الأربعاء 14/مايو/2025

هيئات المجتمع المدني العربي في مواجهة الحصار

هيئات المجتمع المدني العربي في مواجهة الحصار

صحيفة الخليج الإماراتية

أصدرت الأمانات العامة لكل من: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية، بياناً مشتركاً موجهاً للأمة العربية مطالبة هيئات المجتمع المدني حيث وجدت في الوطن العربي بالتحرك السلمي لرفع حصار الجوع والحرمان المفروض ظلماً وعدواناً على مليون ونصف مليون مواطن عربي في قطاع غزة، ابتداء من يوم الجمعة 19 ديسمبر/كانون الأول الحالي. ومن المقرر أن تكون فاتحة فعاليات الحراك الشعبي خطب الجمعة في مساجد الوطن العربي للمكانة التي يحتلها المسجد في الدعوة للحق ومناهضة الظلم ومناصرة المظلومين والتصدي للغزاة والطغاة عبر تاريخ الأمة الممتد. ثم تعقب ذلك مظاهرات سلمية في عموم الوطن العربي وأنشطة اجتماعية وثقافية تطالب برفع الحصار غير المشروع حيث أمكن ذلك.

والمؤتمرات الثلاثة بالشخصيات المنتسبة إليها تمثل أحزاب الوطن العربي ونقاباته وهيئاته الاجتماعية، فضلاً عن أنها ممثلة للأمة جمعاء بشخصياتها وما تعبر عنه. وخطابها كما جاء في بيانها المشترك موجه بالأساس للنظام الإقليمي العربي، باعتبار أن الحصار مفروض في الأرض العربية، وعلى الشعب العربي، وبمشاركة مباشرة وغير مباشرة من بعض أعضاء النظام الإقليمي العربي. وهو موجه لأحرار العالم على اختلاف جنسياتهم وألوانهم وأديانهم وانتماءاتهم السياسية كون الحصار عدواناً سافراً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لمساسه الخطر بحق شعب فلسطين المشروع باختيار ممثليه في مجلسه التشريعي، فضلاً عن تناقض الحصار مع اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949.

وكانت المؤتمرات الثلاثة قد عارضت الحصار منذ الإعلان عن فرضه، ليس انتصاراً لحماس كما يروج البعض، وإنما انتصار لمليون ونصف مليون مدني عربي يعاقبون لأنهم مارسوا حقهم المشروع بانتخاب ممثليهم، في انتخابات جرت تحت رقابة دولية.

ولقد أوضحت الأمانات العامة للمؤتمرات الثلاثة في البيانات الأولى الصادرة عنها أن الحصار غير مشروع ليس فقط لمجافاته الصارخة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة، أو لكونه شكلاً من أشكال إبادة الجنس المحرمة دولياً، وإنما أيضاً لأنه أٌسس على اشتراطات أمريكية صهيونية، سوقتها “الرباعية الدولية”، وكل منها غير مشروع في ضوء ما ينطوي عليه من تجاوز صريح للقانون الدولي.

فشرط الاعتراف بحق “إسرائيل” بالوجود، شرط يتجاهل المطالبون به إن “إسرائيل” لم تحدد بعد حدودها السياسية. والسؤال والحال كذلك: أي “إسرائيل” مطلوب الاعتراف بها هل هي “إسرائيل” ضمن حدود قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الذي أصدرته في 29/11/1947؟ أم هي “إسرائيل” المتجاوزة لحدود التقسيم باحتلالها ما يجاوز 50% من القسم العربي بموجب القرار الدولي، ومنطقة القدس المفترض أنها دولية؟ وهل يجوز طلب الاعتراف ب”إسرائيل” وهي الدولة الأكثر عدواناً على الشرعية الدولية سواء باقتراف صناع قرارها السياسي والعسكري لجريمة التطهير العرقي بالتهجير القسري لما يقارب 68% من الشعب العربي الفلسطيني في حرب 1947 – 1948 أو بامتناعها عن تنفيذ القرار 194 الذي قبلت عضواً في الأمم المتحدة عندما أعلنت التزامها بتنفيذه. ثم إن الاعتراف ينبغي أن يكون متبادلاً ليكون مبرراً، فهل اعترفت “إسرائيل” بالوجود الطبيعي والتاريخي للعرب في فلسطين، وأن 92% من مساحتها ملكاً للاجئين يتصرف بها “حارس أملاك العدو”؟ أم أقرت بأن القدس الشرقية والضفة والقطاع أرضاً محتلة، والاستيطان فيها مخالف للقانون الدولي؟ وأن يكون كل ذلك من حقائق الواقع فإنه ليس من الواقعية في شيء المطالبة بالاعتراف بحق “إسرائيل” بالوجود قبل أن تفي قيادة وتجمعاً استيطانياً بالالتزامات السابق بيانها كافة.

وشرط وقف المقاومة، المسوق تحت شعار وقف العنف، شرط غير مشروع حين يطلب ممن هم تحت الاحتلال، لتناقضه مع حق المقاومة المشروع في القانون الدولي. فضلاً عن مجافاته لحقائق تاريخ الإنسانية عبر الزمن الممتد، إذ ليس من شعب وقع تحت الاحتلال إلا وقاوم محتليه. بل إن لشعوب الدول الأعضاء في “الرباعية الدولية” تاريخاً مجيداً في مقاومة الغزاة والمحتلين. وعليه فشرط وقف المقاومة غير مشروع ما دام الاحتلال قائماً.

تلك كانت مسوغات الأمانات العامة لكل من المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية، في رفضها حصار الجوع والحرمان ومواصلتها المطالبة برفضه. وقد شكلت في يوليو/تموز الماضي لجنة لمتابعة المطالبة بفتح معبر رفح برئاسة د. سليم الحص، رئيس وزراء لبنان الأسبق، وعضوية جميع أعضاء الأمانات العامة للمؤتمرات الثلاثة وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية عربية معروفة. ثم عززت ذلك بتواجدها الفاعل في “الملتقى العربي الدولي لحق العودة”، الذي أولى حصار غزة اهتماماً خاصاً، وأكد أن المسؤول تاريخياً وأخلاقياً عنه ليس فقط صناع القرار الأمريكي والأوروبي، الآمرين بالحصار، وإنما أيضاً كل من التزم بقرار التحالف الدولي المعادي، وأسهم في الإبقاء على حصار الجوع والحرمان أياً كانت أسبابه.

وحين تتصدى هيئات المجتمع المدني العربي ممثلة للأمة لحصار الجوع والحرمان، فإنها إنما تتصدى للحصار المفروض على الأمة وإرادتها السياسية بالسكوت عن حصار مفروض على بعض الأرض العربية، وضد الشعب العربي، والذي ما كان ليتواصل لولا القعود العربي عن التصدي لما يمثله من عدوان على حق المقاومة المشروع دولياً. والسؤال الأخير: هل تنجح هيئات المجتمع المدني العربية في كسر الحصار المفروض على الإرادة السياسية للأمة العربية أنظمة وشعوباً وليس فقط على قطاع الممانعة والصمود؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...