الجمعة 29/مارس/2024

عرض كتاب: خطة الانفصال وانكسارها

عرض كتاب: خطة الانفصال وانكسارها

عرض: عدنان أبو عامر (خاص – مركز الزيتونة).
 
يناقش الكتاب بفصوله الثمانية أبرز محاور خطة الانفصال أحادي الجانب قبل خمسة أعوام، ويأتي في إطار إحياء إسرائيل للذكرى السنوية الخامسة لتطبيق الخطة، شارحا أبرز انعكاسات الخطة على: المجتمع الإسرائيلي من النواحي السياسية والأمنية والأيديولوجية.

ويتناول المشاركون في إصدار الكتاب طبيعة التغير الذي طرأ على “وظيفة” الجيش الإسرائيلي بعد تنفيذه الميداني للخطة، إلى جانب إلقاء نظرة على واقع التغطية الإعلامية الإسرائيلية لخطة الانسحاب، خاتما الحديث بأثر هذه الخطة على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

معلومات النشر:

عنوان الكتاب: خطة الانفصال وانكسارها
تحرير: د.”يعكوب بار سيمان طوف”
إصدار: مركز القدس لأبحاث إسرائيل
عدد الصفحات: 224 صفحة
لغة الكتاب: العبرية

وتأتي أهمية الكتاب من كون خطة الانفصال أحادي الجانب، أو الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية في الربع الأخير من عام 2005، تعتبر من أهم وأخطر الأحداث في تاريخ دولة إسرائيل، على الأقل وفقا لتعبير المحرر الرئيس.

فقد أقدمت الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرار تاريخي هو الأول من نوعه منذ حرب العام 1967 على انسحاب أحادي الجانب من مناطق محتلة، دون اتفاق ولا شروط مع العرب.

ومما جعل من الخطة تحولا استراتيجيا ومفصلا محوريا في السياسة الإسرائيلية، أن القائمين عليها، ساسة وعسكر، “خرقوا” عددا من الأركان الأساسية في النظرية الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، على حد تعبير المؤلفين.

وجاء هذه الخروقات الإسرائيلية كما جاء في الكتاب على النحو التالي:

1- انسحاب من أرض محتلة دون اتفاق، بعكس النظرية السائدة في إسرائيل منذ عقود، والقائمة على مبدأ “الأرض مقابل السلام”،
2- الانسحاب من قطاع غزة إلى حدود الرابع من حزيران لعام 1967، في خطوة مفاجئة، وبدون مقابل،
3- غياب الاعتبار الأمني في الانسحاب من المناطق الفلسطينية، لاسيما المواقع الحساسة على الحدود المصرية مع قطاع غزة،
4- تلاشي الأهمية الإستراتيجية للاستيطان اليهودي في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، خاصة من النواحي الأمنية والصهيونية.

ويرى الكتاب أن خطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة جاءت بعد مرور خمس سنوات على المواجهة الأليمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت أواخر العام 2000، في أعقاب فشل اتفاق أوسلو الموقع بين الجانبين عام 1993، وبمعنى آخر، يمكن النظر إلى الخطة على أنها التعبير الأكثر وضوحا عن فشل “إدارة حل الصراع” القائم بين الطرفين منذ عقود طويلة.

وما قد يمنح الخطة معاني تاريخية ودلالات إستراتيجية، أن الزعيم الإسرائيلي الذي بادر إلى إعلانها، وأشرف على تنفيذها كان “أريئيل شارون” الذي يوصف بأنه “رب الاستيطان” في إسرائيل، ما يدل على تحولات مفصلية في الخطاب السياسي والنظرية الأمنية لإسرائيل.

* تلاشي الدولة اليهودية

يركز الكتاب في جزء أساسي من فصوله على الآثار السلبية التي تركتها خطة الانفصال أحادي الجانب على المجتمع الإسرائيلي عموما، وعلى هوية الدولة اليهودية خصوصا، لاسيما وأن جهودا حثيثة بذلتها إسرائيل منذ العام 1967 للحفاظ على هذه الهوية والطابع، وإن شابها بعض من الخلل في السيطرة على شعب آخر.

وقد تعزز هذا الخلل، وزادت رقعته في القرار التاريخي بالانسحاب من أراض محتلة، وإخلاء مستوطنات يهودية كانت إلى أمد قريب مكونا رئيسا في هوية إسرائيل الدينية والقومية، سواء جاء ذلك من خلال اتفاقيات سلام ثنائية مع عدد من الدول العربية، أو من خلال انسحاب أحادي الجانب بدون اتفاق أو شروط.

وهو ما وجد فيه جمهور اليمين الإسرائيلي وعموم المستوطنين مساً خطيراً بمبدأ “سلامة الأرض” اليهودية، الأمر الذي أسفر في نهاية المطاف عن نشوء نزاع حقيقي بين منظري خطة الانفصال ومؤيديها من جهة، الذين رأوا فيها مقدمة طبيعية للحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية خالصة، وبين معارضيهم من جهة أخرى، الذين اعتبروها تهديدا جديا على المبادئ التي عاشوا في ظلها عقودا طويلة.

ورغم هذا النزاع الذي اتخذ أشكالا فكرية وأيديولوجية وسياسية داخل المجتمع الإسرائيلي، فقد تم تنفيذ خطة الانفصال بـ”عنف نسبي”، رغبة من جميع الأطراف بالحفظ على عدد من الخطوط العامة، وعدم تجاوزها، بما يهدد استقرار الدولة والحفاظ على نسيجها الاجتماعي والبنيوي.

إلى جانب ذلك، فقد كان لخطة الانفصال تأثير على دور مؤسسة الجيش الإسرائيلي في الوعي الصهيوني، لاسيما في ضوء النداءات التي انتشرت في أوساط المستوطنين وطالبت بمقاومة الجنود الذي سينفذون الخطة ميدانياً.

ولئن كانت الخطة بصورة عامة في قطاع غزة، جرى تطبيقها بعراك مقبول من الناحية الإعلامية دون الوصول إلى مراحل خطيرة بين المستوطنين والجنود، فإن الكتاب لا يقدم “ضمانات” بأن يبقى هذا المستوى من الرفض في هذه الحدود المتفق عليها مع الحكومة الإسرائيلية، إذا ما قررت الانسحاب من مناطق واسعة من الضفة الغربية في أي اتفاق متوقع مع السلطة الفلسطينية.

* “المهجرون” اليهود!

يناقش الكتاب في أحد فصوله ما شعر به المستوطنون الذين تم إخلاؤهم من مستوطنات قطاع غزة، وفضل المحرر أن يطلق عليهم لقب “المهجرون اليهود”، في إشارة إلى رغبته بالضرب على الوتر العاطفي للقارئ الإسرائيلي، وإظهار كما لو كان هؤلاء المستوطنون أصحاب أرض أصليين في قطاع غزة، وتم اقتلاعه منها، كما حصل مع اللاجئين الفلسطينيين عام 1948.

ويتطرق إلى الأبعاد النفسية والدلالات الشعورية لما ألم بهؤلاء المستوطنين بفعل إخلائهم، طارحا عدة تساؤلات هامة، من بينها:

– إلى أي مدى كان لخطة الانفصال تأثيرات سلبية على مشاعر المستوطنين تجاه المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، السياسية والعسكرية على حد سواء؟
– ما هي الخطوات التي قامت بها الجهات الرسمية والمجتمعية في إسرائيل لـ”ترميم” هذه الآثار، وعدم مفاقمتها، بحيث لا تتكون في الدولة “جيوب” داخلية ترفض الانصياع لقرارات الحكومة في قادم الأيام؟
– هل أن هذه الأضرار النفسية والأدبية من قبل هؤلاء المستوطنين باتت “بنت اللحظة”، أم أنها ذات مديات بعيدة، وستشعر بها إسرائيل الدولة في المستقبل؟

* فشل أخلاقي

يتطرق الكتاب إلى محور ذي أبعاد اقتصادية ومالية بالدرجة الأولى، من خلال ما أعلنته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بين عامي 2005-2009، عن نيتها تقديم تعويضات للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من قطاع غزة، مشيرا إلى أن نقطة الانطلاق في هذا المبدأ تتمثل في رغبة المستوى السياسي الإسرائيلي إعطاء ما يصفه بـ”الشرعية الأخلاقية” لخطة الانفصال.

رغم مصادقة الكنيست على الصيغة النهائية من خطة الانفصال، بتخصيص ما يقرب من 3.8 مليار شيكل، حوالي مليار دولار لتغطية نفقات نقل تسعة آلاف مستوطن يهودي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية إلى أماكن بديلة، وتعويضهم عن فقدان منازلهم التي أقاموها على حساب أراضي الفلسطينيين في تلك المناطق.

ويقرر المؤلف حقيقة أن الحكومات الإسرائيلية بصورة عامة فشلت في إدارة ملف التعويضات بصورة حكيمة ومقبولة، سواء كان ذلك من جهة الأرقام المقدرة للتعويضات، أو من جهة طبيعة التقديران ونوعيتها، ماديا ومعنويا.

وهو ما كان له أكبر الأثر في “تحشيد” المزيد من الرأي العام الإسرائيلي ضد أي انسحابات متوقعة، وإخلاء للمستوطنين، لأن تجربة إخلاء قطاع غزة قدمت نموذجا “سيئا”، ومعبرا عن فشل أخلاقي في إدارة مثل هذا الملف.

* إدارة الصراع دون حله

ينتقل الكتاب بعد مناقشة الأبعاد التنظيمية والإعلامية والعسكرية لخطة الانفصال، إلى الجانب السياسي الأكثر أهمية، من خلال طرح تساؤل جوهري ناقشه باستفاضة الفصل الثامن من الكتاب، وجاء على النحو التالي: “هل شكلت خطة الانفصال فرصة تاريخية حقا لـ”إدارة” الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟

في قراءة منه للأحداث التي سبقت وواكبت ونجمت عن تطبيق الخطة، يجزم محرر الكتاب في أنها لم تستطع تقديم إجابة شافية لجميع أطراف الصراع، بقدرتها على وضع حد للمواجهة الأليمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بدليل استمرار الانتفاضة، وتزايد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، ونشوء سلطة حماس في المنطقة التي انسحبت منها إسرائيل، وباتت تشكل تهديدا خطيرا عليها.

أكثر من ذلك، فإن هذه الخطة في بعض محاورها أدت –بقصد أو دون قصد- إلى تجميد العملية السلمية، وتوقف المحادثات السياسية، انطلاقا من القناعة السائدة أن خطة الانفصال هي قرار إسرائيلي بحت، ليس له ارتباط من قريب أو بعيد بأي مفاوضات قد تبدأ في المستقبل.

كما أن الخطة على الصعيد الإسرائيلي قدمت “كشف حساب” مكلف جدا للدولة، فلم تستطع تحقيق أهدافها السياسية والأمنية كما وضعها مصمموها والمخططون لها، ما أسفر في نهاية الأمر عن إحداث “انقلاب” في السياسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين منذ العام 1967.

ويطيل المؤلف من قائمة الشواهد التي تشير إلى فشل خطة الانفصال أحادي الجانب، ومنها أن الحرب على حركة حماس في قطاع غزة، تحت اسم “الرصاص المصبوب”، ووقعت خلال شهري ديسمبر كانون أول 2008، ويناير كانون ثاني 2009، اعتبرت المثال الأكثر وضوحا عن هذا الفشل.

كما أن بقاء حماس في غزة بهذه القوة العسكرية، يشكل تهديدا وجوديا لمئات الآلاف من الإسرائيليين، ليس فقط أولئك المقيمين جنوب إسرائيل فحسب، بل في وسطها ومركزها.

* المشاركون في الكتاب

يحتل الكتاب أهمية استثنائية في كونه لم يقدم وجهة نظر لمؤلف واحد، أو مدرسة سياسية واحدة، إلى جانب إحاطته بجمع جوانب خطة الانفصال: سياسيا، عسكريا، أمنيا، اقتصاديا، إعلاميا، وهو ما دفع  بـ”مركز القدس لأبحاث إسرائيل”، لتكوين هيئة من نخبة من الباحثين الإسرائيليين للكتابة في هذه الجوانب.

أهمية أخرى حصل عليها الكتب جاءت بفعل المشرف العام على إصداره وهو البرفيسور “يعكوب بار سيمون توف”، وهو باحث في العلاقات الدولية في الجامعة العبرية بالقدس، ويدير في الوقت ذاته “مركز سويسرا لأبحاث النزاعات”، وقد سبق له أن أصدر عشرة كتب ومؤلفات في النزاعات الإقليمية والدولية وسبل حلها.

أما باقي الباحثين المشاركين في تأليف الكتاب فهم: “كيرين تامير” الناطقة باسم جمعية حقوق الإنسان في إسرائيل، د.”يوفال كليش” باحث في شؤون إدارة المنظمات الدولية ويعمل مستشارا لشئون البنى الاجتماعية، د.”عنات فيرست” متخصصة في مجال الإعلام في كلية “نتانيا”، البروفيسور “ياغيل ل

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات