الأربعاء 14/مايو/2025

ابتزاز

ابتزاز

يثبت الكونغرس الأمريكي يوماً بعد يوم أنه ليس برلمان الولايات المتحدة وإنما “كنيست”، وجد ليكون في خدمة “إسرائيل” والمشروع الصهيوني، وقراره بحجب 200 مليون دولار من المساعدات للسلطة الفلسطينية يندرج تحت بند الابتزاز السياسي الذي يمارس على الفلسطينيين لثنيهم عن مسعاهم لإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 مع أن المفترض في الظروف الطبيعية أن تكون واشنطن وسيطاً نزيهاً بين الفلسطينيين و”إسرائيل”، لا أن تحاول مقايضة المواقف السياسية بالمال، والانحياز بشكل سافر ل”إسرائيل”، ولا يُعقل لأي برلمان في العالم أن يفرض عقوبات على شعب لأنه يريد حق تقرير مصيره وإنجاز استقلاله.

يأتي الموقف الأمريكي مفضوحاً لأن “إسرائيل” نفسها لم توقف تحويل الأموال للفلسطينيين، فلماذا يقوم الكونغرس بذلك؟ كما أن الأموال التي تقدمها الدول المانحة لمساعدة الشعب الفلسطيني، بما فيها تلك التي تقدمها الولايات المتحدة، هي استحقاق سياسي، بعد سكوت العالم عما جرى للشعب الفلسطيني، وباعتبار واشنطن راعية للاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير والكيان.

موقف الكونغرس هذا يذكر بالتصفيق الهستيري أثناء الخطاب العنصري الهجومي لنتنياهو أمام الكونغرس في مايو/ أيار المنصرم، وكيف استقبل بحفاوة لم يعهدها حتى في “الكنيست” نفسه، ما يشير إلى عقلية التطرف والعنصرية التي يكنها أعضاء برلمان “محررة الشعوب” لكل ما هو عربي أو إسلامي، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالربيبة “إسرائيل”.

المنتظر الآن هو موقف الإدارة الأمريكية نفسها من القرار، فهل ستستجيب لضغوط الكونغرس، أم أنها سترد القرار كما حدث عام 2006 بعد فوز “حماس” في الانتخابات البرلمانية؟ وهذا سيكون اختباراً أولياً لواشنطن في معركة الدولة الفلسطينية، فهل ستتوحد المواقف الأمريكية يمينها ويسارها، محافظوها وديمقراطيوها في مواجهة الحلم الفلسطيني؟.

الأكيد هو أن القيادة الفلسطينية لن تغير موقفها استجابة للضغوط الأمريكية، ولن تقف في وجه آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني وحقه الثابت في تقرير مصيره، و”معركة” مجلس الأمن ستكون فيصلاً في التاريخ، وتميط اللثام عن الوجه القبيح لواشنطن، لتثبت لمن لا يزال يعلق آمالاً عليها أنها أبداً لن تقف إلى جانب المظلومين، ولم تكن يوماً محررة للشعوب المقهورة.

مساعي أمريكا الحثيثة لإعادة الفلسطينيين و”إسرائيل” إلى طاولة المفاوضات تأتي كي تتجنب الإحراج باستخدام الفيتو في مجلس الأمن، خاصة أنها لم تطلق قبل ذلك أي مبادرة فعلية لإعادة إطلاق المفاوضات، ولم تسع لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، بل تتبنى وجهة النظر “الإسرائيلية” مئة في المئة، وترى أن المسعى الفلسطيني “خطوة استفزازية” كما عبرت عن ذلك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.

حتى تفكر واشنطن ملياً قبل إقدامها على أي خطوة، يتوجب على الدول العربية والإسلامية أن تكون لها بالمرصاد، عبر إعادة التفكير في العلاقات معها سياسياً واقتصادياً بالخصوص، وفي المقابل دعم الفلسطينيين سياسياً ومالياً لسد العجز في موازنة السلطة.

وينبغي على الفلسطينيين استثمار الموقف الأوروبي لمصلحتهم، خاصة أن الاتحاد الأوروبي داعم أساسي للسلطة، وموقفه من إعلان الدولة يميل إلى الفلسطينيين، مع نفوره في الوقت ذاته من “إسرائيل” وسياساتها، كما عبرت عنه صراحة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، بعد أن سئمت من تعنت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومناوراته، رغم أنها من أشد المتحالفين معه.

[email protected]

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...