيث يقتصر التعريف على الجيل الأول من اللاجئين والمهجرين عنوة وقسراً عن مدنهم وقراهم وبلداتهم في الحرب الإسرائيلية – العربية (1948)… وبحسب بيانات هذه المجموعة فإن تعريف اللاجئ لا ينبغي أن يشمل أبناء اللاجئين وأحفادهم.
في العام 1948 تهجّر من فلسطين وإليها ما يقرب من المليون فلسطيني (800 ألف)، أصبح تعدادهم اليوم، بعد 62 عاماً من النكبة، ما يربوا على خمسة ملايين لاجئ، معظمهم مسجّلون على كشوف “الأونروا”، ويتقاضى جزءٌ يسير منهم، النزر اليسير من خدماتها المتآكلة باستمرار وفي مناطق عملها الخمس.
عضو الكونغرس يريد إحصاء من تبقى من جيل الآباء والأجداد اللاجئين….هو يعتقد أنهم لا يتجاوزون ثلاثين ألفاً في أحسن الأحوال، وبالنسبة إليه هؤلاء وحدهم من يستحقون مساعدة “الأونروا”، مبرراً بذلك طلباً بتخفيض مساهمة الولايات المتحدة في دعم ميزانية وكالة الغوث والتشغيل الدولية، وحفظاً كما يزعم، على أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، ودائما يأتي الحديث من بوابة “الشفافية” و”حق المعرفة” ؟!
نحن نعتقد أن مشروع كيرك يتخطى الجانب المالي المتواضع الذي يسعى في توفيره على الخزينة ودافع الضرائب الأمريكي…ونجزم بأن وراء أكمة كيرك ما وراءها…وما وراءها هنا يتخطى التنكر لحق اللاجئين في العودة و/أو التعويض، إلى إنكار وجودهم بالكامل.
والحقيقة أن بعض السادة والسيدات أعضاء الكونغرس الأمريكي، طالما برهنوا أنهم صهيونيون أكثر من الصهاينة أنفسهم… وأطروحات هؤلاء قلَّ أن تجد نظيراً لها، حتى في أوساط “الكنيست” الإسرائيلي…فإسرائيل تنكر حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم الأصلية داخل الخط الأخضر، لكن أكثر المتشددين في “كنيسيتها” لم يخطر بباله إنكار وجود اللاجئين… إنهم يريدون تحويل الكونغرس إلى نسخة أكثر تطرفاً وأصولية من “الكنيست” الإسرائيلي في عهد شاس وليبرلمان والمفدال وأغودات ونتنياهو وموفاز ؟!.
نحن إذن، أمام تطور خطير في موقف بعض جماعات الضغط اليهودية و”المتصهينة” داخل الكونغرس… صحيح أن الإدارة لم تقبل بأطروحات هؤلاء ورفضت مشروع القانون علناً…لكن التجربة التاريخية علمتنا أن “أول الرقص” أمريكياً، يبدأ بـ”حنجلة” في الكونغرس… ما يستدعي قرع مختلف نواقيس الخطر، ليس من قبل اللاجئين وممثلهم الوطني فحسب، بل ومن قبل الدول المضيفة للاجئين كذلك، والتي انتهى بها المطاف إلى استضافة الجيل الرابع من هؤلاء اللاجئين، جيل الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد الذي يطل برأسه من ثنايا اللجوء والشتات الكريهين.
في الأردن، البلد المضيف لأكبر نسبة من اللاجئين الفلسطينيين، يقرع هذا المشروع جميع نواقيس الخطر، أو هكذا ينبغي أن يكون عليه الحال… ويجب أن تتضافر الجهود والطاقات من أجل إحباط هذا المسعى، فحسب كيرك، لا يوجد في الأردن سوى بضعة آلاف من اللاجئين، الذين سيصبح ممكناً التخلص من “عبئهم” خلال سنوات قلائل، بفعل عامل الوفاة الطبيعية ومعدل عمر الإنسان في بلادنا، فماذا عن مصائر ملايين اللاجئين والنازحين والمهجرين، من الأجيال الثلاثة المتعاقبة؟!.
معاهدة وادي عربة، لم تدفن خطر التوسع والاستيطان والتهجير ومشاريع حل القضية الفلسطينية خارج فلسطين. والسلام الذي راهنّا عليه وما زلنا نراهن عليه، ثبُت أنه “خيط دخان” يتعين علينا التوقف عن مطاردته… فهل لدينا “خطة ب” لمواجهة هذه التحديات الماثلة والمُضمرة، قبل أن تنفجر في وجوهنا جميعاً، وتعيث في أمننا واستقرارنا وسيادتنا ومصالحنا ووحدتنا الوطنية، عبثاً وتمزيقاً ومصادرة وتبديداً؟!.
صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات