اللاحل هو استراتيجية حكومة نتنياهو

صحيفة الوطن السعودية
لم يتطرق بنيامين نتنياهو في برنامج حكومته الذي قدمه للكنيست الإسرائيلي للحصول على الثقة، إلى حل الدولتين، وعاد للحديث عن «السلام الاقتصادي» موضحاً أن حكومته ستعمل مع السلطة الفلسطينية في ثلاث مسارات متوازية: اقتصادية، أمنية وسياسية. وأشار إلى «أننا نتطلع للمساعدة في التطوير المكثف للاقتصاد الفلسطيني والعلاقات الاقتصادية بينه وبين إسرائيل، وسندعم آلية أمنية فلسطينية تحارب الإرهاب، وسنجري مفاوضات مع السلطة متطلعين للتوصل إلى اتفاق دائم… سنسير بطريق واعية، بروحية إيجابية، وبنية صادقة لوضع حد للنزاع». كيف ذلك؟ لا أحد يعرف. أما أفيغدور ليبرمان في اليوم الأول لتسلمه منصبه كوزير خارجية، لم يترك أي شك حول مواقفه، ففي حفل التسليم، قال كل لاءاته: لا لأنابوليس ولا لحل الدولتين، ولا للانسحاب من الجولان.
لا مجال للشك بأن حكومة نتنياهو اليمينية ستكون ذات سياسات متطرفة تجاه الفلسطينيين، وستكشف في أول اختبار لها وجهها البشع، ولن يغير شيئاً من هذا الوجه البشع انضمام حزب العمل إلى حكومته، فلا يستطيع هذا الحزب المنهار أن يشكل ورقة التوت لسياسات حكومة نتنياهو المتطرفة. ولكن السؤال الذي يُطرح في هذا المجال، أي سياسة يمكن أن تتبع حكومة نتنياهو تجاه المفاوضات؟
يصلح بحث كتبه البروفسور أفرايم عنبار ونشره مركز «بيغن ـ السادات» للأبحاث الاستراتيجية في جامعة بار إيلان حول تحت عنوان: «صعود وأفول نظرية دولتين لشعبين» أن يفسر السياسات التي يمكن أن تتبعها هذه الحكومة، حتى إنه يصلح أساساً تنظيرياً لها.
ينطلق البحث من الصراع التاريخي بين «عرقين» على أرض فلسطين ذاتها، وكان الحل الدولي لهذا الصراع، تقسيم فلسطين لدولتين بالاستناد للفصل بين الأعراق التي لا تستطيع العيش المشترك، ولكن الفلسطينيين رفضوا هذا الحل في ذلك الوقت. أما في الوقت الحالي فيعتبر عنبار أن فكرة الدولتين لشعبين ترتكز على فرضيتين تأسيسيتين: الفرضية الأولى، هي أن التسوية التاريخية بين الحركة الوطنية الفلسطينية وبين الحركة القومية الصهيونية هي في متناول اليد وأن الدولة الفلسطينية المفترضة ستعيش بسلام إلى جانب “إسرائيل”. الفرضية الثانية، ترى أنه في حال توفر الفرصة لديها لبناء دولتها، فإن الحركة الفلسطينية ستختار تحقيق هذا الهدف كحل نهائي.
فيما يتعلق بالفرضية الأولى، من الواضح للجميع تقريباً أن مواقف الطرفين حول المواضيع الجوهرية، القدس، اللاجئين والحدود، غير قابلة للحسم. لن تتمكن أية حكومة إسرائيلية من الصمود أمام استحقاق تقسيم القدس. هذا الأمر كان مستحيلاً في تموز 2000 قبل الانتفاضة الثانية، وقبل حروب العقد الأخير، وقبل فشل فك الارتباط وصعود حماس إلى الحكم، وهو سيكون بشكل أولى مستحيلاً اليوم ضمن أية تركيبة سياسية إسرائيلية، حتى لو كانت الأكثر يسارية.
ويعتبر عنبار، أن مئات آلاف اليهود عبر الاستيطان في الضفة الغربية خلقوا واقعاً هناك غير قابل للتغيير تقريباً. كما أن مستقبل غور الأردن، الذي يشكل منطقة فاصلة طبيعية بين “إسرائيل” وبين العالم العربي بأجمعه (مثل سيناء في الجنوب) من حيث القدرة على إدخال الجيوش إلى داخل “إسرائيل”، هو أمر خلافي.
حتى القيادة الفلسطينية التي تُعتبر معتدلة لم تستوعب جوهر فكرة الدولتين، أي دولة واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين. يرفض أبو مازن على الدوام فكرة أن تكون “إسرائيل” دولة يهودية. هذا من الاتجاه العلماني؛ أما الاتجاه الديني المتطرف، فإن حماس ترى في وجود “إسرائيل” نوعاً من التجديف.
يشير عنبار بشكل أساسي، إلى وجوب الاعتراف بأن الوضع الإسرائيلي السياسي والداخلي اليوم لا يحتمل الحل. لا يوجد لكل الصراعات حل متوفر وفوري. لأجل ذلك، الحل الأكثر احتمالاً لهذه العقدة هو إدارة الصراع عن كثب عبر كبح الإرهاب، منع التصعيد، المطالبة بالتغيير في النظام التعليمي ووسائل الإعلام الفلسطينية فيما يتعلق باليهود و”إسرائيل”، على أمل أن يجلب المستقبل على أجنحته بدائل أفضل.
هذا الحل الذي يصل إليه عنبار، هو اللاحل، إدارة الصراع، ولا شك بأنه اكتشاف متأخر، وهو أصلاً لا يمكن اعتباره كشفاً لعنبار ذاته، فأي متابع لسياسات “إسرائيل” منذ افتتاح المفاوضات، يصل إلى النتيجة التي وصل إليها عنبار، من أن “إسرائيل” على مدى السنوات الماضية كانت تدير الصراع، وستبقى كذلك لسنوات قادمة تفعل ذلك. لأن “إسرائيل” لا تريد أن تعيد للفلسطينيين حقوقهم، ولا تريد أن تعترف بها أصلاً، وأفضل حل لهكذا تفكير استيلائي، هو التسويف وإدارة الصراع، وهذا ما ستفعله حكومة نتنياهو خلال ولايتها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...